خاطرة

ياسمين نازف بقلم:”بتول حسين ابو عرابي”

 

?بتول حسين أبو عرابي
?سوريا
?خاطرة بعنوان ياسمين نازف

ماذا لو أنّك استيقظت غدًا تحديدًا، لتجد ذاتك لم تعد سوريّاً وأنك لم تكن يوماً ابن هذه البلاد؟!
لو أنّك لم تولد سوريّاً، كنت لتودع أشخاصًا أقلّ،كنت لتحزن أقل من هذا، لتبكي، لتهذي، أقل من هذا بكثير، لتوقفت عن ممارسة انفصامك اتجاه القطع الأجنبي، لن يكون منطقياً أن أقول أنك لو لم تكن سوريّاً لكنت سعيداً، إلا أنّني أستطيع الجزم بأسباب حزنك!
أيتها الجريحة.. يا سوريا البائسة أنا ها هنا قد ولدت في طينك ، وكم أخشى أن أموت فيه، أن أموت بعد إنسانيتي، بعد توقفي عن عدّ الجثث واليتامى، بعد توقفي عن سؤال ذاتي، ترى كم شخصاً أبدل عشاءه بالدواء الليلة؟!
مرهقة أنا من عد وجوه الراحلين والعودة لذكرياتهم… مرهقة من أحلام أصبحت متواضعة بسببك..
ساخطةٌ على أيامي التي تكرّر ذاتها، وعلى أبي الذي سرق منّي حريّتي، على الحدود على الحشود، على جواز السفر، على إقامتي المؤقتة، ساخطةٌ على أشباهي وأشباههم، على السلاح، على الدّماء، على رائحة الشواء التي تفوح يوميّاً من بيت جارتي، ساخطةٌ على حزني الذي يعي، ولا يعي… ساخطةٌ على أحلامي التي شكّلت وجسدي قبران متوازيان، ساخطةٌ عليك وعلى نارنجك وياسمينك!
صدّقيني لن أذكرك بهما… لن أذكرك سوى برائحة الدّم والبارود..
أأعلّل كل هذا بالقدر! لا لقد كنت مخيرة في الهرب منه.. لكنكم أبيتم وأرغمتمونا على البقاء بحجّة وطنٍ دمّرنا ودمّرناه… بحجّة كرامةٍ لا أدري ما الذي بقي منها بعد بقائنا هنا!
صدّقوني لهذا تحديداً أعطانا الإله عقلاً وأمرنا بإعماله… كثيرون غيرنا هم الآن في مكانٍ آخر سعداء وفي قمّة نجاحهم فقط لأنهم قرّرو الرحيل.
كفاكم تمسكاً بأفكارٍ واهية… ما من شيءٍ يدعى الوطن الأم!
وحده المكان الذي يؤويك ويحتضنك ويدعمك لتكون الأفضل هو وطنك.
لو أنّك لم تكن يوماً ابن هذه البلاد… صدّقني لما كنت ساخطاً إلى هذا الحدّ!

إقرأ أيضا:“حسناوات آدم” بقلم كاميليا كامل محمد (خاطِرة)

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
“إليها فقط” بقلم العنود محمّد مراد (خاطِرة)
التالي
“من غصّة فؤادي إليك” بقلم حنين نجيب أبو سرحان (خاطِرة)

اترك تعليقاً