خاطرة

طفلة الحرب بقلم اريج محمد الحناحنه

    طفلةُ الحرب..
    نَتقلص ونُقصف ونَختفي مِنْ حين لِآخر.
    تتلاشى أجسادُنا بينَ معالم الحياة نركضَ مُختبئين بين التُراب ونرى يداً مِنا دُفنت ولَم تَسطع رؤية الضوء مرة أخرى ،خائفة لا مُحال العالم غيرُ مُكترث لأصواتنا، نخمدُ أنوار شبابنا، أرى جسدي حاضناً نفسهُ ليلاً، لَطالما ليست لِدى أبي يداً تحضُنني، اليد الخائف التي دُفنت في جوارِ بيتنا
    نركضُ وكل مرة إلى إتجاه مختلف يرمي بنا أرضاً، أجسادنا هُلكت وتَطلب العفو مُستنجدة بِالنجدة، الأيام تلعنُ بِنا وتزفُ أحلامنا، تَعزف الناي على أنينِ وجعنا لِيصل صوتهُ إلى بُقاعَ الأرض لَكن لم نرى النجدة، فرَ الصبر مِنا وباتَ الليل كابوسناً، اللعنة الأخرى لعنة الأحلام، كابوساً راودني كل ليلة أرى شقيقتي دُفنت تحتَ سَقف منزلنا لحناً حزين يُصدَر، كان صوتها يبدأ بالانخفاض شيئاً فشيء وفجأة لم يعد يصدر ذلك الصوت، سقف الأمان أصبح سقف الموت
    شاخت ملامحنا ونحن ندق أبواب العشرين وطفلُ سنين أصبح الطفلُ الكبير، نحنُ إلى وطناً سقى جذورنا حباً ونحنُ إلى أقدامنا التي دُفنت، إلى سماع صوت الأذان، أذان الفجر “الله اكبر الله اكبر” ونهرول لِلهروب من صوت القصف
    وهل نُحاط بالأمان!
    وإلى أي اتجاه الآن ؟
    رائحة الموت تتجول حولنا، ولا تترك بلادنا
    تخطفُ شهداء والدماء تُنعش الأرض
    ذهبت يدا أبي وذهبت قدمي ودفنتْ شقيقتي تحتَ جدران منزلنا ، أكان لِلتراب حق بهم أكثر منا؟!!
    وما زلنا نركض والحياة من بين أيدينا تخطف، أروحنا لكِ يا حبيبة قلبنا، أراكِ قوية يا فلسطينية.

    إقرأ أيضا:“صدفة قدر وربّما حب” بقلم أسمهان عماد الحموري (خاطِرة)

    اريج محمد الحناحنه

    Leave your vote

    Comments

    0 comments

السابق
أيا قدس بقلم اريج محمد الحناحنه
التالي
التخصصات الجامعيّة الاكثر طلبا في المستقبل

اترك تعليقاً