رقصة جلستُ بعيداً عما كان يحيطني من الناس، فقد كانت روحي روحاً هائمة نائحة كالريح المولولة في الخريف ، تاركةً للدموع تسيلُ في قلبي لا على وجنتيّ ، والليلُ صيفياً بِلَورِياً، ومع هذا كان ليلاً حزيناً حزناً صدئاً يسممُ أحشائي ، حتى سمعتُ صوته الذي كان كصوتِ البلبل أبو الحِن أمسكَ بيدي عندما كنتُ جالسةً وحدي في آخرِ القاعةِ هناك، فقط في تلك اللحظة قد تغيَّر كل شيء وأحسستُ بنداوةٍ في قلبي … أمسكَ بها وقبَّلَها ، وقال لي : ما بالُ الزهرة شاردةً في أجواءٍ كُلُها أنغام وألحان؟ … فنظرتُ إليه بعينينِ لامعتين وقلتُ له: كنت أفكرُ بك شاردةً بخيالي معك، فضحِكَ وقال : تفكرينَ بي وأنا هنا وأمام ناظريكِ، لم أكن أعلم أنكَ هنا وأنكَ ستأتي حتّى، أجبته : كنتُ خائفةً من ألاّ تأتي أضَفت، وراحَ يُمسكُ بيدي وبدأَ يُراقِصُني كما بدأتُ أُراقِصُه .. تمايَلنا على الألحانِ المتنوعة كالمياه المُنسابة، لم نكن نرى من حولنا من شدة تناغمنا بخطواتنا المائلة وأيدينا التي تُلامسُ بعضها تارةً، وأُخرى ترتفعُ بالهواء، كنا نرقص ونرقص كما الأحلام، وأنا بين يديه كالريشةِ تحملُها النسمات، وقلوبَنا تنبض مُعلِنةً استسلامها في تلك اللحظة ، لم نرغب يوماً بالرحيل من عالمنا ذاك.. وقررنا والبقاء والسلام.
إقرأ أيضا:نص نثري بقلم شيماء المجدلاويComments
0 comments