خاطرة

“أختي” بقلم ميس الريم سامي زريقات (خاطِرة)

حاولتُ دائماً أنا أشرحَ لأختِي الصّغرى أنّ أمّي تحبّها كما تحبّني، ولكنّها دائماً ما تضحكُ على كلَامي، ربّما حبّ أمّي الزّائد لي ناتجٌ عن كوني الطّفل الأوّل بعد حرمانٍ دامَ لعشر سنين، إضافةً لكوني متفوقاً في دراستِي، مجتهداً، مطيعاً لها دائما، ذو منظرٍ لائق،ولا أسبّب لها الإحراج بحركاتي الغير مفهومةِ في الأماكنِ العامّة مثل أختِي، أختِي تصغرنِي بثلاثِ سنين، كسولةٌ بعضَ الشّيء، انطوائيّة، سمينة، لسانهَا سليط، ذاتُ مزاجٍ صعب، حاولتُ تحسينَ علاقتِي بها مراراً، أجلب لها الهدايا، أقاسمها ألعابي وأحاول اللّعب معها دائماً، وكلّ ذلك كانَ بلا فائدة، أظنّ أنّ حبّ أمي الكبير لي ومدحها الدّائم أمامَ الجميع هوَ سبب ذلك، فقلّ ما تذكر أمّي أختي إلّا بالسّوء أو لتقارنَ بينها وبيني، سبّب ذلكَ شرخاً في علاقتِي بها، فهي تظنّ أننّي آخذ أمّي منهَا وأتعمّد ذلك، يا لسخفهَا، عيد ميلادِي العاشر كانَ اليوم فاصطحبنا أبي إلى الشّاطئ لنحتفلَ، ارتديتُ ملابسَ السّباحة واتّجهتُ نحو البحر إلّا أنّ أمي أصرّت على أن أصطحبَ أختي معِي، رغمَ رفضِها القاطع بالقدوم، قدِمَت معي على مضض وهي تُتمتم بكلماتٍ غير مفهومة، ربّما كانَت تلعن كعادتها، لَم أعطِ بالاً لها، وقفرتُ بالبحر، وما إن قفزت حتّى قفزت فوقِي، حاولتُ ضربها ركلها لتبتعدَ عنّي، ولكنّها لم تكن تبتعد بل تهمسُ: أمّي لي أنا، لي وحدِي، حاولتُ أن أتكلم أو أبعدها عنّي فلم أستطع، فكلّما تحرّكت أكثر كانَت تخورُ قواي ويزداد احتياجِي للهواء إضافة إلى أختي الّتي تصبحُ أثقل مع مرورِ الوقت، الآن وأنا مستلقٍ على أرضيةِ البحرِ الباردة، ويحيطُ بي الظلام من كلّ جانب، وأرى أطياف غوّاصين بعيداً عنّي يبحثونَ عن شيءٍ ما، وأسمعُ صوتُ أمّي من بينِ نواحها وبكائها تقول، طفلي وطفلتي، أرجوكم، كانا هنا، لن يموتَ ولداي، أريد أطفالي،
رأيتُ أختِي تستلقِي بجانبي، تحدّق بي باستغراب، وتقول : يبدُو أنَّ أمّي كانَت تحبّ كلينا، خسارة ظنّنتها تحبّك أنتَ فقط.

إقرأ أيضا:تخاريف ليلية، بقلم: كوثر بن فطيمة. ” خاطرة”

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
زيارةٌ على غير عادة بقلم:”نوال عبدالله العظامات “
التالي
“بلدي نشاز” بقلم دينا محمّد المالطي(خاطِرة)

اترك تعليقاً