مقالات ونصوص متنوعة

قصة قصيرة بعنوان: لا احد كأمي، بقلم: أسماء نضال ثلجي.

رفعت رأسي للسماء كانت تلك عادة تلازمني كلما شعرت بضيق .زرقة السماء وصفائها مع كتل القطن البيضاء التي تزينها وتداخل أشعة الشمس كان ذلك امتزاجاً رائعاً يشعرني بالتحسن ملأت رأتاي بالهواء يشغل بالي دوامة من الأفكار منذ عملي كطبيبة لم اشهد أقسى من ذلك كيف لي ان أصرح لوالدة المريض بهذا الخبر ؟ كانت والدته امرأة كبيرة في العمر غزت التجاعيد وجهها وأحاطت عينيها ،كانت امرأة بسيطة طيبة وبشوشة الوجه . روت لي قصة ابنها ذات يوم قالت ” والله يا بنتي هالولد ما اجاني الا بعد ٢٠ سنة حرمان ” كان ابنها يافعا بالثامنة عشر من عمره كنت أراها دائما وهي لا تكاد تفارق كرسيها بجانب سرير ابنها كانت تقول له دائما ” لا تخاف يما هاي برد وشوية تعب مش اكتر ” كاد قلبي يتقطع حينها وانا التي اعلم انه أكثر من ذلك بكثير كانت الأبتسامة لا تغادر وجهها ابدا تحتضن ابنها وتغمره حناناً وتجعله ينام بين يديها وكأنه طفل صغير كانت قوية دائماً فرغم أنها قضت مع ابنها أكثر من أسبوع في المشفى إلى اني لم أرها تشتكي من شيء يوما في بداية قدومها رفض الأطباء إقامتها مع ابنها بهذا الشكل فذلك يخالف القانون ولا يوجد مكان مناسب لذلك لكنها رفضت الرجوع الى المنزل وأصرت على البقاء إلى جانبه دائما ، ذات يوم مررت بجانب غرفة المريض لأتحقق منه فوجدتها نائمة على كرسي بلاستيكي قديم وتركن رأسها إلى حجر ابنها وهي ممسكة يده لم استطع أن اتمالك نفسي فانهمرت العبرات ساخنة على خدي حينها ، وفي مرة أخرى سمعت انين بكائها المكتوم كان ذلك قاسياً علي فقد كانت ذات الوجه الضاحك دائما ولم تبدي المها يوما ، سألتها ذات يوم هل تحبينه لتلك الدرجة يا خالة ؟ قالت وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة راضية ” اكيد يا بنتي هاد الوحيد الي ضايل لي بهالدنية ” كان كلامها رغم وجعه صحيحا فقد توفى زوج المسكينة منذ زمن وكذلك والداها بعد أن وصلت إلى هذا العمر وكل من كان لها من أقرباء هو اخوها الوحيد الذي كان على حد علمها يعيش في الولايات المتحدة . كنت دائما أشفق عليها واحببتها بكل صدق فقد كنت انتظر انتهاء وقت عملي بفارغ الصبر لأجلب وجبة الغداء لنا فنتناولهما معا وهي تروي لي قصص ابنها ومشاكساته، كانت تقرأ القرآن دائما واراها تبكي وهي تدعي بشفاء ابنها ، كنت أرى كم هي ام عظيمة فقد استطاعت أن تربي ولدها وحيدة وقد تحملت كل كلام الناس القاسي بعد أن أصبحت أرملة ولم توافق على الزواج بتاتا كل ذلك لأجل ابنها كيف لي أن أقول لها أن مرضه خطير وان الخلايا السرطانية تتكاثر بجسمه سريعا كيف لي أن أقول إن ولدك الوحيد الذي تحبينه بهذا القدر لم يتبقى له إلى مجرد عدة أيام أو أسابيع لا اكثر؟.

إقرأ أيضا:هُنا فِلَسطينْ بقلم: جنى عماد مسعود *نص نثري”

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
رابط التقديم لسلفة طارئة وزارة التربية والتعليم
التالي
أجمل دعاء للقارئ الشيخ نورين محمد صديق رحمه الله

اترك تعليقاً