مقالات ونصوص متنوعة

رحل أبي فانطفأتُ، بقلم الآء عبد الجبار كايد

رحل أبي فانطفأتُ
إلى تلكَ الروحِ التي غادرتنا قبلَ أن نكتفي منها:
أما شعرتَ بأنّ رحيلكَ يا وحيدَ الفؤادِ مُبَكِّرٌ كثيرًا؟ لماذا تركتنا في مُنتصفِ الطريقِ نُجابهُ صعابَ الزمانِ وحدنا؟ لماذا رحلتَ و تركتَ قُلوبًا تأنُ شوقًا، عيونًا تذرفُ دمعًا، و ألسنةً لا تكفُ عن ذكرِ محاسنكَ و الدُعاءِ لكَ؟ لا زلنا عالقينَ في أثرِ صدمةِ رحيلكَ، فيصعبُ علينا تقبلها أو مواجهتها، كيف و متى و لماذا رحلت؟
أما تعاهدنا على البقاءِ سويًا و إمضاءِ الكثيرِ من الوقتِ معًا؟ أما كُنّا ننوي أن نُضيءَ برفقةِ بعضنا البعض؟ و الآنَ و بغيابكَ انطفأ الجميعُ، خيَّمَ الحُزنُ أرجاءَ منزلنا و حلَّ الظلامُ المُريب، فبالرغمِ من تعددِ مصادرِ الإنارةِ فيهِ، الا أنّهُ مُنطفىءٍ بشكلٍ مُخيفٍ، تأملنا مليًا فاتضحَ لنا أنّه ما من شيءٍ يُنيرُ بيتنا و يبهجهُ سواكَ يا حبيبَ الروحَ و ساكنها.
ودّعتكَ و كُلُّ جُزءٍ داخلي يناجيكَ بالعودةِ، احترقت روحي وجمًا بوفاتكَ، كان خبرُ رحيلكَ الأبدي واقعةً تهزُّ كيانَ من علمَ بها، و تُزلزلُ روحهُ و تُشتتها، و تجعلها تتساءلُ بحسرةٍ و حزنٍ، لماذا انتَ؟ لماذا رحلتَ مُبكرًا؟
و لو خطّت اقلامي العديدَ من الرسائلِ و النُصوصِ، لن أُقدِمَ على وصفِ بضعٍ من متاهاتِ الشُعورِ التي سكنتْ داخلي، رحيلكَ يا عزيزي شرخٌ في الروحِ يصعبُ التئامُهُ و إنْ مرّتْ بهِ الأزمانُ، ستبقى ذكراكَ داخلي و كأنّكَ هُنا تعيشها معي، و إن باتَ التُرابُ مُستقرًا لجسدكَ، فقلبي مأوى لروحكَ، ستسكنني طالما حييتُ، سأحملكَ داخلي بشغفٍ دونَ كللٍ يا من أستحقَ الحُبّ بكُلِّ ما أوتيتُ من عواطفٍ، سأذكركَ بالخيرِ كُل حينٍ، سأستحضرُ ذكراكَ كل حينٍ، سأدعو لكَ لأنيرَ عتمةَ لياليكَ، لأكونَ أنيسةَ وحدتكَ.
ستبقى حيًا داخلي ما دامَ بي روحٌ تضجُ بالحياةِ، سأُبقيكَ داخلي بمأمنٍ لأقدرَ على تجاوزِ صعابِ الأيامِ يا قوةَ الروحِ و يا إلهامها و يا كُلَّ شيءٍ لها.
رحمكَ اللهُ و جمعنا بكَ في جنّاته يا من أبتْ الروحُ أن تتقبلَ فكرةَ إيابهِ إلى من خلقهُ، رحمكَ اللهُ يا من وددتُ أن أحيا برفقتهِ عمرًا فوق عُمري، لكنّ القدرَ شاءَ رحيلهُ قبل أن أمضي برفقته الكثير، رحمكَ اللهُ يا عزيزي، و إلى اللقاءِ يا رفيقَ القلبِ.
الآء عبد الجبار كايد

إقرأ أيضا:صوم يوم عرفة

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
ضحية ورق، بقلم: محمد جاد.
التالي
نصٌ بلا عنوان، بقلم: ديما ناجح الصمادي

اترك تعليقاً