Funny

نص نثري بقلم سارة الجعفري

ظلام…
أين أنا! الحُلْكَةُ شَدِيْدَةٌ هُنَا ،لا نُجُومَ و لا شمس و لا قمر؟ يبدو أنّني في مكانٍ مغلقٍ لكنّهُ باهتٌ مُكْفَهِرٌ لا شيء فيه سوى الظّلمة.
سِرتُ بِرَوِيَّةٍ أتحسّسُ ملامِح ما حولي من أشياء فأنا لا أتمكّن من رؤيةِ باطن يدي حتى. هزّاتٌ في المكان و أصواتُ ضرباتٍ سريعةٍ لا أعلمُ مصدرها، و أسمعُ أيضاً صوت طفلةٍ في مكانٍ ليسَ ببعيدٍ عني، أسمع نَحِيْبَهَاْ!
ناديت :هل من أحدٍ هنا؟
لم يجب أحدٌ و صوتُ بكاءِ الطّفلةِ الباخِعُ لا يزالُ مستمِرّاً، نادَيْتُ بصوتٍ أعلى: أتسمعينني يا صغيرة؟
ارتفع صوتُها فجأةً و كأنّها تقترِبُ منِّي لكنّني لا أراها. الإهتزازاتُ في المكانِ لم تتوقّف إلى الآن و صوتُ النَّحِيب مخلوطٌ بصوتِ الضّربات يُوْشِكَانِ أن يفجّرا رأسي.
لمحت نوراً بدأ يشعُّ بجانبي فالتفتُّ و اذا بالطفلةِ تقترب لتجلس أمامي، لكنّ الغريب في هذه الصّغيرةِ أنها تشبهني و كأنّني أمام مرآة! تنهّدتُ بضيقٍ و استجمعتُ قِوايَ و سألتُها: من أنتِ و أينَ نحن؟
قالت بصوتٍ مهزومٍ مُتّرِع بالآلام : أنا أنتِ، أنا أنتِ قبل أن أرى أحلامي تطفو على سطوح خيباتي بعد وفاتها مقتولةً إثرَ حادِثِ غرقٍ شنيع، أنا أنتِ من الداخل… دون أقنعة و ابتساماتٍ مزيّفة تلقي أثقالها فوقَ قلبكِ، أمَّا عن مكانِنا فهُنا قلبُكِ، ينبض و يهتزُّ و يرتَعِشُ دون جدوِى فملامِحُكِ خرساءُ لا تستطيعُ البَوْحَ بِما يجري هُنا.
سامحيني فلن أقولَ شطَطًا و لن أهلِكَ روحكِ فيَّ عودي من حيثُ أتَيتِ فشكلكِ مرعِبٌ تحت أقنِعة الرّغَد و الرَّخاءِ المزيّفان، عودي فملامِحُ وجهِكِ تمكّنني من رؤية بشاعةِ داخلكِ، عودي…

إقرأ أيضا:نص نثري بقلم عبير محمد الخليف

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
احذروا من البخل في المشاعر. د. اسامة الرقب (Open list) (0 submissions)
التالي
نص نثري بقلم هنادي خليل الكومي

اترك تعليقاً