خاطرة

رجل شرقي ، بقلم:عبادة الحميدي

رَجُلٌ شَرقيٌ
إنَّها الخامِسةُ فَجراً
يُشرِقُ الغسقُ خِلسَةً، تتساقطُ الأوراقُ من بين يدي، أغفُو على ثغرِِ الذاكرةِ، ترحَلُ جميعُ الأدلّةِ الّتي كانت لَدَي، الأدلّةُ الّتي تُجرِّمُني بِكِ، وتُجرِّمُكِ بي.
ليسَ لديَّ بُرهانٌ أو دليلٌ، فأنتِ بريئةٌ الآنَ كبراءةِ الذّئبِ مِن دَمِ يُوسُف، لكنّكِ استغرقتِ الكثيرَ مِنَ الوقتِ، ودُستِ على قلبٍ أهداكِ الحُبَّ ورداً، لتُثبتِ لي برائَتَكِ مِنْ ذنبٍ اقترَفَتهُ يداكِ، وعن عِشقٍ ما كانَ على هواك.ِ
أثبتِّ برائتَكِ مِن ذَنبٍ تلطّختْ بهِ يداكِ بالأوجاع، ورحلتِ كما أتيتِ غريبةَ الأطوارِ.
بالكادِ أعرفك البارحة، ولكنّني بِتُّ أجهلُكِ اليوم.ْ

ليسَت هذهِ تصرُّفاتكِ،
ليسَت تلكَ التصرُّفاتِ المجنونةَ، الطُّفوليَّةَ، الحمقاء.
أصبحتِ أكثَرَ نُضجَاً وأكثَرَ فَهمَاً للحياةِ مِنَ الحياة، وأكثرَ إدراكاً وتأنٍّ.

لم أعُد أعرِفُكِ إلّا مِنْ شَيءٍ واحدٍ، أَلا وهُوَ ذاكَ البريقُ الذي يشِعُّ مِنْ عينيكِ، مِن تلكَ العينانِ السوداوَتان اللّتانِ وقعتُ بِهِما مِنذُ الأزلِ، وهُما سَببُ تعاستي وشقائِي.

عرفتُكِ منهُما، فلقد غَيّركِ الزّمنُ كثِيراً، فلم يَعُد لديكِ تِلكَ اللّهفَةُ المجنونَةُ لي، ولمْ تعودِ تكترثينَ لتدخينيَ
السجائرَ بكثرة.
لقد أصبحَ هنالِكَ ما يشغلُكِ عَنِّي، وأصبحتُ أنا اللّاشيء.

لم يعُدْ ليَ وجودٌ عندَكِ، شطبتني من ذاكِرَتِكِ، وَحَتّى الماضي حذفتِهِ بِكُلِّ ما أُوتيتِ.
ِ
أيُّ قَسْوَةٍ هَذِهْ، وأيُّ رُعُونَةٍ تِلكَ الّتي تمتازينَ بِها، وأيُّ جَبروتٍ، أنتِ طاغيةٌ على هيئَةِ أُنثى لولا تلك الضحكةُ
الّتي تُعيدُكِ مَلاكاً.
أيُّ متجبِّرةٍ أنتِ لولا تلكَ النظرةُ الَّتي هِيَ ليَ هلاك.
أيُّ بَشَرٍ مِنْ حَجَرٍ أنتِ، وأيُّ فَسوَةٍ تُعاملينَنِي بِها.

إقرأ أيضا:أجمل الخلقِ بقلم:” آيات مصطفى الفوراني”

أنا رجُلٌ يا سيِّدتي ..
أنا رجُلٌ يا سيِّدتي ..
قلبي ليسَ حجراً
قلبي اشتاقَ
أعلَنَ الودَاع.َ

لمْ تعودِ أنتِ
تغيَّرتِ كثيراً، ولِوهلَةٍ لمْ أعُدْ أعرِفُكِ لولا تِلكَ العينان.

لكنّي بَقيتُ قابِعاً في مكاني، ولم أتحرّك وَلَوْ قِـيْدَ أُنْمُلَةٍ لأنّكِ أخرجتِني مِن حياتِكِ، ولم أعُدْ موجوداً في ذكرياتِكِ، ولا في ماضيكِ، أخرجتِني مِن مُستقبلِك ِ
وكأنِّي لا شَيء
وكأنِّي لا شَيء
بقلم: عبادة الحميدي

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
ثقل الارض ذهبا،بِقَلَمِ: دُعاء الأقرَع.
التالي
تمتمة خيالي،بقلم:صابرين ماهر الحسنات

اترك تعليقاً