خاطرة

أشواق من داخل الزنزانة بقلم محمد لطفي الجمزاوي

أشواق من داخل الزنزانة

ها أنتِ ذا يا عمري تُقذَفين من رحمِ العيوب وتجيئين من عمق الذاكرة، تجوبين أرجاء فكري وتدورين في ساحات نبضي، هنا من بين القُضبان والجدرانِ ومن متاهات هذه الأفكار أناديكِ وفي القلبِ غُصّة يبتلعها الحنين، ولهيبٌ يثيره احتضار السكون.

مشتاقٌ مشتاقٌ وكم أشتاق إليكِ، كنتُ على وشك النّوم ولكن صورتكِ باغتت مُخيِّلَتي، منعتني من ذاتك، متّكِئًا على القضبان، على الجدران، أحاول حجب دمعةٍ تحرّكت.

في نفسي أمنياتٌ لربّما تكون في الوقت الرّاهن ميّتة، فسَرَتْ في عروقي نشوةٌ تصاعدت على إثرها تيّارات الألم في ضلوعي، وقبل أن أمسك قلمي ثانية وأستجدي بلاغة الشعر وحروف اللغةِ وجّهت نظري لسقف الزنزانة وتخيّلتُ وجه القمرِ بأنوثتكِ، ونظرتي هذه لم تمكث في عيني، بل وصلت إليكِ هناك حيث أنتِ خارج القضبان.

رحت أراجع ألبوم الصور في مُخيّلتي الذي يفوح منه عبق الماضي ويسيل منه لُعاب الذّكرياتِ، أخدت أتجاهل بعض الصّور وأتأمّل بعضها الآخر وأجْهَشْتُ بالبكاءِ متأثّرًا بريح الذّكرى ورعشة الحنين، شعرتُ بالحاجة الماسّة لاستنشاق أنفاسكِ العالقة في دماغي.

بحثتُ داخل الزنزانة عن طيفك لعلّي أحظى باحتضانه والدّموع في عينَي، جلستُ في بُطانة الزنزانة في عمق الليل ألتفتُ، أتأوّهُ، أبكي، أصرخُ، أحتضنُ الفِراشَ شوقًا لبناتي والدموع تملأُ عيناي ويداي ترتعشان شوقًا لاحتضانِكُنَّ.

إقرأ أيضا:حوار مع الأدبية الجزائرية رانيا بوراس

بعدها ذهبتُ أجرّ قدماي للفراش ثملًا حيثُ الدموع أفقدتني صحوتي وصوابي.

محمد لطفي الجمزاوي

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
طريقة لصنع مرطب الشفاه
التالي
ما هو الفرق بين الفانيليا البودرة و الفانيليا السائلة

اترك تعليقاً