مقالات ونصوص متنوعة

الموضوع عن استيقظ هيا

فاطمة حكمت معالي

فلسطين،،

نص أدبي نثري

 

العنوان ‘استيقظ هيا!’

يَضيعُ منا وَقتُنا، و لا نَلتَفِتُ لِمَا يَنقُصُ يومَنَا، نَنسى أَنَّ هذا الوَقتُ الَّذي نَعيشُهُ جُزءٌ من عُمرِنا، نُبادِرُ بِالمُماطَلَةِ وَ نَتَنازَلُ عَن رَغَباتِنا أَمامَ هاجِسِ الكَسَلِ، أَمامَ مواساتِنا لِعُقُولِنا، أَنَّنا سَنَفعَلُ ما تَطْمَحُ لَهُ آمالُنا، نَنسى كَأَنَّ الزَّمَنَ لَنا و مَعَنا و سَيُعَوِّضُنا، نَترُكُ ذَا حَقَّنا وَ قد تَنازَلنا عَن وَقتِنا، نُضَيِّعُهُ باستِهتَارٍ وَ نَعلَمُ أَنَّنَا غيرُ راضِيينَ عن أَنفُسِنا، نَقولُ نَعَم غَداً سَأَفعَل، وَ نَستَحدِثُ سعادةً منَ العَدمِ كَأَنَّنَا فَعَلنا، وَ نَنامُ وَ يَأْتِي الغَدُ وَ نَطْمَحُ في غَدِ غَدِنَا، وَ نَنسَى وَ نَتَوانا عَن حَقِّنا، وَ إِذ بِها سِنينُ عُمرِنا تَمُّرُ، قَدْ ضاعَتْ لَهفَةُ سِنِّنَا، قَدْ ضاعَ جُزءٌ مِن اسمِنا وُ تاريخُنا امتَلَأَ بالصَفَحاتِ الفَارِغَة، الَّتي لَم يَملَأها إلَّا الغُبار، وَ لا زِلنَا نَنسَى وَ نَستَمِرُّ على نَمَطِنا، إِنْ لَم تَحدُث فَازِعةٌ تُيقِظُنا فَنَحنُ مُستَمِرُّون دونَ أَن يلفِتَنا الأَمر، تَضيعُ السّاعاتُ وَ يقتُلُها الفَراغُ، وَ في كَثيرٍ مِنَ اللحَظاتِ نَطلُبُ مِنَ الوقتِ أَن يُسعِفَنا، ماذا سَيَفعَلُ لَنا الوَقتُ؟ هل سَيَتَضاعَفُ من أَجلِنا أَم أَنَّهُ سَيُنجِبُ لنا مِنهُ أَكثَر! وَ إِذا امتَلَكنَا الفُرصَةَ نَعودُ وَ نَنسى وَ نَترُكُ الأَمرَ لِآخِرِ لَحظةٍ دُونَ خَجَلٍ، وَ نَعِدُ أَنفُسَنا بعد شِدَّتِنا أَنَّنا لَن نُعاوِدَ الكَرَّة، وَ سَيَكُونُ لَنَا مِن أَحداثِنا الماضِيةِ عِبرةً، ما أَن نَخرُجَ مِن حَبسِ الضِّيقِ الذي فيهِ وُضِعنَا، إِذ بِنا بِلا خَجَلٍ نعودُ وَ نَنسَى، لا أُنكِرُ أَنَّ الإنسانَ خُلقَ مِنَ النِّسيانِ، وَلكنَّ هَذا لا يَعنِي أَن تَكُونَ لَحظيَّةً ذاكِرَتُنا، نَحنـ فَقَط نَقتُلُ كُلَ القُدراتِ و الطَّاقاتِ التي في دَاخِلِنا، نَملكُ الرَّغبَةَ وَ لكنْ لا دَوافِعَ، لا مُحرِّكَ يُلهِمُنا الإِنطِلاقَ، غيرَ أَنَّ الحَظَّ قَد يُلاقِي أَنفُسَنَا، وَ نَستَخرِجُ من أَعمقِ الأَرضِ أَسمَى الدَّوافِع، فَيُصبِحُ لِحَياتِنا سَبَبٌ وَ غايَةٌ، يُصبِحُ لِوُجُودِنا حِكايَة، وَ الأَملُ سَيُرافِقُ كُلَّ صَباحٍ مُشرِقٍ يَطلُعُ عَلَينَا، وَ بِدُونِ طَلَبٍ يَتَضاعَفُ الوَقتُ و يُبارَكُ فيه، وَ الإِنجَازاتُ البَسيطَةُ وُ الكَبيرَةُ سَتَتدَافَعُ في الطَّريقِ مُلَوِّحةً لكَ أَنْ مُبارَك، قد حَصَدتَ وَ بِقُوَّةٍ لِأَحلامِكَ طالَبت، آمالُكَ التي رَسَمتَ وَ سِرتَ بها حتى وَصَلت، استَيقِظ هيَّا!

إقرأ أيضا:فوائد البقدونس لعلاج مشاكل البشرة

أَنتَ في سُباتٍ، جَميلٌ الخَيالُ… وَ لكنْ قُم إِلى الواقِع، امتَلِك كَثيراً من القُوى وَ الدَّوافِع، هاجِم وُحوشَ الخَوفِ وَ التَّرَدُد، اقتُل كُلَّ سَببٍ يَجعَلُكَ تُماطِل ، هيَّا انطَلِق…

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
الموضوع إلى زوجي المستقبلي
التالي
ظننتك ملاذي الوحيد، بقلم :رنا إبراهيم رومي

اترك تعليقاً