مقالات ونصوص متنوعة

زفاف، بقلم : أليسار مظلوم

أخبروني أن اليوم زفاف، زفافٌ كبير لي، على ابن أحد المسؤولين الكبار ذو المكانة التي تليق بي وبعائلتي، كما قالوا، نظرت إلى ذلك الطوق  الثمين الذي يخنقني، وددت لو أحرر نفسي منه، والبياض الذي أرتديه فلا أدري  هو فستانٌ أم كفن؟ أهو حقاً زفافي أم وفاتي؟  ادركت أنه زفافي حقاً عندما أتت إحداهن إلى غرفتي وتقول لي  هيا نجهزكِ الليلة ستبدين أجمل  عروسٍ  في العالم، أراهنكم أنهم دفعوا لها لتقول لي هذا، أراهنكم، اشتروا كل شيءٍ رخيصٍ أم غالٍ كان في هذا العالم ، ولكنهم عجزوا عن شراء مشاعرَ لهم! أين أجد مكاناً يبيع مشاعراً في هذا العالم؟ بالله عليكم فقط بعضاً منها لهم، وضعوا الكثير من مساحيق الزينة على وجهي، حتى أنها أخفت ملامحي، أحسست وكأنها على وشك النفاذ من هذا العالم ويريدون تخبئة ماتبقى منها على وجهي!ماذنب ملامحي؟ كيف لو أنكم رأيتم داخلي ترا كم من المساحيق كنتم لتحتاجون؟، طوال الحفل كنت أتصرف وكأنني أحد الحضور، أكيدٌ لست العروس، إنهم فقط يمازحونني ونحن نلعب، ولكن أنتهت الحفلة فأدركت أنه ماكان لهواً ولالعباً وأني ميتةٌ لامحالة، سرتُ  في موكب جنازتي، وأستغرب النسوة اللاتي يطلقن الزغاريد والرجال الذين يباركون لأبي على حسنِ اختياره لقاتلي،  أنتم هنا أترون، هذه جنازة! جنازةٌ والميت هنا قلبي المكفن بصدري، لم يأبه أحدٌ  واستمروا هكذا إلى أن  اوصلوني لسجنٍ  قالوا لي أن هذا بيتي، وهنا سأحبس لباقي عمري،  لاطريق للخروج سوا الموت، وهكذا أمضيت عمري، أتجرع سنيناً من الألم والخذلان، ليتني تمردت عليهم، ليتني تمردت على عاداتهم وتقاليدهم السخيفة وقتلتها وتزوجت ذلك الفقير الذي أحبه، فقير المال ولكنه كان غنياً أقسم لكم كان يملك مالم يستطيعوا شراءهُ يوماً، كان طفلي حتى قبل أن أصبح أماً! كنت صغيرته المفضلة، كان جزءاً من قلبي، ليتني قتلت نفسي حينها وما تزوجت كومة المال هذه، واليوم وأنا على فراشِ الموت، أظن أن حريتي قريبة، أستطيع الموت مرتاحةً الآن جميع أطفالي زوجتهم لمن يحبون، لن ينجبوا أطفالاً سينجبون السعادة والكثير من الحب لهذا العالم، أخيراً نهايةٌ سعيدة لموتٍ دام أعواماً، علمتُ أن أكبر أطفالي  الذي لم أنجبه قد  سبقني ومات قبلي، أترون أخبرتكم أنه يحبني، سبقني ذهب يجهز لنا بيتاً في الجنة، أعتذر سأغادر الآن، لقد أتى ويطلب مني الإستعجال في خطواتي  قبل أن يرانا أحدٌ منهم فيسرقني منه مرةً أخرى، أمسكت بيده وانطلقنا هاربين منهم لن يستطيع أحدٌ الإمساك بنا هذه المرة، ثم  يصدح صوت الجهاز الموجود في غرفتها ليعلن توقف نبض قلبها، وينادي الطبيب في الغرفة، سجلوا ساعة الوفاة و التاريخ، وضحكت دون أن يروها  وقالت وهي تنظر نحو صاحب الصوت : بل ساعة ولادتي حضرة الطبيب، ساعةُ ولادتي!

إقرأ أيضا:الحفرة، بقلم: رشا السبيعات

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
بعد منتصف الليل، بقلم : ابراهيم نعسان
التالي
غريزة البقاء، بقلم : سلام الشيخ محمد

اترك تعليقاً