Funny

نص نثري بقلم ليث بشيش

“مشاهد متكرره”

الْمَشْهَدُ ذَاتُهُ يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ، شِتَاءٌ بَارِدٌ، وَعَيْنَانِ لَا تُبْصِرَانِ مَا وَرَاءَ الضَّبَابِ، وَالْأَمْسُ أَفْضَلُ مِنْ الْيَوْمِ، لَكِنَّ الْعَاشِقِينَ يَتَجَدَّدُونَ وَيُولَدُونَ كُلَّ يَوْمٍ، وَحِينَ يُحَاوِلُونَ الْخُلُودَ إِلَى نَوْمِهِمْ، لَا يَسْتَطِيعُونَ لَا قِيَمَهُ لِعَدَدِهِمْ فَهُمْ كَثِيرُونَ، لَا يُمْكِنُ لِلشَّخْصِ أَنْ يُحْصِيَهُمْ.

لَا يَطْلُبُونَ مُسَاعَدَةَ أَحَدٍ، يَنْتَظِرُونَ تِلْكَ الْأَصْوَاتَ الَّتِي تَبْحَثُ عَنْ مَا يُحِبُّونَ لَكِنْ تَعُودُ لَهُمْ الْخَيْبَةُ مِنْ جَدِيدٍ، فَيَعُودُ صَدَى صَوْتِهِمْ كَمَا هُوَ لَكِنْ تَصْطَحِبُ مَعَهَا تِلْكَ الْجِرَاحُ الَّتِي تَبْدُو وَاضِحَةً جِدًّاً عَلَى مَلَامِحَ وُجُوهِمْ.

لَكِنْ هُنَاكَ مَنْ يَهْتِفُ مِنْ بَعِيدٍ وَيَقُولُ: مِنْ حَقِّ الْعَاشِقِ أَنْ يُحَارِبَ عَنْ غَرِيزَةِ عِشْقِهِ أَمّا الْعُشَّاقُ فَيَقُولُونَ لِهَذَا الَّذِي يَهْتِفُ تَأَخَّرْتْ وَيَهْتِفُونَ بِدَوْرِهِمْ مِنْ حَقِّ الشَّخْصِ الَّذِي عَشِقْنَاهُ أَنْ يُدَافِعَ عَنْ حَقِّهِ ضِدَّنَا بِالصُّرَاخِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتَهُ لَكِنْ بِالْجِهَةِ الْمُقَابِلَةِ يَسْمَعُ صَوْتَ الْأَذَانِ يَعْلُو شَيْئًاً تِلْوَ الْأُخْرَى.

يَصْعَدُ صَوْتُ الْأَذَانِ مُعْلِنًاً لِلصَّلَاةِ أَنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ، يُعْلَنُ عَنْ تِلْكَ الْجِنَازَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ وَعَنْ تِلْكَ التَّوَابِيتِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى عَجَلٍ وَتَصِلُ إِلَى تِلْكَ الْقُبُورِ فَتُدْفَنُ عَلَى عَجَلٍ أَيْضًاً، أَتَتْ هَذِهِ الطُّقُوسُ عَلَى عَجَلٍ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ وَقْتٌ لِإِكْمَالِ هَذِهِ الطُّقُوسِ فَإِنَّ أَعْدَادَ الْعُشَّاقِ الْقَتْلَى كَثُرَ وَهُنَاكَ، الْمَزِيدُ مِنْنُهُمْ قَادِمُونَ.

يَأْتُونَ عَلَى عُجَالَةٍ مُسْرِعِينَ بِسَبَبِ غَارَاتِ الْعِشْقِ، الَّتِي تَسَبَّبَتْ فِي هَلَاكِهِمْ سَيَكُونُونَ مِنْ عَائِلَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مِنْ جَمَاعَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، يَتْرُكُونَ خَلْفَهُمْ يَتَامَى عِشْقٌ آخَرُونَ لَا يَعْلَمُونَ مَاذَا سَيَحِلُّ بِهِمْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، السَّمَاءُ سَوْدَاءُ دَاكِنَةٌ أَعْلَنَتْ حِدَادَهَا عَلَيْهِمْ، أَمَّا لَوْنُ دِمَاءِهِمْ الَّتِي نَزَفَتْ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ الْعِشْقِ الَّذِي تَسَبَّبَ فِي هَلَاكِهِمْ حَجَبَتْهُ مَجْمُوعَةٌ مِنْ الذُّبَابِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، حَتَّى لَا يُعْرَفَ سَبَبُ هَلَاكِهِمْ مَا هُوَ.

إقرأ أيضا:نص نثري بقلم رقية مفتاح

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
نص نثري بقلم محمد الفرج
التالي
نص نثري بقلم ياسمين وفاء

اترك تعليقاً