مقالات ونصوص متنوعة

غريزة البقاء، بقلم : سلام الشيخ محمد

عندما تخرجُ من رحمِ أمّكَ تبدأُ بالصّراخ ثم البكاء.

 تراوغُ مع الحياةِ بابتداع الألم لتهبكَ الأمل ..

في أيّ حال، لا ضير في ذلك، هذا هو مبدؤها، تبكيك، لترمي لك الصّدقة  عنوة على هيئة فتات سعادة..

ولجهلك بماهيّة الحياة تنحني وتلملمها أثناء حبوك.

ترسمها بسمة على ثغرك بعد كل مناغاة من والديك.

 لا تدري أنّ ثمن تلك الابتسامة باهظ، باهظ جدّاً..

 مع الأيام ستكتشف الأمر بنفسك.

يواجهكَ الموتُ مراراً.
وفجأة ستكتشفُ أثناء المواجهة غريزة خبيثة يقولون أنّها تدعى “غريزة البقاء”..

أعلم أنّك تتساءل لمَ أنعتها ب “غريزة خبيثة”..

حسناً، إنّها كذلك ، أو على الأقلّ هكذا أراها.

ستتعثّر الآن و لاحقاً بها..

في سنّ الخمس سنوات ستأكل وجبة “سيريلاك” مخصّصة لشقيقكَ الأصغر لأنّ والدتك لم تعدّ طبق البيض المسلوق الخاص بك، ستشعرُ بالجوع ولن تقاوم.

 غريزة ما تدفعك لالتهام الطبق دون أدنى تفكير ببكاءِ  شقيقك الذي يملأ العمارة، لن تفكّر بالجوع الذي يشعرُ به، كلّ ما يهمّك الآن هو أن تأكل لتبقى على قيد الحياة، وعلى ذات المنوال ستتعثّر بمواقف لن يهمّك فيها ماهية وحياة الشيء الذي تأكل حقّه..

المهم هو بقاؤك على قيدِ الحياة.

إقرأ أيضا:أَنامِلي متمرِّدة، بقلم: بشرى يوسف

تكبر شيئاً فشيئاً، تفركُ عينيكَ مِراراً..

الكثير من الأشياء الغريبة التي تتغلغلُ في نفوس البشر..

في البداية وعند ولوجك للمرحلة الابتدائية ستجد صعوبة في تكوين علاقاتك مع الآخرين، ستعرف معنى الاختلاف.

لن تكن المميز دوماً، فيبدأ والديك بنهركَ لتكون الأميز.

لا يعلموا أنّهم بذلك يقطعون جذور شخصية في بدايات نموّها بمنجل الاستنساخ.
“عليك أن تكون مثل فلان لأحبّك”
“لا تتبع خطى ذلك الفتى إنّه فتى سيء الخلق”
يزرعون في رأسكَ تلك الفكرة دون أن يشيروا إلى سيئات ذلك الفتى، وكيفيّة إصلاحكَ ونصحكَ له ليمشي في درب الصّلاح.

أيّها الطّفل المسكين أشفقك!!!

عليكَ أن تكون الطّفل المطيع لتلك الأوامر وتكوّن شخصيتك على مزاج والديك دون رأي تتبنّاه وتدافع عنه..

تستمرّ حياتك على هاك النّحو لتصل إلى المرحلة الجامعية نسخة عن كل من مرّوا بك لكن؛ ليس أنت!

لم يقدّم والديك شيء مبتكر ومفيد للعالم.

سلبوكَ شخصيّتكَ صغيراً، وجعلوك تشتمُ إتيانهم بك على هذه الدّنيا يافعاً، لا تتفاءل، ستعيد الكرّة أنت أيضاً أيّها الأبّ المستنسخ.
أحسِن اختيار زوجتك علّها تشذّ عن القاعدة فتربّي أطفالك على نحوٍ سليم معافى من المقارنة مع الغير.
وإن لم يحدث هذا ستستمرّ اللّعنات على هذه الحياة بالتّوالد.
لا جديد.!
لا جديد دائماً
حيوانات عاقلة تصارع لتبقى على هذه الأرض.

إقرأ أيضا:طريقة طبخ الفاصولياء الحمراء

غريزة البقاء خبيثة، ستستمرّ بالدّفاع عنها لأن أجدادك فعلوا هذا أيضاً..
لا مناص.

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
زفاف، بقلم : أليسار مظلوم
التالي
اشتِيَاقٌ_مُلوِّع، بقلم: محمد أيوب’ نص نثري

اترك تعليقاً