مقالات ونصوص متنوعة

حَسرةٌ مُرَّة.. بقلم: سِدرة عامر السمرة

الواحدة على توقيت الحسرة، مستلقياً على السرير الخشبيّ، وكلّ ما أراه في هذه اللحظة هو سقفٌ أبيض.
أقل بأشواط من أي شيءٍ كان من المفترض أن أراه.
أعدُّ الدقائق الفارغة الّتي لطالما تتحول إلى سنين كما حدث في سالف عمري، وأراقب الحياة وهي تفوتني، ببطءٍ ببطءٍ ببطء.
بينما العالم يسير في الخارج بسرعةٍ بسرعة.
أراها تتسرب من بين أصابعي كما يتسرب الماء الجاري عبر النهرِ الراكد.
الماء سيكملُ دورته، سيجري حتى يتحول إلى محيط شاسع، النهر وحده من سيبقى نهراً راكداً وسرعان ما سيجف في أولِ يومٍ مشمس.
أنا الماء الراكد الّذي يقارب على النّفاذ، ولم أرَ من العالم سوى مدينةٍ كئيّبة وبعض الحمقى.
لم أرى يوماً حقول الخزامى ولم أسابق خيلاً على سهل أخضر، لم تداعب الرياح شعري فوق أحد الجسور ولم أسمع ترّنيمةً يتّلوها مشردٌ ابتغاء بعض القروش.
لم أقف يوماً على سطح تلة ولم أتنفس على متّنها الصّعداء، لم أراقص الطيرَ ولم أسمع يوماً عنّدلة العندليب، لم يسبق لي أن وضعتٌ قدماً خارج مدينتي ولم أصعد سيّارةَ أجّرة قاصدةً لا مكان.
فاتتني شعوبٌ وقبائل وثقافات وأماكن ومشاهد كانَ عليّ أن أراها..
حتى الغيوم الّتي أحبّها لا تزور مدينتي إلّا في فصلِ الشّتاء لتغادر السّماء بعدهُ وتتركها بيضاء باهتة.
قضيتُ عمري خلفَ شاشاتٍ أتفاعل مع واقعٍ لم أشهده وأبحثُ فيها بنهمٍ عن مواقعَ تعّرض الجزء الآخر من الحياة، الجزء الّذي لم يكن قدري أن تقِرّ عيني به.
لازلت في جزء العالم الرماديّ حيث أرى الناس تتلون وتتصارع على أمورٍ لا قيمة لها غافلين مغيبين عمّا فاتهم، يقدّسون القشور وقد فاتتهم الحقيقة الكبرى!
إنّ الحياة لا تكون حياة إلّا إذا عيشت في جذورها.
بقلم: سِدرة عامر السمرة

إقرأ أيضا:نصٌ بلا عنوان، بقلم: ديما ناجح الصمادي

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
ركنٌ من أركان الحبّ.. بقلم:محمد حمشو
التالي
السيرة الذاتية لجاك سوستال

تعليق واحد

أضف تعليقا

  1. Unknown قال:

    ♥️♥️♥️♥️♥️♥️

اترك تعليقاً