مقالات ونصوص متنوعة

رسائلُ حُبٍّ، بقلم : جميل حمشو، وإيلاف المصري، “رسائل أدبية”

رسائلُ حُبٍّ توسطتْ أخرها الراء.

_في اليوم التاسعِ والسبعينَ من فراقي لكِ وبعدي عنكِ، ها أنا اليومَ على تخومِ البلادِ أحميها وأحميكِ من بعيد.
وكعادتي سأقولُ الشعرَ لأنه من أصلِ الشعورِ لكي أستطيعَ أن أوصفهُ لكِ :

اشتقتُ للعينينِ حينَ رأيتُهمْ
مرآتي فيهم صورتي أتبسمُ

اشتقتُ أسمعُ صوتكِ مُتعذِّباً
كالبُلبُلِ المتغنِْمِ يترنَّمُ

اشتقتُ لحظكِ يا فتاتي لمقلتي
والبعدُ كاوٍ في فؤادي يؤلِمُ

_الليلةُ الأولى بعد فراقكَ بكيت كثيراً، حتى تبللتْ وِسادَتي وأشْفقَ الدمعُ على عُيوني.
الخوفُ شلَّ فكري وأبشعُ الصورِ تأتيني بكَ، فيزيدُ بكائي وخوفي، ظننتُ الأيام ستضمد لي جرحي بكَ، وشوقي، لكن هيهاتَ للظنِ فبكلِ ثانيةٍ كنتُ أرى طيفكَ حولي.
وباليومِ الثمانين وصلتني حروفكَ لتهدأ نيرانَ الشوقِ بصدري، إشتقتُ لحِماكَ حبيبي، سأظل أنتظرك يا حامي قلبي..

_وها هي قد وصلتني رسالتكِ الأولى في اليومِ السابعِ والثمانين، منذُ ثلاثةِ أيامٍ إنقطعنا من الطعام وها نحنُ نقتاتُ على باقي الخبزِ المُدّخرِ الذي يبس. ههه أتعلمين؟
كم أنا مشتاقٌ إلى أن آكلَ من طبخِ يديكِ الذي تذوقتهُ مرةً واحدةً في حياتي.
ضاقَ الحصارُ يا فتاتي والذخيرةُ ستنفد عمّا قريب، إذا حدثَ لي شيءٌ أوصيكِ يا فتاتي بنفسكِ التي تسكُنها روحي.
وإن حدث واستُشهدتُ لا تحزني وإن أردتي التحصُّنَ فأنّي حيٌّ أرزقُ عند ربي فالشهيدُ لا يموت، وإنّي غيورٌ يا فتاتي.
سأُنشِدُ شعراً لكِ كعادتي :

إقرأ أيضا:طريقة عمل كفتة الجمبرى

يا من كواني البُعدُ عنها اشتقتُكِ
كبلادي حينَ تركتُها لِأُجاهِدَ.

_اليأسُ ما تسللَ لقلبي قَطُّ يا بهجةَ عُمري، يحاولون ثنيَ فُؤادي عن حُبكَ، لكن وربّي وربُّكَ لا ما انثنى هَذا الفؤادُ عن عِشقكَ حتّى يزورني الفنى، فأنتَ وقُربُكَ وقلبك لي هو المنى، يزعجونَني بنظراتِ الشفقةِ واللوم، يقولونَ لي بأنّي أقضي شَبابي مُتمسكةً بسرابٍ ووهمٍ، وأنكَ لن تعودَ لي، ولكن أنا الصوابُ والمخطئونَ هُم.
أثقُ بعودتك فأنا أصلي لله كثيراً، وأدعو بأن يحفظكَ، ويرجعك لي، أريد أن استشعر قربكَ وأن أطعمكَ من طهويَ  الذي تحبُّهُ اشتقتُ أن أسمع كلماتكَ ومدحكَ، أيامي باتت كدولابٍ يستمرُّ بالدورانِ، فلا شيء يبقيني على قيدِ هذهِ الدنيا إلا حبكَ، وأملُ عودتكَ، سأنتظركَ حتى يفنى شبابي فلا زائراً لهذا القلبِ سواك.

_يؤسفُنا أن نُبلغكُم أهلَ الشابِ “رامي حسان” أنهُ قد استُشهدَ على تخومِ البلادِ قبل يومين.

عظّمَ اللهُ أجركُم..

_وصلتني رسالةٌ غريبة، أعلمُ جيداً أنَْ محتواها كاذبٌ، أتذكر أنّكَ لطالما كنتَ تحبُّ مداعبتي ومزاحي، وحينَ أغضبُ تستمتعُ بمراضاتي،  حسناً هذهِ المرةُ سأنفجرُ بكَ أو قد أصمُتُ كثيراً، أو أبكي كطفلةٍ في الثالثةِ من عمرها حُرمَتْ من أباها.
لا أعلمُ!!
حبيبي، أعلمُ فقط أنني أحبُّكَ، قد زارَ منزلنا خاطبٌ جديدٌ للمرةِ الثالثةَ عشر، لا يعلمونَ أنني لازلتُ أنتظركَ وأنَّ قلبي لن يُتيَّمَ بسواكَ، وأنني لا أرى من الرجالِ غيرك.
إعلمْ أنني سأظلُّ محافظةً على العهدِ الذي بيننا، وما خنتهُ
ولن أخونهُ، أحبُّكَ.
أرجوكَ عُد قريباً، وقل لهم أنَّكَ لا تزالُ حيّاً، تلقيَّ التعزيةَ بكَ قتلني، فأنا لازلتُ أستشعرُ حبكَ ووجودكَ حولي، تعالَ وأخبرهُم أنني على صواب.

إقرأ أيضا:قوة حواء ، بقلم : شيماء نايف العوضات وَ وفٱء علي عويص

“إيلاف المصري”
“جميل حمشو”

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
كادَ أن يمضي، بقلم مريم خضر الدروبي
التالي
كتابات لاقت مصيرها/بقلم:غنيم صايل الغنيم(سوريا)”نص أدبي”

اترك تعليقاً