مقالات ونصوص متنوعة

حكاية وطن ، بقلم : عدي فيصل شبلي

استيقظتُ صباح يوم الجمعة الفائت على صوتِ منبّهي المزعج، أعددتُ فنجان قهوتي على عجل، وهممتُ إلى مكتبتي قبل أن تهربَ الفكرةُ من رأسي، كتبت : صوتُ أمي والقهوة لاشيءَ كمثلهما يعدِّل المزاج ..
أتممتُ نصاً كاملاً عن شوقي وحنيني لأمي وطني الأول، ثم تذكرت أنَّ أمي لا تجيد القراءة، مّزقتُ النص ورميته جانباً
فكرتُ لدقائق ..
حسناً،لنكتب عن الوطن: سأموت أنا وتموت الأرض ويموت الجميع وسيحيا قاتلنا وقاتل الوطن.
نظرتُ لفنجان القهوة، بردَت دون أن أخذ رشفة واحدة، لقد كان هذا الفنجان هديةً من حبيبتي، أخذتُ هاتفي وأرسلتُ لها
أنَّ القتلة والمجرمين لا يعاقبون، كما الفراق الذي فتكَ بأرواحنا، كل يوم يرتكب جريمة بمئات العشاق ويذهب لغيرهم، يقيدنا بأغلال المسافات، وما لنا بعدها سوى أن نتعلم السير على قلوبنا، نزلتُ سطرين وكتبت إن هلكَ قلبي وهلكَ كلّ مافيَّ يسير ظلّي على مقلتيه إليكِ.

تخبّط نبضي وتسارعَت أنفاسي، حارَت دموعي كيف تتساقط، أخذتُ معطفي وذهبتُ للحديقة المجاورة لمنزلي، هنالكَ الكثير من الناس، مَن يضحك بأعلى صوته، ومن يبكي خلف عينيه،
جلستُ على مقعد بجانب فتاة صغيرة، أخذت اتأملها مليّاً، كأن ملامحها وبراءة وجهها تأخذني إلى وجه حبيبتي، لممتُ ما تبقى منّي وبدأتُ أمشي بين الشوارع كالمجانين، أهذي باسمها وأقول ما لي أراكِ بوجوه كل العابرات، لا أعلم كيف عدت إلى البيت، أفتش عن المفتاح والعرق يتصبب منّي، ربع ساعة وأنا أعيد التفتيش، لم أجده، خيم اليأس عليّ، سقطتُ عند الباب، فتحت هاتفي مرة أخرى، وإذ بأمي تخبرني أنّها تعلّمَت القراءة، ورسالة أخرى من حبيبتي تقول: إن تحتم علينا الهلاك ..فلن نهلك قبل الموعد
رددتُ عليها قائلا: أشكر الله على الأربعين الذين يشبهونكِ، وإلّا ماعرفتُ أين أذهب بكلّ هذا الحب.
أوه تباً الأشباه!!
نسيتُ المفتاح مع الشبيهة التي أخذت رقم أربعين.

إقرأ أيضا:فقيد الروح

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
جريمة عادلة، بقلم : علا عبد الكريم عبد الحليم، “قصة قصيرة”
التالي
كيفية عمل مضغوط اللحم بطريقة سهلة

اترك تعليقاً