مقالات ونصوص متنوعة

وما ذنبها، بقلم: رؤى طه الديرباني، “نص نثري”

” وما ذَنْبُها ؟! ”

طِفلةٌ صغيرة بِمُنْتهى البراءة والعفوية ،استيقظت في يومٍ من الأيام ،وهي لم تبلغ الخامسة عشر من عُمْرِها ، ووجدت نفسها بجانب رجلٍ لم ترى وجهه إلا قبل بضعة أيامٍ ، ويدِّعي بأنهُ زوجها ،

هي لا تعلم ما الذي حصل ، فقط أتى هذا الرجل وطلبَ يدها ، وأخبروها أهلها بأنه سيصبح زوجها بمُنتهى البساطة ،

تلك الطفلةُ لا تعلم ماذا يعني الزواج ومسؤولياته الغير متناهية ، تلك المسكينة لم ترغب في ترك دُميَتِها والذهاب للعيشِ في بيت رجلٌ غريبٌ لا تعرفهُ ،

هي فقط أرادت حقَّها وهو عَيْش طفولتها بأحضان أُمِّها وبين ذراعي أبيها ، ولكن للأسف جهلُ الأهل وعادات المجتمع ، أجبرها على شيءٌ لا تريده ، وعلى عيش حياة لا تريدها ، وتحمُّل مسؤوليةٍ لا تستطيع تحمُّلها ،

تِلْكَ الصغيرة لم تعرِف ماذا يعني معارضة الأهلِ أو رفضِ رأيهم قطْ ، بالكاد قالت لهم أريد البقاء معكم ، ومن ثمَّ تلقت الصفعة الغير متوقعة ! وهي عدم مُراعاتِها والأخذ برأيها او حتى الاستماع إليها واحتضانها ، ولم يكُن بيدها حيلةٌ غير القبول بالأمرِ الواقع ، والقناعةُ بقدَرها ، بل بالقدر الذين كتبوه لها أهلها وعاداتهم المليئة بالجهل والقذارة ، تلكَ الطفلة احتفلت بعيدُها السادس عشر وهي تحمل مولودها الأول ، طفلةٌ وأنجبت طفلٌ !

إقرأ أيضا:قصة المثل مش رمانة، القلوب مليانة

تلك المظلومة حاولت أن تتعايش مع هذه الحياة التي فُرِضَتْ عليها ، وطاعة الرجل الذي تمَّلكها ولم يحتضنها حتى أو يحتويها ، فقط يلقي الأوامر والشتائم والتعنيف ، معنوي كان أم جسدي ، وهي لا يوجد شيء تستطيع فعله ، فقط جلست لتربِّي الأطفال الذين أنجبتهم بطفولتها ، ولم تستطع تركهم والذهاب فقد أصبحوا جزءٌ منها ولا تستغني عنهم ، لقد كانوا أولادها وأصدقائها معًا فهم من نفسِ جيلها ، وبالنهاية كَبرت هذه الطفلة وعاشتْ حياةٌ لم تكن ترغب بها بتاتًا ،

وها قد كَسِب المجتمع من جديد وحقق ما يريد ،

فلا بارك الله بِكمْ ولا قدَّر لكم ما ترغبون ، ولا جَعلكمْ ترون يومٍ جميلٍ ، بِقدَر ما أحرقتم وهدمتم من أرواح ،وغيَّرتم من أقدار الناس الأبرياء ، الذين لم يعيشوا حياة طبيعية ، بسبب أفكاركم الغبية التي لا أصل لها ، لا بالدين ولا بالثقافة والتفكير ، مجتمعٌ كهذا لا يحيي بل يُميت .

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
رجل من زمن الرجال، بقلم: فاطمة عبدالجليل باريش، “قصة قصيرة”
التالي
شوق محب، بقلم: نور مضيها، “خاطرة”

اترك تعليقاً