مقالات ونصوص متنوعة

نص نثري بعنوان حب مهمش بقلم لين إرشيد


كأنهم نزعوا قِطعة من قلبي وقطعوها إربًا أمامَ ناظِري.
كُنا مُهيمين، مُتعلقين ببعضنا كالشجرة المُتعلقه بالأرض، أصواتُ ضِحاكتُنا تَعم المكان دُون مبالغة، نَفرح ونَحزَنُ سويًا، كُنا لبعضنا موطنًا، وكُنتُ أُخبئهُ بين ثنايا رُوحي كَطفلٍ يُخبئ دُميته المُفضلة، تعاهدنا على أن نُبقيَ أيدينا مُحتضنةً لبعضها وعلى السيرِ معًا في الشدةِ والرخاء .
كانت حياتَنا أشبه بالبُستان المليئ بالورود، لا وجود للحُزن والحُب والفرح يملئانِ أفئدتنا، كانت أعيُننا تتقابل في كُل صباح ونَحتسي القَهوة…
وفي ذات يوم كُنت استنشق رائحةً أشبهُ برائحةِ الوداع لم أكُن اُصدق تِلك الرائحة وفي الوقت ذاتِه لم أكن أعلم أنّ لهفتي للأمور ستنطفئُ بالبُعد .
حتى جاء اليوم الذي إهتز به قَلبي، وأفلَّتُ يديَ رُغمًا عّني، فقد حان انفصال تلك الشجرةِ عن جُذورها، واحرَ قلباه كيف يَخونُ المرءُ موطنه؟ سمعت أنفاسي كأنني أسمع الصَيحةَ الأولى ِفي يوم الاعتزال.
شَعرتُ بتِلك اللحظة بأن قَلبي يُطوى .
بأن الأرض التي تَعلقت بها تَرجُ رجاً!
شعرت أنّني أعرض معه أمام الله، حَيث خَشعت الوجوه فلا تَسمع إلا همساً، كالصُم، البكم، وأسود من أسود وجههُ من شده النَدم، وأبيض من أبيض وجههُ كَنورِ الشمس حِينما تُشرق، قَدمنا أعذارنا وتطايرت صُحف أيّامنا وسنواتنا كأنها لم تَكن وكُلّ مِنا ذهب بحال سَبيله .
شعرتِ في تلك الأثناء أنني أصبت بنفخة صَعق حَيثُ أنّ جسدي ها هُنا، لكن عقلي لم يعد بِكامل قُواه.
وَمرت الأيام، “لِنت في قَسوة وقسيت في قُوة ”
كان مُجرد استنشاقي للهواء بحد ذاته بطوله، كُنتُ أُلملمُ فوضايَ عِلمًا بأنني لا زِلتُ أتبعثر، كُنت أبكي بِحرقةٍ كلّ ليلة، فأنا مَهما كُنت قويةً يَهزِمُني هُدوءُ الليل، كُلّ ما أريده الآن أن يَغادرَ ذاكرتي، أن يغادرَ حديثي، أن يخرج مِني فحسب!
فتلك الرائحة التي أخبرتكم عنها بَقت، لكنها تَحولت إلى رائحة حَنين، تخللت إلى أعماقي ظناً بأنني مَوطناً لها وتأبى الخُروج حتى الآن، وانتهى بيَ المطاف بين جنة وماء..

إقرأ أيضا:خلطة لتبييض الوجه

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
ربيع القلوب، بقلم: أسماء سالم علي
التالي
نص نثري بعنوان سيمفونياتٌ مؤصدة بقلم فرح إبراهيم العمرو

اترك تعليقاً