Funny

نص نثري بقلم دانية راعي

لن تُصدَّق، أيها الكائن الرّشيق
وبعدَ صيحةٍ وضيق;
أنّك عُدت إلى حضنِ أمِّك كما قدومك الأوّل!
تعانقك بشدّة
لتتصافح بعدها قمم فروعِ الأشجار
وتلتقي الينابيع
ويعود سربُ طيورٍ بيضاء هاجرَت معكَ منذُ ذاكَ الحين..
كُلّ هذا احتفاءًا بكَ!
ثمّ ماذا؟ ثُمّ إن خِفّتي أصبحت لا تُحتمل, فلا قدماك تطآن أرضي كلّما رغبت, ولا أراكَ كلّما نويتُ.
فكيف لكَ أن ترجع إلى الخاصّيّةِ المرئيّة دائمًا؟
أو قليلًا.. فليكن.
ما يهمُّ أكثر هو استرجاع المعهود!
أظنّنا تشابهنا كخفّاشا اللّيل “لا أحبُّ هذهِ الفصيلة البتّة ولكنّنا نسهر دونًا عن البقيّة”
لنا برجٌ فلكيّ واحد “لا أصدّق أيًّا كان منهم”
واشتركنا بمزاجٍ مُتشابِه.
تضحك وتقولُ لي:لقد أطلتِ ولم أقرأ لكِ.
فأُجيبُكَ بنبرةٍ بريئة: أعرف!
فقد اعتدتُ أن أكتب واعتدتَ ألّا تقرأ, وهذا لا يعكّر لتشابُهنا صفوّ.
أرجّحُ أن التّشابه لا يكون في الأشياء الجليّة إنما يتم روحيًّا وفي العمق!

هناك أيُّها الكائن المُرهف
حيثُ تركنا لطفولتنا أثرًا, فعند ساعةِ الصّفر
وتحت مطرٍ باردٍ لم يتوافق مع صيفٍ قائظ..
دُقَّ ناقوس الإخطار
والتقى طيفان
واحدٌ كأنا بدا وكأنّه غصنٌ مُتجمّد
وواحدٌ كأنت بدا وكأنّه غصنٌ حزين
فقدَ شيئًا ثمينًا وراح يبحثُ عنه, رُبّما كانت شجرته!
اقتربتَ فتجلّت ملامحك كثيرًا كانت تنتحب, قلتَ لي: لم أصِل إليها بعد!
وددتُ لو أساعدكَ
ولكنّني تجرّعتُ مواساتي دِراكًا حتّى وقف اسمُكَ فوق حُنجرتي لئلّا أنطقهُ
لا تقدّم ولا تأخّر منتظِرًا ابتلاعَ الصّدمة ليظفرَ بالفرار,
فقط طعنة الإيهام المهيمنة هي مَن أيقظتني, وكانَ أيّما إيلام!
ومن حينها لازمتني لعنةُ الإكنان وصارت هي لغتي الخانقة.
لكن لا بأس, ففتاةٌ مثلي لن تموتَ اختناقًا بحُلم وهي تتحلّم على الدّوام
لن يُتوقع سبب شرودي
لن تحترق أطراف أصابعي الباردة
لن يفهم هذا إلّا أصحاب القلوب الرّقيقة..
فكما تعلم لم يسجّل التاريخ أن شُعاعًا اعترض طريقَ الشّمس يومًا, والشيء بالشيء يذكر فربّما يُدرج هذا ضمن دائرة الصّفات المتوارثة لدينا أيضًا!
ستقول أنها خرافاتي الطّفولية
وأن كهذه الأحلام تكونُ أوهام لا تتحقق.
أسبق لك وأن رأيت شجرة بلا جُذور؟
كذلك وجود الحُلم ينمُّ عن أصلٍ لهُ وعاقبة!
الخرافات مآلها الفناء
والحقائق لا تفنى ولا تستحدث من العدم إنما تمتد إلى ما وراء الأرض
وتصل إلى القمر
والحصى
والثرى
والنجوم البعيدة
وإلى نيزك قد يصلُ ليلًا
إلى التفاصيل الصّغيرة جدًّا
إلينا أنا وأنت
فنصبحَ خرافاتٌ مؤقتة إلى أن يتم اكتشافنا.♥

إقرأ أيضا:12 Cartoons Your Mom Shouldn’t Let You Watch When You Were Young (Open list) (12 submissions)

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
نص نثري بقلم بلقيس يوشع حيدر
التالي
نص نثري بقلم رقية مفتاح

اترك تعليقاً