ليلةٌ سوداوية
كَانَتْ لَيلَةً حَالِكة قَاسِية جِدًا وَبَردُها يَنخَرُ العَظم، هُدُوؤها لا يُطَمِأن، حَتى القَمرُ غَريبٌ، شَاحِبٌ والنُّجومُ حَزينة، نَوبَاتٌ مِنْ البُكاءِ بِلا سَبب، وَنَغزاتٌ فِي القَلبِ مَؤلِمة، شَعَرتُ بِشَيءٍ يَلتَفُ حَولَ عُنُقي ويَخنُقني، أَصرخُ وَأطلبُ الإِغَاثة وَلا أَحدٌ يُجيب.
أَتَعلمُ مَاذا حَلَّ بِي فِي تِلكَ الليلةِ المَشؤومَة؟
انفَطرَ قَلبي، انهَمرَ دَمعي وَتَمزقَ جَسدي إِلى أَشلَاء، كَمَن انقَضّ عَليها ذِئبٌ بَشَري وَاغتَصَبها بِوَحشيةٍ تُدمي بِها وَتُنهي حَيَاتها، تَارِكًا خَلفهُ جُثّة بَالية، أَنينُها يُبكي الصَّخر، كَدَماتُها لا تُعالَج، عَذابُها لا يُسمَع، رُوحها انتُزِعت مِنها، هُزِمت قَواها، شُلَت حَرَكَتها وَغَابتْ عَن وَعيها، هَاربةً إِلى عَالمٍ لا تَرغَبُ بِالخُروجِ مِنه.
ثُمَّ مَاذا بَعد؟
آهاتٌ وَصَرخاتٌ تُعَانِقُ جَسدَها المُتهالِك، المَليءُ بِالخُدوشِ والنُّدوبِ الشَّاهِدة عَلى مَعرَكةٍ مَسمُومة، تُهَروِلُ بَعيدًا عَلى أَرضٍ جَرداء ارتَوت بِدُمُوعِها، مُنهكةً مِن وَاقعٍ قَاسٍ جِدًا، بَاحِثةً عَن رُكنٍ يَحتَويها.
هَا هِي تَستَفيقُ رُغمًا عَنها لِتَعي أَنَّها بِواقعٍ مَرير، يَلصِقُ بِها ادِّعاءاتٌ خَادعةٌ وَتُهمٌ بَاطِلة، يُحبِّطها وَيَحكمُ عَليها بِحُزنٍ مُؤبد وَخوفٌ شَّاق، لِتُكملَ أَيامَها بِجَسدٍ أَنهكَه الوَصب، وَعُزلةٌ قَاتلةٌ مَع قَلبٍ يَعتَصرُ أَلمًا وَيحتَرِقُ نَدمًا، وَروحٌ حُكِمَ عَليها بِالإعدامِ حَتى المَوت.
روان عبدالله شناتوه
Comments
0 comments