مقالات ونصوص متنوعة

جوع ك فكرة، بقلم: منى اليازوري، مروة أبو الوفاء

ها أنا ذا أجول الحقل مرةً أخرى،

البشرُ غريبون، همجيّون، و متسلّطون،

دائمًا ما كنتُ أستغربُ وجودَ هؤلاء الكائنات، سبحان الذي سوّاني مسيّرةً لامخيّرة،

هناك، أبي يترجّى أحدهم بأن يناوله الطعام كي يطمعني، لم أكن يومًا سوى عالّةً عليه إننّي مجرّد قطةٍ أباها مثقلٌ بالهموم، نظرت للأعلى و إذ بها فتاةٌ يافعةٌ تنظرُ لي بابتسامة مزهرة، لطيفة، تشبه الشمس حين تشرق، و تشبه القمر في الليل، مضيءٌ و لا ضوء يسبقه.

فكرّت كانت يافعةً كأوّل الصيب لا تماثل البشر في شروقهم، لا هي من الإنس ولا من الجنّ اللذينَ أعرفهم، ربما هي فكرتي التي لا تموت بموتي، تريدني أنْ أراها فأطمئن، فالجميع موتى اليوم إلّا أنا.

أنا الفكرة بينما الجميع مجرّد أرقام تعد من أعمار مهملة فلا أحد يكترث.

السماء لا ترجونا البقاء، والأرض تعلم أنّني لا أغادرها، فأين أنا اليوم حين يهرب الجموع؟

أنا في الحيرة لكنني الباقية لا محال.

لو آمنوا بفكرتي وبرسالتي لعاشوا أبد الدهر بجانبي، وأبوْا فأبت الحياة أن تدعهم.

لا أختارني و لا أختار بقائي؛

ف لا داعٍ لبقائي أنا المجرّدة عن أيّ اعتيادية.

لا أشبهني و لا أشبه ما تراني به هذه الشابة التي أمامي،

إقرأ أيضا:شغف, بقلم : زهراء محمد السّلامة”رسائل أدبية “

و لا شكلي يعود لي،

لو أنّني أختار ل اخترت أن أكون سماءً زرقاء،

أتركُ الطمع،

فأختارني مجددًا،

و لكنّ الطيور محظوظةً ليتني أطير الى ما أنتمي له.

تلصق اليافعة رأسها الشقيّ عند رأسي،

متجهةً بنظراتها الرقيقة إلى عينيّ مباشرة، ضحكت،

ف ضحك القدر،

و إذ أنّها تحدّثني كأنّني مثلها، و إذ أنّها تخبرني أننّي أشبها، أكانت نظرتها ازدواجية أمّ أنها لا ترى الريش الذي يغطيني و لا حجمي الصغير؟

ضحكت مرةً أخرى،

ف ضحكت السماء،

التفت للوراء و بدأت تغني، اللاڤندر الأخضر، مبهج مبهج

اللاڤندر الأزرق،مبهج مبج،

أردت إخبارها أنّ صوتها العندليبي هو المبهج لا العندليب.

وأنّ بصوتها فرصتي ورسالتي التي لا يقرأها الطير المهاجر أو المقيم فوق كتفي، وأن أجنحتي قد تفوز بالرهان الذي يشرط علي أن أسافر للسماء حيث الطيور التي تشبهني وحيث أستطيع الغناء مثلها، هناك فقط سأتحلى بالشجاعة التي رجوتها أن تأتيني مع سكان الأرض ولم تأتي، أحتاجها لأراهم بوضوحهم بلا ازدواجيتي يرجونني العودة فإيمانه بي وبفكرتي اليوم ليس مستحيلًا.

ها هي اليافعة كشمس الضحى تنشد لي كل بهجات الحياة وتزفها نحو مسامعي، ولا تتسامى حد تقبيلي، فأقبلها، وإذ أن قبلتها هي واقعي الذي أُعدت إليه مكرهة، مازالت الحقول على حالها وما زال أبي التائه بين العالمين، وما زلت جائعة ولا أحد يؤمن بي و بفكرتي.

إقرأ أيضا:نص نثري بعنوان حب مهمش بقلم لين إرشيد

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
ذكرى مؤلمة، بقلم: آية أحمد إبداح
التالي
جِنَانِيَ، بقلم: آية غسان عطا عوض .

اترك تعليقاً