مقالات ونصوص متنوعة

نص نثري بقلم حسن تحسين الطراد

حلم في زمن الكورونا

ببطء أدار مقبض الباب ودخل بخطواته الهادئة نزع عن وجهه الكمامة الطبية، تنفس بعمق وأغمض عينيه قليلاً..ألقى قلادة المفاتيح على الطاولة القريبة ومحفظته الجلدية يحاول الوصول إلى غرفة النوم، إنها الغرفة التالية بعد صالة الجلوس لكن الإرهاق يجعل بلوغها صعباً..في الحقيقة في منزل يعيش فيه شخص وحيداً طيلة الوقت تبدو كل الغرف متشابهة وهي صالحة لتكون في نفس الوقت غرفة نوم أو غرفة جلوس أو للسهر، بشكل ما بلغ مقصده.. رائحة قهوة الصباح مازالت تفوح من بقايا الفنجان وهي تثير فيه بعض النشاط الآن “متلازمة الكافيين” حتى بدون تناوله تملك تأثير ما لمدمن منبهات البن بكافة أنواعها،بدأت أجهزة التكييف تلطف الجو وتجعله مقبولاً في هذا الطقس..يسكب لنفسه كأس عصير العنب الأحمر ويبدأ جردة حساب لهذا النهارالقاسي الذي مرَّ اليوم من هذه السنة التي تعتبر كارثية على المستوى العالمي ككل.. الأفكار تتزاحم في رأسه بما يشبه الإزدحام المروري يبدأ بمشاكل العمل المتراكمة.. أم بحسابات الخسارة التي عصفت بقلبه!!خلف ورقة العمل كتب :
وددتُ لو تقبلين اعتذاري فأنا لا أستطيع أن أكون ذلك التمثال في متحف قلبك يكرر لكِ كلمات الحب ونثر وقصائد الغزل بعينيك.. ويرسل لكِ في المساء اقتباسات العشاق ويرسل لكِ في الصباح مقاطع أشهر أغنيات الحنين والعتاب،
تمثال لا يستطيع أن يحرك يديه مثلاً بموجب أوامر المنع كي يرفع وجهك في لحظة حزن كي يخفف بحنين عينيه حزن قلبك.. لا لا أستطيع أن أكون قطك المدلل الذي يطيع إشارة يدك وصوتك..إجلس يجلس.. وتقذفين له كرة الصوف يتسلى بها ساعات في وقتٍ تتسلين أنتِ به بصور الذكريات، هذا لا يناسب رجلاً مثلي تنادي عليه إمرأة فاتنة وتستدعيه إلى قلبها من خلف زجاج حماية سميك كالذي يحمي أولئك الدبلوماسيين في سيارتهم الفارهة ويحجب عنهم حقيقة الناس..مقاييس الحب التي تنادين بها تتعارض مع قلب وجسد رجل عرف الحب كما يجب أن يكون بكل جنونه وأثاره وأمراضه وأكتسب مناعة،وأنتِ إمرأة تستخدم أنوثتها بحذر وتصف جرعات الحب مقننة.. كما توصف تلك الأدوية الطبية التي تفوق محاذير استخدامها فوائدها كما تدل نشراتها الداخلية.. لديكِ صورة للحب مشوشة.. لماذا تفرضينها علي، ولما لا تطرحين الأسئلة الصعبة على ذاتك قبل أن ترميها في وجهي.. ستبقى المسائل عالقة بيننا إلى ما لانهاية
يعذبك عطري ولا سبيل للعناق.. يعذبني أحمر شفاهك ولا سبيل لتخفيف لونه الحاد،التشنج سيد الموقف هذه الأشهر والتي تمر صعبة على الجميع لنؤجل كل شيء لاحقاً..
جلسة القهوة.. العتاب.. فرح لقائنا ومأساة فراقنا.. كل الأشياء المشتركة بينا.. وقوانين الإختلاف بين إمرأة تحلم فقط بالحب، ورجل يكره خيال الحب ويريده واقعاً وحقيقة قابل للمس.. وقابل للحياة.

إقرأ أيضا:قصة نبي الله يونس

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
نص نثري بقلم إيمان عادل الكرغلي
التالي
نص نثري بقلم سمية محمود عامر

اترك تعليقاً