مقالات ونصوص متنوعة

“ألوانٌ بلا لوحة” بقلم بتول محمّد علي شيخ العشرة (قصة قصيرة)

“ألوان بلا لوحة”

أحيا بين أربعِ لوحاتِ رسمٍ فارغة وسماءٍ
يتشكّلُ وجهها على اللّوحات كلّ مساء .. يحادثني يراقصني على نغمات قلبينا حتّى يبزغ الصّباح ..
يتلاشى كما تتلاشى الرّؤى ..
تفيضُ السّماء بداخلي .. فتُجفّف المزن غيثي الحزين
يقول .. حزنك وجبة دسمة ..وقضيّة يجب عليّ اعتناقها ..
إنّ لم تحزنِ كيف للأرضِ أن تحيا ..
أبكي ..
فيضحك ويخبرني أنّ دموعي تشبه فتات ألماس بمعطف من ثلج
وهو يحبُّ الثّلج .. لا عجب فقلبه كحديثهِ كمشاعرهِ تقتبس من الثّلج البرود
أقدّم له كلّ ليلة أحرف ملفوفة بالمشاعر .. يفضّ عنها عذريّة الحبّ
ليرميها بمخلّفات النّسيان
يهمس لي .. أحبّكِ
ببساطة الحقل
بنقاء الياسمين وعطر اللّيمون
وفطرية الطّفل

أزقزق كعصفور النّوافذ المغلقة ..
يمسك بطرف إصبعي ويحملني للفضاء ..
يجلب لي قرطين من خيوطِ الشّمس
ويستعير وشاحاً من وجه القمر
يمسح بيده وجنتيّ فتُنير كمصباح العيد وأضحك..
تستطفُّ الكواكب تتغامزُ فيما بينها وتثرثر ، يبدو أنّها تحسدني .. لأنّني أملك الكون بكفّه
طرقتان تليها طرقتان ..
وموسيقى ..
ما هذا الصوت .. أتى الصّباح مهرولاً ..
طرقتان تلاشى الكون ..
ليحلّ محلّه أربعة لوحات رسم فارغة
طرقتان .. إنّه الباب يقرع
من؟!
-أنا مدير المعرض سيّدتي .. ألم تنتهي من رسم لوحاتك الأربع الاخيرة بعد

إقرأ أيضا:نص بعنوان الخوف فريسة للظلام ل شذى هاني محمد

لوحات ! أيّ لوحات
استدرتُ لأنظر داخل غرفتي لأجد أربعة جدران ملطّخين بالألوان والرّسومات
ووجههُ يعتلي كلّ اللوحات
تمتمتُ أخبره: هربت ألواني واستقرّ هو في لوحاتي
نظر لي بغرابة .. ورحل وهو يتمتم :أخبرتها أنْ لا ترسم ملامح تلك الجثّة .. كنت أعلم أنّها ستفقد عقلها حين تعلم حقيقة موته

نظرتُ للوحاتي الأربع ابتسم لي وجهه فيهنّ
وهمس : بزغ الفجر ،ثم عادت لوحاتي بيضاء وجلست ألواني تبكينا .

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
“متهدّم الاسترقاق” بقلم سالمة الطّاهر أحميد (خاطِرة)
التالي
“رشفَتي الأولىٰ” بقلم فاطمة الزّهراء ياسر كيّالي (شِعر)

اترك تعليقاً