منوعات أدبية

رسالة انتحار بقلم ريحان ميلاد


( رسالة قبل الانتحار )

خَططنا لِكُلَّ شيءٍ مُستقبلنا، تَحقيق أحلامنا سَويا، سَفرنا، مُغامراتنا، أسماء أطَفالنا…..

فِي ثواني انتهى وَ تدمر كُلَّ شيءٍ وَ بدأ الظَّلام يَعُمْ المكَان وَ لَمْ نَرى النَّور بَعدها.
كُنا نَتحدث طَوال اليومَ لاَ أحَد يَمل مِنَّ الأخَر
أسست مَعي جَميع مَشاريعي، شَاركتني فَشلي قَبل نَجاحي.
كَانتَ الحَافز وَ الدَاعم لِي من غيرها لمَا أصبحتَ رَجُل أعمَال نَاجح.
كَانتَ البَلسم لِي فِي هَذه الحياة المُرة عَوضتني عَنْ كُلَّ الخسائر التَّي عُشَتُهَا.
بَنيت مَنزلاً عَلى تَصميمها وَ ذوقها الجَميل.
أقترب مَوعد تَخرجَها وأردتُ أنَّ أجعَل فَرحتها فَرحتين.
أخبرتَ وَالدتِي عَنها لِكي تَذهبَ وَ تطلُبها لِي فِي ذَلكَ اليومْ لَكنّ….
قَامتِ بِردة فعل لَمْ أتوقعها أبداً يَا إلهي إنّها صَدمة
كيف أواجهَ هَذه الحقيقة؟
وَكيف سُوفُ أخبِرُها عَنْ مَا حدثَ؟
قَررت أنَّ أترُكها للأيَام لَعلّها تُغير رَأيهَا
اشتريتَ الهدية وأتي ذَلك اليومْ في المساء
حَاولتَ التحدثَ مع وَالدتِي لَكنّها رَفضت مِثل كُلَّ مَرة أفتح مَعها المُوضوع
بِحَجة أنَّهُمَ عَائلة مَنَ الطبقة المُتَوسطة وَ لاَ تُناسب عَائلتنا وَ تُرِيدُهَا طَبيبة وَلِيس مَهندسة دِيكور
كَانتَ تَقولها باستهزاء، عَملتُ جَاهداً لإقناعها
قالتَ لِي وَ هيا تَصّرُخ
” والله سأبقى غَاضبة عَلِيكَ إلى يوم الَّدين إن تَزوجتُها”
ذَهبت لِغُرفتي وَأشعُر كأنّني فِي مَسبح مَاء تَحت درجة الصَّفر أقفلتُ هَاتفي وَقفلت البَاب عَلى نفسِي.
بَعد ثلاثة أيام فَتحت هَاتفي وَوجدتُ بِه مَا يَفوق خَمسون رِسالة وَمئة اتصال لَمْ أستَّطيع الرَد وَ قمت بِتغير شَفرتي.
بِمرور فَترة طَويلة وَصلتني أخَبار عَنها
فِي ذَلكَ اليوم
إنّها انتظرتنِي كثيراً أمَام البَاب وَ لَمْ تَتدخُل إلاَ وَقت المُناقشةً
وَحتَّى بَعد انتهاء المُناقشة ظَلّت تنتظُرني
وَ كانَّ الحُزن عَلى وَجهها وَعيناها مَليئات بِالدموع
فَلم يُكن يَوم فَرح عَليها بَل كَانّ يومْ بؤس وَ حُزن وَ لَمْ تَفرح قَطّ…
فَليس قلبكَ تَحطم قَطّ بَل قلبناً هَلْ نَسيتِ؟ فقلبنا وَاحد وألمنَا واحد
أعلم أنّني كَسرتكَ نسأل الله أنَّ تُسامحيني
أعلم أنَنّا خَططنا كثيراً بَعد هَذا اليومَ، ماذا سَنفعل مِن تَجهيزات؟؟
أنا آسف فَأنا كُنت مُخير بَين أنْ ابقى عَاق الوالِدين أُوَ أنْ أكسر قَلبكَ
سَامحِيني فَإنَّ حَالي مِنَّ بَعدكَ لَمْ يُصلح ذَرة فَقدتُ مَشاعري وَ كُلَّ مَنْ حَولي الوَاحد تِلو الآخر بِعتُ كُلّ مَا أملكَ وَ لَمْ أستّطيع رِد خَسائري أصّبحت الآن لاَ أملكَ درهماً واحد.
لَكنَّ يُشهد الله عليّ قَلبي لَمْ يُخنك وَ لَمْ يُحبَ غِيركَ وَ أعلم أنكَ رَفضتِ العَديد مِنَّ العِرسان بَعد غِيابي لأمَل أنْ ارجَع إليكِ
انا آسف يَا حبيبتي كسرتك؛ الحَاجز الذي كانَّ بيبنا وَالدتِي وَلم أستَّطيع فِعل أي شيءٍ
الأن اكتُب رِسالتي مِنَّ مُستشفى لِمعالجة المرضى النَفسيين
تَعاطيتُ المُخدرات وَ أصّبحت مُشرب خَمر وَدخلتَ فِي حالة اكتئاب، الطبيب قال أن حالتي خطيرة جداً وَمن ضروري تَلقي العلاج في المُستشفى.
بقيتُ اكثر مَنَ ستة أشهر تِحتَ المَعالجة وَ لَمَ يَفلح الدواء لِمعالجتي.
لاَزلتُ أتنفس بِالأدوية وَالإبر، عِشتَ ثلاثة أشهر وَ أنا مُكتف الأيدِي
قَبل دخولي للمستشفى وَ صلني خبر أنكِ تُعاني مِنَّ مَرض فتَاك يَأكُل جِسمك نسأل الله أنَّ يُشفيك وَيعافيكَ
سَامحيني يَا حبيبة قلبي
أخر كلمتِين نطقتهمْ فِي حياتي “احُبك كثيراً”
_______
تمّ العَثُور عَلى هذه الرِسالة فوق سَرير الشاب بِغرفته فِي مستشفى الأمرَاض النَّفسية وَجدنا قدمية تُلوحا فِي الهواء بَعد عَملية انتحار شَنيعة
ثُمّ بعد وَفاته بِالتحديد توفيت حَبيبته التي عَانت مِنَّ مَرض سرطان القولون” عَافنا الله وَإياكم” وَ لَمْ يَستقبل جسمهَا أي جُرعة كِيماوي.

إقرأ أيضا:زفاف خليلي بأخرى

تَفريق القلوب وبأسباب تافهة أيضاً لِيس بِسهل، اتقوا الله.

_ريحان_ميلاد_

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
سلسلة كلثوميات نص ٢ بعنوان ليالي باردة للمبدعة إيمان أحمد الزينات
التالي
ارحل لا تبقى بقلم – سالمة الطاهر أحميد

اترك تعليقاً