مقالات ونصوص متنوعة

هاربٌ من مصحة نفسية، بقلم : هيا حسن الكرد

هاربٌ من مصحة نفسية.

 

أشعرُ بحرارة تحرقُ جوفي، وعلى النقيض تماماً أشعرُ ببرودة أطرافي، وهذا سبب تنقضاتي وتخبطاتي، أبكي تارةً فتظنني أتعسُ من في الأرض، كاتبٌ بأيديٍ زرقاء من فرط إدمانه الكتابة عن مشاريعٍ انتحارية وعن حياته السوداوية، وتارةً تراني أضحكُ بشغفٍ شديد وكأنَ كل هذا الكون ملكٌ لي فتسألني متعجباً ما بك يا رفيق، ما الأمر الذي يتحكم بمزاجك اللعين؟ أعلم، أنا شخصٌ شديد المزاجية، قد أبكي في منتصف ضحكتي، أو أنفجرُ ضاحكاً في موقفٍ حزين، وجميع ما يصدرُ مني متخبطٌ لا تفسير له، وكأني مصاب بانفصامٍ أو جنون، والهلوسات تبصرها في عيناي التي تفقد حلمها فجأةً فلا تبصرُ فيها أي لونٍ فيها لتقول لنفسك ما هذا الأمرُ المريب، لا تقلق، حتى أنا مرتابٌ مني ومن فقداني سلامة الشعور، لا زلت أذكرُ تلك المصحة النفسية التي وضعوني داخلها بلا أدني سلوكٍ كارثيٍ مثير، قد أرادوا وضعي بها بدون تهمٍ حقيقية إلا بعض الأوهام التي علقت في رأسهم فتكونت مخاوفهم ونفوا قلبي إلى هذا السقيع، أخبرتُ طبيبي أني على ما يرام ولكن مع تلك الصدمةِ ونفوري أُريد سريراً مريح، أعطاني سريراً أبيضاً ونظرات الشفقةِ تملأُ مقلتيه، فنظرتُ له بشفقةٍ ممثالةٍ فهو كالآلةِ ينفذُ الأوامر دونَ محاولةِ كشفٍ عني إن كنت حقاً ذو أمراضٍ نفسية وكئيب، نمتُ ليالٍ لعينة خالية من أي تخالطٍ مع غير ذاتي ملؤها البؤس ورؤية الحمقى من أمامي يمرون، هنا بالذات تخبطتُ وتزعزت مشاعري وعلمتُ أني سأصبحُ أسوأُ منهم حالاً وأني سأسقط في عمق قاعٍ ليس منه منفذٌ وخروج، ها أنا اليوم أمامك تنظرُ بغرابةٍ لاسوداد عيناي الشديد وكأن قزحيتي قد فقدت نفسها وتبصرُ هالاتي السوداء وأثارُ الألام على وجهي الأسمر، لا تقلق لن ألحق بكَ أذى لقد خصصتُ الألم لنفسي، أريدُ منك فقط أن تنظر لي نظرةً عادية، وأقلع عنك نظرة الشفقة المكتظة بالاستغراب، ستكون بخير.

إقرأ أيضا:أسباب الحروب الصليبية

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
الانتحار، بقلم: ندى جمال شاهين
التالي
ساقتك خُطاك، بقلم: أريج محمد أبو فردة

اترك تعليقاً