مقالات ونصوص متنوعة

خنقة ندم (ج1)،بقلم: روزالينا فؤاد

“حفنة ندم1”

 

لحظة واحدة كفيلة بجعلك نادماً لسنين طوال،

وهي مجرد شيء عفوي خارج عن إرادتك كأن تغفو مثلا.. أيعتبر هذا ذنباً أم جرماً، أو لعله ما ستكره نفسك ما حييت لأنك فعلته غير قاصد؟

كما في حضن والدي أتشبع حناناً وأماناً، يداه تداعب خصلات شعري العابثة، أنا صغيره ومدلله وأنا .. أنا.. الذي شارك بقتله…

لكني والله يا أبتِ لم أقصد أن أغفو وأتركك لقمة سائغة وفريسة وحيدة تطمع فك الموت باجتثاث روحها، كنت أنوي أن أقاسمك لحظاتك المميزة التي تترقبها بالثوان، تلك المباراة التي بقيت تحدثني عنها طوال أسبوع قبل موعدها، كم خططنا معا لقضاء هذه السهرة الأنيسة، كرة أداعبها وطبق كبير من الحماس، سنصرخ عاليا حين يسدد رونالدينهو

كرة تصنع هدفا تاريخيًا، وسنزمجر عالياً أيضاً حين يضيعون ضربة الجزاء سدى.

بالمناسبة يا والدي ألم تلاحظ أني كبرت وأصبحت قادراً على لفظ اسمه تهجئة صحيحة ؟

_أجل يا صغيري الذي يكبر كأنك روحي وتقف أمامي أحادثها، بطلي الشقي ستكبر كل يوم أكثر وتصبح لاعباً محترفاً وأقوى من رونالدينهو وسأحظى أنا بفرصة مشاهدة المباراة من قلب الحدث وفي الصفوف الأولى، هل ستنام يا حبيبي؟

لم تنته المبارة بعد، ابق معي لأحظى بفرصة مشاركتك النتيجة لتشاطرني إياها فرحة كانت أم خيبة.

إقرأ أيضا:شتاء دافئ، بقلم: ميس الريم سامي زريقات

=لم أعد قادرا على المقاومة أكثر، لم يغلبني النعاس يا أبتِ، والله إنه اطمئنان في حجرك، كأنه النعيم عينه، ثم ماذا ستفيدني المباراة؟

_نم يا صغيري قريراً ما دام السهر أرهقك، ولن تفيد هذه بشيء.

كان ذلك آخر حضن، وآخر حديث، وآخر مباراة.

البرد يلفح جسدي، أين أنت يا والدي أرجوك دثرني، عانقني فصدرك أكثر دفئا من شمس الصيف، لم تبكي يا أمي، لم كل هذا الصراخ والجلبة، لربما توقظون والدي فقد أضناه السهر، دعوه يرقد بسلام، وفي الصباح افتعلوا ما شئتم من الضجيج.

الخامسة صباحاً يا لكم من مزعجين..!

ما الذي يحدث هنا يا أخي؟

ما الداع لهذا الصخب؟

– قد رحل أبي! تركنا أبونا يا أخي، ولن يعود أبداً..!

=أتقصد أنه.. ولكن كيف.. لماذا..؟أيعقل؟!

أنا السبب.. أنا قاتله.. قتلت أبي وقد كان بإمكاني أن أسعفه، أنقذه من فك الموت، كان سيعيش أكثر لو بقيت مستيقظاً بجواره، ودَّ كثيراً لو ظللت معه ساهراً، لم يشبع مني..

– لكنه القدر يا أخي! إنها مشيئة الله، وما لنا سوى الحمد والصبر، تعال أخي أضمك ففيك ريح من عبقه، أنت حبه وغاليه، فيك ولك منه ما ليس لأحد منا.

= هل أرغمني القدر على النوم ليستفرد به، ليضمن ألا ينقذه أحد، ليستشف من حسرتنا ويرتوي شماتة بنا؟

إقرأ أيضا:بقناعةٍ تامة بقلم شروق أحمد المنجد

-كان سيحدث هذا لو مهما حاولت أن تفعل، فلا تعذب نفسك بما ليس لها ذنب فيه.

=لن يفهم أحد ما أعانيه، لن تشعروا بما أشعر، جميعكم ترثون والدكم، وأنا أرثي كل ما تبقى من سلام لروحي، مع نعوة والدي،

عشر سنين وأنا أسأل نفسي ذات الأسئلة، لم أرحمها بالعدول عن رغبتي بمعرفة الإجابة، ولم ترحمني هي بجواب شافٍ، ولم يستيقظ أبي.

 

روزالينا فؤاد

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
أسماء بنات مميزة ومعانيها .. عربية وتركية وفارسية ومن القرآن2021
التالي
حفنة الندم(ج2)،بقلم: روزالينا فؤاد

اترك تعليقاً