مقالات ونصوص متنوعة

قصتي في وقتٍ ما،بقلم :عز الدين الداوود

قصتي في وقتٍ ما …..

قصتي بدأت في شتاء عام 2033…
عندما كنت تائها في غابات الأمازون باحثاً عن مأوى لنفسي انا وحقيبتي الصغيرة…

لم اكن خائفاً على نفسي من مياه الأمطار الغزيرة….
بقدر ماكنت خائفاً على ما تحويه حقيبتي من ذكريات كثيرة…
وكنت خائفاً على علبة الكبريت المتبقية لدي…
فهي اخر امل لي…
اخر ماقد يضيء لي عتمة المكان… وصورة كنت احبها… هي اخر مالدي من الماضي البعيد… وبعد بحث شديد…. وجدت ماكنت أريد…

وتحت ضوء خافت من القمر …
وجدت كوخاً خشبياً بين الشجر…
والجدران السوداء أغرقها المطر….

فأخذني خيالي لقصة الساحرة صاحبة بيت الشوكلاته…
و اغمضت عيني اتخيل ما سأجده من طعام وحلويات كثيرة… قبل ان تأتي تلك الساحرة الشريرة…

وقلت في نفسي لعلها في مكان ما في الغابة…
تحيك للأطفال مكائدها كالعادة…
وبعد جرعة كبيرةٍ من الشجاعة…
قررت الدخول في تلك الساعة…

فوجدت ما كنت اتخيل…
صحنا كبيراً من التفاح الأحمر…
والكثير الكثير من الخبز الاسمر…
وبعض اللبن والزيت… فقررت ان لا اغادر هذا البيت…

اخذت عود ثقاب … واشعلت بعض النار في موقد قديم… واكلت حتى شبعت… ونعست …. وتركت جسدي المتعب على كرسي متحرك بمسندين عاليين…
حتى غابت صورة المكان وراء جفنيّ الثقيلين….

إقرأ أيضا:اوجاع طفلة،بقلم:نغم علاء الدين الكناني

ونام معي عقلي…
و صورتي نامت على صدري…

حتى صحوت على انغام صوت العصافير تملأ المكان..
وتعزف للسماء أجمل الألحان….

ونظرت من تلك النافذة لأجد ان المطر قد توقف…
وحتى الشمس رأيتها تضحك من جديد….
فأحسست وقتها بفرحٍ شديد…

و رقصت في مخيلتي افكار العودة …
والخروج من هذا المكان….
وبسرعةٍ قدر الإمكان …
جمعتُ اغراضي في حقيبتي.
وفتحت الباب لأركض خارجاً…

ويالا هول ما رأيت!!!…
وجدت الظلام اشد من قبل… والمطر اقوى من قبل…
وحتى الريح كانت اسرع من قبل …

فأصابتني الدهشة والاستغراب …
ولم اعد اعرف ما الصواب…
فما اراه من النافذة غير الذي اراه من الباب…

فبدأ الخوف يعتريني شيئا فشيئا..
وقررت الهروب من النافذة… هي وحدها تخفي الحقيقة…

وركضت مسرعاً لأفتحها …
وما أن أمسكت مقبضها…
حتى غابت الشمس واصبحت تتلاشى…
ولم تعد العصافير بصوتها تتباهى…

وغابت تلك الصورة الجميلة…
وغابت معها الوان الفرح والعودة…

لم اعد استطيع التفكير…
فما انا فيه ليس له تفسير..
فرجعت بخطواتٍ قد قتلها الخوف…

ومن جديد رميت بجسدي المتوعك…
فوق ذلك الكرسي المتحرك…
وفي قلق وحزن شديدين…
قلت لنفسي…
انا اين؟؟؟

إقرأ أيضا:مناجاة أسير

هل انا احلم؟؟؟
ام ان تلك الشريرة قد قتلت عقلي…
ام هل يا ترى اعجبها شكلي…
فقررت حبسي هنا الى الابد…

حبسي الى الابد…

واصبحت اردد تلك العبارة مراراً وتكرارا…

حتى غاب عقلي من جديد….
وكأنه في قالب من جليد…

واطبقت جفنيّ لوقت لا أعرف مدته…
حتى استفقت على صوت أعرفه…
صوت قد سمعته طوال عمري…
يناديني كل صباحٍ ومساء…
صوت اجمل من كل الأشياء…

ففتحت عيناً وتركت الاخرى في نومها…
فرأيت ابتسامة اعشقها…
وقمت إليها مسرعاً لأحضنها…
نعم نعم … بصوتٍ عالٍ … قد صرختها…
كانت هي أمي بشحمها ولحمها…

وكأني لم أرها منذ دهور عديدة…
ولم أكف عن البكاء …حتى جلست معي …
ومسحت دموعي بيديها …وقالت:..
لقد خفت عليك يا ولدي …
فأنت طول الليل في قلق…
ويدك على صدرك تلتصق…
كأنك تحمل كنزاً…

فنظرت بسرعة الى يدي فوجدتها فارغة…
ونظرت الى الكرسي وماحوله…
وصرخت…. اين تلك الصورة!!! … اين هي غاليتي…

وقمت مفزوعاً ابحث في كل الأركان…
وتيقنت اخيراً اني أضعتها في ذلك المكان…

أضعتها في تلك الليلة الطويلة …
أضعتها الى الأبد..
وضاعت فيها ذكرياتي الجميلة..

إقرأ أيضا:كلام عن الغربة

اووه ..
لقد نسيت….

و ضاعت معها حقيبتي… واشيائي….
و ضاعت حتى علبة الكبريت…
النهاية….

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
على قيد الموت،بقلم:رشا ابراهيم القيام
التالي
القلب وما هوى، بقلم:فاطمة محمد الشرباتي

اترك تعليقاً