مُنَاجاَة أَسِير
صَحْراءٌ ذَهَبِيَّةٌ يَرْقُصُ فِيهَا الرِيَاحُ مَع الرِمَالُ وَوَاحَةٌ خَضرَاءُ اللَّوْنِ تَسْرِي القُشَعْرِيرَة لِجَمَالِهَا، وَبحْرٌ أَزْرَقُ هَادئ، وَجِبَالٌ شَامِخَةٌ صَعْبَةَ المِرَاصْ.
هَا أَنَا ذَا بَيْنَ جُدْرَانُ العَدَم وَالوُجُود. تَحْثَ الأَرْضُ دُفِنْتُ حَياً كَي أَصْمُت وَأُنْسَى وَأُفْنَى. لَقْد مَزَّقُوا كِبْرِيَائِي، وَحَرَقُوا أَعْلاَم الإِنْسَانِية فِي كَبَدِي.
فُكُوا قَيد هَذَا الجسد الضَئِيل لِيذهب فِي حَال سَبيلِه. لَقَد أَفْرَغْتُّم عَقْلِي وَقَلبِي وَعَاطِفَتِي مِنَ الحَيَاة، أَنَا مُجَردُ هَيكَل عَيْنَاهُ تُبْرِقُ بِدُمُوع الأَسَى. الرَأْفَةُ لِهَذِهِ اليَٕدَيْن الخَشِنَتَين الهَرِمَتَين، لَا أُرِيدُ أَنْ أَمُوتَ تَعِيساً وَمَنْسِياً، إَنَّ نِيرَانُ الأَسَى لاَ تُخْمَدُ فِي دَاخِلي وَالظُلمُ الذِي تَكَبَدتُهُ، لَمْ يُنْسِنِ كَيفَ أَحْلُمُ. أَخَدتُمُ مَاضِيِي وَسَلَبْتُمُ حَاضِري، أَلَّمْ تَشْبَعُوا؟ أُتْرُكُوا لي المُسْتَقبَل، لاَ لِأحْيَى بَلْ لِأسْتَطِيع المَوت بِسَلاَم فِي رُكنٍ مُضِيء.
رقية مهدي تغنمين
Comments
0 comments