مقالات ونصوص متنوعة

صبرًا على القيدِ، بقلم :دعاء الطّيباني”نص نثري”

يداكَ مُكبّلتان كما لو أنّك تُساقُ إلى سجنٍ مرفَّهٍ على ظهرٍ حصانٍ أبيضَ مزيَّنٍ بالذّهبِ الخالص، وعندما تصل إلى سجنك الجميل تبدأ في ذات الّلحظة مُعاناتك مع غُربتكَ.

فها أنتَ تنتقل من جنّتكِ الدنيويّة الخاصّة المحلاة بحريّتك المُطلقة إلى حياةٍ ربما تكون بها تحت تصرُّف إنسانٍ رحيم وربما إنسان لا يرحم.
لكلٍّ منَّا نصيبه..
ولكنّ الغربة أن يكون سجانكَ ليس رحيماً وأشبهُ بعدوٍ غاشم يغزوك، فتعيشُ في عالمك وبين أهلك غربةً وأنتَ لم تُغادر وطنك الأم حتى، وتبدأ غربتك النّفسية عن نفسك القديمة قبلَ سفرها عنك ومكوثها في مكان يهدد راحتها، ويكون الشد والجذب لما مضى أقوى، فالرِاحة والهناء أقرب لقلبك من القسوةِ والوحدة والألم.
هي غربة تتشبث بك بقوة لأنّ حلّها والخلاص منها ليس بالأمر السَّهل، فإما أن تتعوّد جدرانك وتتأقلم مع أنينك، وإمّا أن تتخبَّط وتُهزَمَ نفسياً.
وهنا بداية حربك ..
فسهامُ الصّمود لتصل إلى ما تحب تقف وجهاً لوجه مع رماحِ خُضوعك لقيدك الإنساني، ونار حربك تشتد وتقوى كلما رفض كل من طرفيها الهدوء والصلح.
حربك الضّارمة الهوجاء تقتلعُ كل مابداخلك من آمال وتفتح طرق الكآبة والخراب داخلك.
تبردُ تارةً وتسخن تارةً أخرى ولاتزالُ ترقدُ فيك إلى أن تحكم عقلك لصالح أحد الطرفين بشكل سليم.
والعاقل من يجعل صبره يقارب صبر أيوب في تحمله لتبعات هذه الحرب.
ويكون السّلامَ الداخليّ من حربك بتذكُّرِ أنَّ حالة الزواج ماهي إلا قيدٌ، وهذا القيد هو امتحان من الله لنا لمعرفة من هو القادر على التحمل ومن يستعين على ذلك بالتصبرُّ بالله.
والسلام كذلك هو اليقين بأن لنا ثواب خساراتنا الدنيوية وثواب كبح جماح أنفسنا عمّا تحبّ وتشتهي حفاظاً على علاقاتنا بمن حولنا ممن نحب.
فاعقل ونل ثوابك ولا تسمح لأحد أن يسلبك جهدك وما تبذله للفوز الأخروي، كن أنت القوي وهذِّب رغباتك لتنالها فيما بعد.

إقرأ أيضا:اهم مؤلفات ايهاب معوض

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
ذكرى اللقاء الأول بقلم:محمد مصطفى حلاق “قصيدة”
التالي
آهٍ على ٱه بقلم:ضحى الجهران “خاطرة”

اترك تعليقاً