منوعات أدبية

اللقاء الأخير /بقلم سهام السيريسي

آهٍ يا أمَّاهُ مُكبَّلونَ بالأحزانِ مُرهقةٌ قُلوبُنا، مكبَّلونَ بالآهاتِ تداوينَا صرخاتُنَا محاصرونَ بطيفِ الماضي الَّذي يتراقصُ بينَ وجنَتَي حاضرِنَا، وتنادينَا أطيافُ مستقبلِنَا وتمنعُنَا عنها مخاوفُنَا من غدٍ مجهولٍ ولكنَّه باتَ معلوماً من عنوانِهِ في ذلكَ اللِّقاءِ الأخيرِ…

في ذاكَ الممرِّ الطَّويلِ الَّذي تعدَّدتْ حجراتُهُ سمعتُ أنينَ روحٍ باتَتْ رهينةَ الأنفاسِ الأخيرةِ، ورأيتُ جسداً أشبهَ بجثَّةٍ هامدةٍ.
شعرتُ بضيقٍ في صدرِي ودموعِي تتدفَّقُ كشلَّالِ ماءٍ بلا توقُّفٍ وباتَتْ الكلماتُ غصَّةً في حنجرتِي وحلَّتْ لعنةُ الحزنِ كخنجرٍ في خاصرةِ اطمئنانِي
استجمعَتُ قوايَ ومسحتُ الدَّمعَ الحارقَ عن وجنتَيَّ وشقَّتْ ملامحَ وجهِي ابتسامةٌ مزيَّفَةٌ وصلبَتْ قامتِي وحذتْ بخطىً ثابتةٍ يعتريهَا الخوفُ من مواجهةِ الموقفِ الحتميِّ..

هل ما زالتْ روحُكَ حاضرةً في المكانِ؟
وهل بإمكانكَ رؤيةُ ملامحِي، تكلَّمْ لماذا كلُّ هذا الصَّمتِ؟؟

لماذا هذا التَّجاهلُ باللهِ عليكَ أجبْ وقل لي أينَ الملاذُ من بعدكَ يا ملاكيَ الطَّاهر؟؟

ثمَّةَ جمرٌ يحترقُ تحتَ رمادِ كلماتِنَا لا نستطيعُ إخمادَهُ ولا نقوى على إشعالِهِ حيرةً بينَ البوحِ والصَّمتِ لتلكَ الرُّوحِ الَّتي غادرتْنَا دونَ سابقِ إنذارٍ.
نعَمْ يا سادةُ كانَ هذا مشهدَ اللِّقَاءِ الأخيرِ الَّذي انتشلَ روحِي وأحلامِي وصفوَ أيَّامِي وكانَ وثيقةً لشهادةِ وفاتِي..

وما زالَ اللِّقاءُ الأخيرُ يتكرَّرُ في كلِّ حينٍ ?

إقرأ أيضا:ذكرى منسيةَ، بقلم:نور عدرا، “نص نثري”

سهام_عليّ

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
لماذا منع النبي علياً ان يتزوج بنت أبي جهل مع انها كانت مسلمة
التالي
رحلتي مع السرطان

تعليقان

أضف تعليقا

  1. لمنور محمد بوليف قال:

    الكاتبة سهام علي السريسي من أفضل و أروع الكتاب الذين أتابعم لديها أسلوب مميز و إنتقاء رائع للألفاظ و الكلمات … تمنياتي لها بالنجاح و التفوق في مجال الكتابة و أتمنى أن أرى لها عدّة كتب و مقالات في الأسواق.
    .لمنور بوليف .الجزائر

    1. سهام علي قال:

      شكراً لمنور ع ثقتك بكتاباتي، وانتم أصل الإبداع

اترك تعليقاً