منوعات أدبية

نصّ بعنوان:”المقهى رَقم 8 ، مقهى الذكريـات”

للكاتبة:رانيا محمد البج
الشِّجاراتِ لا تنتَهي
والمسافاتُ لا تموت
وقَلبي لا ينحَني
العِناقُ يُستحال
واللِّقاءُ بعيدٌ
الحُـبّ لا يبورُ من داخِلي
طِفلٌ يتيمٌ
يتوهُ لو فكرتُ انتزاعهِ من داخِلي
وِشاحُ الوحدة لا يُفارِقُني
الحُزن يُقبِّلُ قَلبي
والألمُ يتمكّنُ مني كلّ ليلةٍ
ويُخدِّرُني حدّ الأرَق
وأنتَ واقفٌ هُناك في مُنتصف
غُرفتكَ السّوداء
تنظرُ إليّ مُكتّفِ اليدين
ولا تفعل شيء لِأجلي
وكأنكَ تستمتعُ في عذابي
إفعل شيئاً لِأجلي كأن
تقطفَ لي حبّات الفراولة
وتُشبهُ شكلها بقلبي الذي يُحِبُّكَ
إفعل شيئاً كأن تُنقذَني ممّا أنا عليه
العُمرُ يضيع
يتوهُ ويشيبُ
نموتُ على مَهل
ببُطئٍ شديدٍ ينغرزُ سمّ ومُرّ
الحياةِ بِنا
وأنا حيثُ أنا
في مقهى قديم
جالسةً على كُرسيٍّ مُغبَّرٌ
بصدأ السنين
أسمعُ تمتماتهِ
يهتزُّ من الأسفل
وكأنّهُ يُخبرني أنني وحُزني
ثقيلين عليه بثقل الجِبال والهموم
المُتراكمة فوق كتفيّ
تحتضنني الذكريات
ذِكرى تِلو ذِكرى
وجُرحٌ تِلو جُرح
أُفكرُ بكَ كالعادة
أتذكرُ كلّ تفاصيلكَ
المُختبئة في قاع قَلبي
شريطُ حكايتنا يُعادُ في ذاكرة عقلي
أقفُ دوماً عندَ مقطع الذكريات
عند ضحكتكَ تحديداً
أتحسّسُ وجهكَ
ثمّ أبكي
إنّها المرّة المِئة التي أعيدُ بها شريط
حكايتنا التي تنتهي أمامي
دون أن أفعل لها شيء
دون أن أُنقذها من غرقها
وأُعاوِد البُكاء
أُتمتمُ بحروفٍ لم أعي معناها
تَ
شَ
تُ
تْ
إلّا حينما جمعتُها معاً
” تشتُت”
برجفة
بخوفٍ وصعوبة
بنفسٍ عميق
وتنهيدة مُؤلِمة
إستطعتُ نطقِها ..

إقرأ أيضا:ملكةُ الخيال ، بقلم:بديع أحمد البكور

-ماطلبُكِ؟
عَفواً ..!
-أنتِ هُنا في مَقهى الذّكرياتِ
ماطلبُكِ..؟
أليس هذا المقهى هو مقهى صُراخ القلوب
المملوء بالذكريات المُؤلمة
التي تحتضنُ القلوب البارِدة؟
-بَلى!
ماطلبُكِ..؟
لِمَ رددتها ثلاثة مرّات؟
-لِأنكِ تنزُفين حُزناً فوق طاولة اللِّقاءات
عينكِ اليُمنى مُتورمة
البنفسجُ والسواد يحتضنُها
يداكِ ترجُفان بقُوّة
قدمكِ اليُسرى تهتزُ بسُرعة هائِلة
شفتاكِ تنزُفان
جافتان
منذُ متى لم تشربي المَاء والعَصير؟
أظافركِ مقضومة
شيءٌ ما تكسَّر بداخلكِ

ماطلبُكِ..؟

-كوبُ نسيـَان
طبقٌ فارغٌ
أبيضٌ
شفاف
لأتقيء قلبي بهِ
حساءٌ مليءٌ بالفُليفة الحارَّة
عناقٌ في عالم خالٍ تماماً من البـَشر
قطعةُ حَلوى مُبللة بالدُّموع
جافّة لايشتهيها أحد
كي أضعها على رصيفُ الذكريات
قُربَ قَلبي المُشتَـتْ. ?

#Rania

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
نص بعنوان : سقم مشتاق
التالي
نص بعنوان: رسالة انتحار

اترك تعليقاً