مقالات ونصوص متنوعة

ديمومة ذكرى، بقلم : هدى محمود الكفري

باتَتْ تفكّرُ أنّه من المخيفِ أنْ تثقَ بروحها حتّى؛ عِندَما ماتَ الزّمنُ الضاحكُ بشهقةِ دمعتها، أصبحت ترتابُ ظلَّها خشيةَ أنْ يسرقها ويطبعُ وصمةَ عارٍ في جدارِ قلبها هو أيضاً باصطكاك الظنون!
اهتزَ كيانُ وتمزّقتْ راحةُ من تُمثّلُ الحجرَ الأساسَ لرِفعة عائلة!
نضَجَ جرحُها للحدِّ الّذي عايشَته مُغتالةً تنهيدةَ الكسورِ مُبرحةً وجهها اتهاماتٍ وصفعاتٍ إنْ تشوّهت ملامحُ حزنِه بابتسامةِ مجاملةٍ!

بدأت حكايةُ الارتيابِ في يومٍ خانَ اللّحظاتِ الهادئةِ ليُصاحبَ بؤسَ العالمَ ويغرسُه في موقدةِ الذاكرةِ،
في يومٍ كانَ به الاحتياطُ نائماً الويلةُ مستيقظةً الذنبُ غريباً الدمعةُ مألوفةً تنتظرُ حزناً يبعثرُ مرقدَها والأمانُ كان مأسوراً في غياهبِ الإهمالِ أما الضحكةُ فكانت تُوضِبُ حقيبةَ آثارِها معلنةً انتهاءَ عملها في المنزلِ الّذي بعثرَ الأرقُ مضْجعَ قاطنيه وجافتْه طبيعةُ اهتداءِ النفسِ الضائعة!
في عتمةِ اللّيلِ الّذي تسكُنه قذارةُ الأفعالِ بدأتْ حكايةُ سرقةٍ واحدة أودت بالهلاك بعائلةٍ سُرقَ منها كلُّ مايخصُها بلحظةٍ داهمتها الكارثة، سارقٌ من النوع الّذي تتقوقعُ رغبتُه في سنّارةٍ تصيدُ جوهرَ الشخصِ لا مايشتريه، أنْهى مهمةَ السَرقةِ ولمْ يكلفْه الأمرُ سوى صرخةِ عارٍ صامتةٍ خلّفها وراءه ونادى الخفاءَ ليحملَه هارباً من حسابِ الضميرِ والسجنِ الّذي يُناجيه المظلومُ الفقيرُ ليخففَ من وطأةِ الألمِ الممزّقِ بسوداويةٍ للراحةِ في مجتمعٍ اعتادَ إخافةَ النّاسِ من ظلّها الرفيق،
سرقةٌ انتشلَت سرقاتٍ تضعُها في صفوفِ الضّياعِ هي سرقةُ الشّرفِ الملتحمِ بالكرامةِ والطهارة بالبراءةِ والشموخ بشهقاتِ الاحتفال بالسّلام،
ضاعَ الشّرفُ فتناثرت الابنةُ في زوايا الرّهبةِ وتكيّفت مع تصدّع الأملِ الّذي يشقّ الطريق واصلاً لإحياءِ الذاكرةِ المخزنةِ لكرهِ النظرات وتوقفِ التعبير وفقدِ النجاة،
ذُلّت الكرامةُ وطُرح الأبُّ معها في أرضِ الاختفاء،
تدنّست الطهارةُ وشُلّ قلبَ أمٍّ عَجزَ الزّمن عن اضحاكها،
أُقتُلِعَت براءةُ طفولةٍ مِن جسدٍ أصبحَ هزيلاً مِن وجهٍ غدا باهتاً يصارعُ الحياةَ، تُناهضُ الشقيقةُ بؤسَ أختها لعلّه ينسى طريقَ حنايا روحها، فنسَت مامعنى أن تهربَ من همّ المستقبل المرتقبِ لمحراب طفولتها “لقد اضمحلت خلوتُها مع ألعابها”
من قالَ أنّ المالَ هو أكبرُ سرقةٍ لم نرَ ذلك إلّا بأعين المجتمع ، لا بل إنّ الموتَ على قيدِ الحياةِ هو غصةٌ في حنجرةِ حقيقةِ السرقات.

إقرأ أيضا:قف قليلا بقلم سارة أحمد التائب

حالةٌ شاذة: مقتلٌ جديدٌ لروحِ عائلةٍ جائعةٍ للمساندة، قُتلَت بسكينِ سرقةٍ والجاني هو الذعرُ وخلوُ الأمانِ تعقبهما مساعدةُ عدمِ الشكوةِ لمؤمّن الأمان، والحقيقةُ مرآةٌ كُسرَت ولمْ يُعدْ لملمةُ شظاياها والمُعيق مجتمعٌ يصيحُ بالغباء. 

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
صفات المرأة فى برج الدلو
التالي
أمنية الصدفة، بقلم : فلك عبد الرزاق لحلوح

اترك تعليقاً