مقالات ونصوص متنوعة

لا تقلق لن أخذلك، بقلم : رها ناصر الراعي “نصوص نثرية”

قد أفقت من حلمي على صوت صراخ أحد المستأجرين الذي أستأجر في الطابق العلوي من الجهة اليسرى من فندقي المسمى باليد
قد كان ينزف حاولت أخذه الى المشفى رغم التساؤلات التي تراودني
كيف ولماذا!!
قد انتظرته كثيرا رغم عدم حبي للمشافي
بعد انتظاري له في مكان الاستقبال المخصص بمدة طويلة مر أحد العابرين يحمل على صدره بطاقة تعريف أنه من أحد خوادم المشفى
أعطيته قدر كاف من المال لمعرفة اسمه ومعلومات عن أهله وأقاربه وأن يخبرهم بحاله وعن مكانه
لم تكد الساعة تنتهي حتى عاد وقال لي أن الجميع لم يقبل أن يتركوا اعمالهم
وأن اسمه القلب
بدت علي علامات الدهشة أويعقل أن لا أحد يحبه
فشكرت الخادم وذهبت لاطمئن على القلب
كان بعد ذلك الزجاج الشفاف
كان ملقا على السرير المليئ بدمه
وعيناه المتورمتان أظنه قد فني تماما
أصبحت تدور أفكار في رأسي
رغم أنه مستأجر لدي إلا انه قد وكله العظيم بتوليه شؤونهم للمستأجرين الباقين
وأن حدث شيء فلا عاد للمستأجرين أمان لبقائهم فسيرحلون لانهم مرتبطين بوجوده
رددت في نفسي … لا يمكن أن يحدث ذلك سأفلس قريبا
ذهبت مسرعة ألح وأقبل يدي الطبيب لكي ينقذه و يفعل كل ما بوسعه
فقال لي وهذا ما أثار رعبي أكثر
:لا نتمكن من أن نفعل شيئ لقد ضمضنا الجرح ولكنه ينزف كثيراً
عاود الكلام بعد رؤية الحزن في عيني
كيف حدث معه ذلك ؟ماذا تكوني له؟
لم أعرف ما أجيبه
لكنني قلت له هناك أناس كثيرة تنتظره لكي يحميهم ويريدونه بقربهم
 في البداية ظن أني أمزح فإنه لم يرى أحد في انتظاره في غرفة الاستقبال
فقال لي بإستغراب كيف له أن يحميهم
لم يعد قادرا فقد استنفز طاقته في جرحه
لم أكن أريد أن أسمع تلك الكلامات كنت أريد فقط أن أنام وأستيقظ وأن يكون ذلك كابوساً
ولكن كيف يكون وأنا أستيقظت على صوته
قلت للطبيب ألم يعد ينفع شيء
قال يمكنه أن يعود كما كان لكن يجب أن يأتي أحباؤه لكي يقاوم ما يحدث له عند رؤيتهم
ذهبت بنفسي أتوسل إليهم بعد معرفتي بأماكن بيوتهم فقد أشفقت عليه رغم عدم معرفتي به ونسياني قصة الإفلاس
جاؤوا بعد كل تلك الإغراءات التي قدمتها لهم
ثم وقفوا حوله يتأملوه
أفاق القلب بعد طول انتظار
نظر وإذ بهم يشاهدوه من بعيد
فقدم جملته الأولى بقوله ظننتكم لن تأتو
أجابوا ومن قال لك أننا جئنا من أجلك
نظرت إليهم وأنا أغمز لهم بالسكوت وأتمتم بصوت خفيف أن يكفوا عن ذلك لكنهم لم يصمتوا بل ازعجوه أكثر وأكثر ..قلت والغضب يملؤني توقفوا سيزداد جرحه أكثر
 لم يتوقفوا وأصبحو يلقون جملهم أكثر وجرحه يزداد أكثر
حمل قوته المتبقية منه و ذهب القلب إلى الطرقات المليئة بالمطر والبرد
كان له البقاء بمفرده بهذه العزلة والوجع أهون من أن يكون بينهم
فقلت غادروا غرفته
كررت جملتي غادرو غرفته
فذهبو دون ان يكترثوا إلى أين ذهب وفي منتصف الشتاء بجرحه الذي سيقتله
نظرت إلى الغرفة التي امتلأت بدمائه
 حاولت اللحاق به
الا أنني لم أتمكن من رؤيته لكنني رأيت دمائه التي تركها خلفه
حاولت تتبعها ….
لقد رأيته يمشي خلف أحبائه الذين زادو من جرحه
تساءلت في نفسي هل انتظرتهم حتى يخرجوا لكي تراقبهم من بعيد
 وأنت من تركهم وذهب !!
ركضت إليه ودموعي لم تكف عن النزول
احتضنته ونام بين أحضاني
أخذته الى غرفته 
قلت له لا تقلق سأحميك
ففتح عيناه وقال لي
أنت الأمان الوحيد الذي سأتمسك به حتى آخر حياتي
رددت له نم لا تقلق لن أخذلك ….
كثيراً مانحب الأشخاص الخطأ الذين يجرحون بنا دون اكتراث مثل أحباء القلب
ونظل نراقبهم من بعيد
نفني أنفسنا من أجلهم
لكن في الحقيقة لا أحد يقف بقربنا سوا أنفسنا ..

إقرأ أيضا:أعراض تدل على ظهور ضرس العقل

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
وقتٌ وموت, بقلم : مرح مراد القاضي “نص”
التالي
حقنة حياة/بقلم:غدير سعد علي..”نص أدبي”

اترك تعليقاً