Funny

نص نثري بقلم شيماء حمدك

_الرسائل الورقية
طُوبى لماضٍ كانَ للمشاعرِ فيه خصوصيّةٌ وتعظيمُ شأْن؛ مشاعرٌ سرعانَ مايعلن عنها تعود لتبقى حبيسةَ صفحاتِ الورق وطيَّ الكتمان.
كلُّ الإمتنانِ للحقبةِ الزمنيةِ التي عندها عرش الفؤاد يرتعشُ لمُجردِ وصول رسالةٍ بريديّةٍ من الشخصِ المنتظر ؛رسالةٌ مكتوبةٌ بخط اليد تحملُ معها رائحةَ عطر المُرسل؛ حروفها الأبجديّة المتبعثرة تقفُ مدهوشةً من عظمةِ مايُكنُّه المُرسل من مشاعر رقيقة برقّةِ الورقة التّي بين أنامِله.
مراراً أُحاول إحياءَ مُتعةِ شعور المُرسلِ وهو يدوُّن مايحلو لهُ على رسالتهِ محاولاً بوحَ هُيامَه بجمالِ خطِّه وجزالةِ كلماتِه ؛حباً ذائباً بحبرِ القلمِ ومنسكباً على صفحاتِ الورقِ لاْمرأتهِ التي دقت ناقوس قلبِه مغرقاً إيَّاها بأرقى العطورِ الفرنسيَّة ومن ثمّ وضعَها بذلكَ الظرفِ الأبيض النَّقي كنقاءِ عاطفته؛ البسيطُ بتفاصيله والعظيمُ بمضمونهِ.
كثيراً ما يشدّني الحنينُ لتلكَ اللّهفة التّي تقبعُ صدورَنا لحظةَ استلامِ الرسالة علاوةً عن التوقِ الفاضحِ من المُقلِ لمعرفةِ مُرسلهِا مصاحبة تلك اللهفةِ تراقصُ خفقاتُ القلبِ ورجفةُ الأيدي أثناءَ فتحِها بعجلةٍ حتّى وقوعِ بصرنا على أوّل كلمةٍ منها.
كم أتمنى عودةَ الرسائلِ البريديَّة الدافئةِ في ظلِّ مانقاسيهِ من رسائلَ الكترونيّة باردةْ ؛ ليتَ زمنها يُعاود كرَّته لتبقى تلكَ الرسالةُ الشاهدةُ الصامتةُ لتفاصيل مشاعرنا الناطقة وتكنْ يدَ العونِ لنا بغيابِ صاحبِها والمخدرَ الوحيدَ لنوبات حنينِنا، عليها نتكأُ في مواجهةِ أنيننا.

إقرأ أيضا:نص نثري بقلم نعيمة معيزة

“لمن يوّدُ نيلَ مني قسطاً كبيراً من الحبِّ والوديَّة فليخطَّ لي أعذبَ كلماته على رسالةٍ ورقيّة”

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
نص نصري بقلم نور مضيها
التالي
نص نثري بعنوان تستيقظ لنحيا بقلم خديجة عبد الله العدوان

اترك تعليقاً