مقالات ونصوص متنوعة

رحلةٌ من خيال

فتحتُ عيْنايَ فإذا بي في عَتْمةٍ قاتمةٍ لا أكادُ أرى من خِلالِها، مكَثْتُ جامدةً في مكاني لاَ أستطيعُ الحِراكَ، وإِِذْ بقِنْدِيلٍ يُضيءُ بَغْتَةً عن يميني، اتَّجهتُ مسرِعةً نحوَ ذلكَ الشُّعاعِ، عَلَّنِي أعرفُ منْ أتى به وَ أَوْقَدَهُ، لكنَّني لم أجِدْ أحدا ولم يكن هناكَ شيءٌ سِوَى طَيْفِي الذي يُلاحِقُني، أخذتُ القنديلَ وعُدْتُ أدْراجِي، عسانِي أجدُ مخرجًا، خطوْتُ بضْعَ خطواتٍ إلى الأمامِ وأنا مُتَوَجِّسَةٌ، كان الرُّعب يتملَّكُ قلبي، وفجأةً شعرتُ بطاقة غريبةٍ تتصاعدُ مع جِسمي، فكانت كنارٍ أوْقَدَتْ عزيمتِي، فصمَّمْتُ على مواصلة المسيرِ، حتَّى انتهى بي الطَّريقُ إلى بناءٍ عتيقٍ ذو طابعٍ عربيٍّ أصيلٍ، له باب خشبيٌّ كبير، وسورٌ عظيمٌ تعودُ حِجارتُهُ إلى آلافِ السِّنينِ الخَوالي، طرقتُ الباب وقد ارتجفتْ يدايَ و راوَدَنِي الخوفُ مجدَّدا، طرقت مرَّة ثانية وثالثة لكن لا مُجِيب، قرَّرْت أن أفتح الباب وأمضي فلا سبيلَ آخر غير هذا، فتحتُه فكان له صدى فرَّ منه الطير لشدَّتِه، مشيتُ قليلا حتى انتهيت إلى ساحة كبيرةٍ جدّا بها بنايات أسْقُفُها على شكل قِبَبٍ، رفعتُ القِنديلَ لأتفحَّص تلك البناياتِ، فاندهشتُ بوجودِ المآذِن فيها، علمت حينها أنَّ هذه البنايات إنَّما هي مساجد، فاستأنسْتُ بذلك وتهلّل فؤادي، اتجهت صوب أحدها، فتحت الباب فتحةً بسيطةً لأرى من خِلالها فإذا بها عددٌ هائلٌ من المصلّين، كلهم في خشوعٍ وسكينةٍ و وقارٍ، أطْرقْتُ الباب ورُحتُ أتجول في المكان وأفتحُ كلَّ بابٍ من الأبواب التي أجدُها فكان الأمرُ ذاته في كلِّ مصلَّى، واصلتُ تجوُّلِي ثم جلستُ عند إحدى السَّواقي وأسندتُ ظهري إلى الجِدار منتظِرةً أن يخرج أحدهم لأسأله عن المكان وعمّا يجولُ هنا، فداعب النعاس جفْناي وأسدلهما من التّعب، عندما استفقتُ كان قد بدأ شعاع الفجر يتسلَّلُ إلى المكان فاتَّضحت الرؤية وبدأ النّاس يأتون أفواجاً مهلَّلين وحاملينَ راياتِ السّلام، فجذبتُ أحدهم وسألتهُ: بالله عليك أخبرني ماالذي يجري هنا؟ فقال:إنَّه النصرُ العظيمُ لقد فُتِحَ المسجدُ الأقْصى.
هاجر علي بوداود

إقرأ أيضا:معلومات عن طائر الجنة

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
حُلم مِن جوفِ الحُطَام ..
التالي
نص نثري بقلم سماح سفيان موسى

اترك تعليقاً