خاطرة

روح هائمة بقلم رنيم خليل الحجاج .

روح هائمة
رحلوا ولم يبقى أحد فأصبحتُ وحدي بلا سبب هل أعجبهم الرحيل؟
أم أنني كنتُ البديل؟
فبدأتُ أبكي في رجاء وبحثتُ ولم أجد الضياء، هل أنا حيٌ أم ميتٌ؟
وهل وجودي وحدي بين الظلام حياة؟

ليلٌ هادئ وظلام حالك ولا أحد يجلس هنا سواي فأنا أُقيمُ وحديَ منذُ سنواتٍ كنتُ أجلسُ أمام المدفئة قبل أن ينقطع التيار الكهربائي عن المنزل لكنني لم أكترث فبقيت جالساً في مكاني فقدإعتدتُ على إنقطاعِ التيار في هذا الوقت كل ليلةٍ منذُ بدايةِ الأسبوعِ.
لكن حدث ما لم يحدث معي من قبل لقد سمعتُ صوتاً يأتي من الغرفة المجاورة فذهبت لأرى ما ذلك الصوت وانا لا أحمل بيدي سوى ما تبقى من الشمعةِ، ما إن وصلت حتى وجدت أخي الذي توفيَ منذُ سنوات يقف أمامي وَيمسكُ سكيناً في يده كان يريد قتلي.
…..
لا أستطيعُ النومْ في كل مرة أضعُ رأسي على الوسادةِ أتذكرُ صورةَ أخي الذي كان يريدُ قتلي، وكيف إختفى من أمامي حالما عاد التيارُ ؟
بقيت مستيقظاً طوال تلك الليلةِ، ليسَ خوفاً، بل لأنني لم أستطيعُ الهربَ من التفكيرِ به.
توفيَ اخي قبل سنتين كنا نقيمُ معاً قررنا الذهاب في رحلةٍ يوم الخميس إلى البحر كنا سُعداء جداً قبل أن يسرقُكَ ذلكَ البحر ، لم يَكُنْ ذنبي ولم أكن السبب ولستُ أنا من الذي خطط لتلكَ الرّحلة اللعينةِ ولم أتوقع حدوثَ ذلك ولكنَ البحرَ لم يكتفي بكَ فقد سرقَ العديدَ من الأرواح والأجسادِ
كنا نسير معاً قبل أن تهبُ الامواج لتنتشلكَ من بين ذراعي كنت قد أمسكتُ بجذع الشجرةِ أنتظرُ مجيءَ أحدٍ لإنقاذي .
شعرتُ بالندم هل كان علي أن أرفض الذهاب في تلك الرّحلة، أم كان عليَ أن لا أتمسك بذلك الغصن الذي أبقاني على قيد الحياةِ بدونك، كان عليَ الذهابُ معك كي لا أعيش عذاب الفراقِ، لا زلتُ أتذكرُ صرخات أُمي عندما سمعت بذلكَ الخبر فلا انا ولا هي ولا أحدْ كان يعلم بأنه لم يتبقى لك سوى ذلك اليوم وأنك سوف تفارق الحياة قبل أن تكمل السادسةَ عشرَ عاماً من عمركْ .
كانت فاجعةً مؤلمةً فقد سرقت أطفالاً وشباباً وأبكت العديدَ من الأُمهاتِ والآباءِ وحرقت قلوبَ العديدِ من الأشخاصِ كانت أرواحهم تزورنا في كُلِ خميسٍ إنها أرواحٌ هائمة .
كم تمنيتُ أن نلتقي حتى لو كان اللقاءُ مستحيلاً، كم تمنيت عودتكَ سالماً، حتى وإن لم تَعد، لقد رحلت تلك الأيام تاركةً خلفها العديد من الأحزآن والذكريات المؤلمةِ .
ها أنا ذا اجلس على الأريكة وأرآكَ في كُلِ مكان أصبحتُ أرآكَ بإنقطاعِ التيارِ الكهربائيِ وبحضورهِ أصبحتُ أرآكَ في أحلامي وفي أيامي أصبحتُ ارآك في خميسٍ أو بدون .
ذهبتُ إلى طبيبٍ نفسيٍ وأخبرته بما يحدثُ لي ادركَ الطبيبُ أن ما يَحدث لي لم يكن سوى تخيلاتٍ لا أكثر فلا أحد يريدُ قتلي وليس هنالكَ أرواحٌ هائمة بل إنني مصابٌ بالإنفصام العقلي وإنني أحتاجُ إلى العلاجِ مدى الحياة .
رنيم خليل الحجاج .

إقرأ أيضا:حنين وألم، بقلم:فاطمة سعيد ماوردي”خاطرة”

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
شتاء نوفمبر بقلم رغد قصي قنديل
التالي

اترك تعليقاً