موتُ الآباءِ ليسَ إلا صدعٌ في الفؤادِ لا يلتئِم أبدًا، موتُ الآباءِ كُتلةَ حزنٍ على القلبِ تُرافقنا أينَما حللْنا ورَحلنا وابتعدنا، موتَ الأبِ ليسَ إلا أنهُ جزءًا من روحِكَ قد غادَر، حتى حينَ قالوا بأنّ كلّ مرٍّ سيمُر، لم تشْمَل هذه العبارةُ مرارةَ موتُ الأب، فكيفَ ستشملُها وقد بُتِر أعظمَ جناحٌ كانت تملكَهُ تِلكَ الإبنة؟…
كيفَ لتِلكَ الابنةَ الفاقدةَ لأبيها أن تقفِزُ بقوةً من جديدْ؟… أينَ الساعدُ الّذي سيسْنِدُها؟… كيف لها فعلُ هذا وباتَ فقدُ أبيها وجعٌ يقتصُ عُمقَ عافيتها؟… مهما تظاهَرَت تِلكَ الابنةُ بالقوةِ فهيَ منَ الداخلَ حُطامْ، فلقد انشَطَرتْ نِصفَين، لم يتبّقى لها حُضنًا تَلجَأُ إليه عندما يضيقُ بها الكونْ، نعم فتِلكَ الابنةَ لن يكتَمِل أحدًا في عينِها كما اكتمَل أبيها، تلكَ الابنة التي تطلُب من أبيها السّماحَ كلّ ليلةٍ وتقولَ له: أبي هلْ تؤذيكَ دموعيْ؟… سامحني فليسَ لي حولًا ولا قوة، صدّقوني أنّ الشوقَ لمُميتْ.
شوقُ الابنةَ لأبيها كشوقَ العطشانِ للماء، فكيفَ تُريدُ مِنها أنْ لا تراهُ في كلّ صوبٍ وناحية، لا تريدُها أن تقدّسُ استقلالَ روحِ أبيها عن جسدهْ، صدقوني تِلك الابنةَ في كلّ ليلةً تطلُبَ من ربّها وتقول: خُذني يا ربّي إليْه، خُذني لطيّاتِ قلبه، خُذني أطمئِنُ على حالِه، خُذني لهُ يا اللّه. فواللّه من عظمةِ الشعور وألمُه ليسَ بِقلَمي حيلةٌ، وليسَ ليْ إلّا أن أقول: ومع موتُ الأبْ كلّ حبِ الدُنيا دُفِنْ.
إقرأ أيضا:تعبير عن الإنترنت سلبياته وايجابياتهComments
0 comments