مقالات ونصوص متنوعة

“القاتل الصامت ” بقلم بتول أيمن اسماعيل

بتول أيمن اسماعيل
العنوان: القاتلُ الصّامتُ
اخترتُ أَن أُعنونَ نَصّي بِهذا الإٍسمِ؛ لأنَّ الخِذلانَ لا يُشبهُ سِواهُ. يُميتُكَ مِن الدَّاخلِ بِكُلِّ هُدوءٍ ومِن دونِ إحداثِ أيِّ ضجيجٍ. تقفُ عاجزًا أمامَ النُّطقِ بحرفٍ واحدٍ، تخيّل! حتّى الأًحرفُ والكلماتُ سَتخذُلكَ هُنا؛ فمشاعركَ قَد تَخطّتِ القُدرةَ على البَوحِ. تتخذُ سريركَ ملجأً، تَدفنُ وجهكَ التّعيسَ داخلَ تلكَ الوسادةِ، فتصبحُ غيمةً سوداءَ مليئةً بأمطارِ دموعكَ، يُريحكَ البكاءُ، لكنّ راحتهُ تكونُ مؤقتةً، فالعودةُ لدوّامةِ الأفكارِ قريبةٌ وستجرفكَ معها لحضيضِ القاعِ. تلجأُ للكتابةِ، للرّقصِ، للموسيقى، للرَّسمِ، ثمَّ تعودُ لِتنظرَ بيأسٍ لكلِّ ما فَعلتَهُ وتستسلمُ للنَّومِ.
تُضرم النَّارُ داخلَ قلبكَ تارةً؛ فَتوقظكَ من شدّتها. تارةً أُخرى يَرتجفُ قَلبكَ بَردًا، فَتتجمّدُ مشاعركَ ، أمّا الوقتُ فيصبحُ كقِطَعِ الجليدِ ويُثقلُ قلبكَ، إذْ يمشي تمامًا كما يمشي المنشارُ على قِطعةِ خشبٍ، يُدميكً من الدّاخل، بينما مَظهركَ يبدو ثابتًا وبكلّ قوّةٍ ووقارٍ تواجهُ العالمَ اللّعينَ، الّذي يَخذلكَ دائماً ويُعيدُكَ إلى دائرةِ غرفتكَ المُغلقةِ والمُثقلةِ بالألمِ والانكساراتِ.
يَختارنا الخذلانُ دائمًا أصدقاءً له، يَأبى أَن يُفارقنا، يُصبحُ شيئًا من حياتنا اليوميّةِ، خذلانُ أصدقاءٍ، أحبابٍ، خططٍ، خذلانُ مشاعر وأحاسيس وأحلام، وفي النّهايةِ خذلانُ قلمٍ.

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
“هواجس” بقلم مروى محمد ماري
التالي
ثم ماذا؟ بقلم منى محمود كساب علي

اترك تعليقاً