عَنها بِِها
إنَّ القَلَمَ لَيَتَنَعَّمُ أَيُّما تَنَعُّمٍّ إِذا ما جَرى كاتِبًا عَنِ العَرَبِيَّةِ وفيها، وكُلُّ الكَلامِ فيها لا يَفيها، لُغَةُ القُرآنِ، لُغَةُ الضَّادِ والأجدادِ.
وَيكَأَنَّ الجَلالَ يَأبى في عالَمِ اللُغاتِ إِلَّا أَنْ يَكونَ العَرَبِيَّةَ؛ إِذ قيلَ لِلجَمالِ كُن فَكانَ العَرَبِيَّةَ، وقيلَ لِلتَمامِ والكَمالِ كُونا فَكانا لِلعَرَبِيَّةِ، كيفَ لا وُهِيَ اللُّغَةُ المُصطَفاةُ مِنَ اللّٰهِ جَلَّ جَلالُهُ لِتَكُونَ لُغَةَ كِتابِهِ؟ ، قال تَعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُوْنَ﴾، ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِيْ عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُوْنَ﴾، ﴿بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِيْنٍ﴾ وجَعَلَ مُجَرَّدَ النَّظَرِ إلى القُرآنِ العَرَبِيِّ وتَمتيعِ العَينِ وتَسريحِها في جَمالِ الخَطِّ العَرَبِّي عِبادَةً نؤجَرُ عَلَيها.
هِيَ لُغَةٌ لا تُدانيها لُغَةٌ ولا تُشابِهُها في سِعَتِها وسَلاسَتِها وثَرائِها و إحاطَتِها وشُمولِها وروعَةِ فُنونِها وعُلومِها، ودِقَّةِ و جَمالِ معانيها و مَبانيها.
لَنْ تَجِدَ لُغَةً تُنصِفُ الشُّعورَ والفِكرَ إذا أُريدَ التَّحَدُّثُ عَنهُما وفيهِما كاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ، حَتَّى أنَّها لا يُنصِفُها ولا يَقتَرِبُ مِن إنصافِها في تَمامِ الوَصفِ والتَّغَنِّي بِها إلَّا هِيَ!
وإنَّ اللُّغَةَ العَرَبِيَّةِ على العَرَبِ لَمِنَ النَّعيمِ في الدُّنيا، وإنَّها للمُسلِمينَ عَرَبًا وعَجمًا اللُّغَةُ المُوَحِّدَةٌ للمُوَحِّدينَ في الجِنانِ فَهِيَ بِذٰلِكَ تَكونُ مِنَ النَّعيمِ في النَّعيمِ.
يا سَعدَ مَن تَعَمَّقَ في العَرَبِيَّةِ ومِن جَزيلِ عطائِها اغترف، ويا لتَعاسَةِ مَن حَرَمَ نَفسَهُ وظَلَمَها بِالنَّأيِّ عَنِ العَرَبِيَّةِ.
لا يَعرِفُ العَرَبِيَّةَ حَقَّ مَعرِفَتِها أحَدٌ إلَّا شَغَفَتهُ حُبًّا، وإنَّ الشَّغوفَ في حُبِّ العَرَبِيَّةِ لا يُعذَلُ ولا يُلام .. واللّٰهِ لا يُلام .
بقلم المبدعة: شذى عز الدين فتيان
Comments
0 comments