وقيل:-
_يبدو على ملامحك الإرهاق، و الثّقَل، الايام هذة كانت صعيبة حقًا، لست تُلام..
_باتت الحقائق زخرفة فقط، و الجوهر صار وهمًا، و ضربًا من الخيال، هذا مؤلم جدًا..
_لا بأس، لا بد لنا يومًا من التأقلم مع هذا التيار..
سيأتي يومًا لا نُعانده فيه، و سنسير معه، دون مواجهة، دون صراع، سيأخذنا على أطرافه حيثما شاء، سنتأقلم..
_نتأقلم..!
أتعلم ، هذة الكلمة التي يسعى لِان يطولها الجميع، وحين يفعل يعتبر هذا إنجازا عظيما في ملفه الشخصي بالنسبة إليه و لغيره..
نتأقلم..!
لكنني بصبغةٍ عربية، جُبلتُ على التحدي، وعلى ألا أسير مع التيار ليجرفني نحو اطرافه وأنا مركز العمق ذاته، فأنا عربي..
هل يقبل عاقلا بأقل مما يستحقّ؟!
فلمَ عليّ قَبول ذلك وأنا العاقل..
_تبدأ بفرض فرضيات معقّدة و تُعاند، كالعادة..
ما يُجبرك على النزاع..؟!
_ فرضياتٍ مُعقّدة؟!
ليست كذلك صديقي، لكنني سأعذرك..
أنا عربي، و هوية عربيّتي هي لغتي..
فعلّمتني ما معنى أن يحمل المرء هوية عربية..
سأعذرك، فيبدو أنّكَ لم تُصافح وجنتيّ اللغة و لم تُداعب كلماتها فِكرك، ولم تُنصِت لبوحها الرّزين، ولم يتبارك سمعك باتّزان التفاصيل فيها، ثمّ أنّك لم تجرب ما قيمة أن يكون لك دليلا عظيمًا يدلّك حيث المسار الأجدر بالأخذ حين تقف في المنتصف بين معنانٍ متنكّرة يظهر جليّاً بأنها متشابة و بالحقيقة هي ليست كذلك..
ولم يصل إدراكك بعد إلى أن حركة ما في مكان ما قد تفرض عليك أن تُعيد النظر في مجرى الأمور كاملة،و أن تدرس تفاصيل المَقصد مرة أُخرى..
ولم تميّز يومًا أن مكانة الشيء قد تتغير، و مسماه ينقلب ما دام انه يسمح لأي شيء آخر ان ياخذ الصدارة منه، أو أن يتقدّم عليه..
لم تعرف ما قيمة أن يحفظ المرء مكانته، و إن كان لا بد من تغيير فالرفع هو الخيار الأصوب..
وأنا كلغتي..
لا أقبل بتغيير مبدأ مني، أو أن تنقلب قواعدي الثابتة، أو تنخرق موازيني، أو أقبل بأسبقيّة الشيء لمكانتي فأُكسر ..
انا عميق، دقيق، أضع لكلّ ميزان مكيال، و لكلِ مقامٍ مقال، لا أقبل بالعشوائية، ولا تأخذني قشور شكلية، أؤمن بالعمق، بالجوهر، بالمعنى، بالصراحة المطلقة، بالمبدأ..
يا هذا اترك قلبي في سماوات هُيامه ..
فقلبي عن هواء عربيّتي لن يُزاغ، و لي برفقة شبيهتي هيام مُستساغ..
رؤى الصرايرة
Comments
0 comments
