مقالات ونصوص متنوعة

نص نثري بقلم ياسمين وفاء

عنوان النص: وحش النص
نوع النص: نص نثري
البلد: ليبيا

مُلتاعٌ في متاهات الغربة
اجرى بين شوارع الحنين
احاول أن أردع وحش الغربةِ عني..
يتركُ قلبََا للوطن عاشقََا،
مُتيمٌ في شوارعهِ وبساطة منازلهِ
وبين أحاديث ناسهِ أضحكُ.. ويضحكُ الفؤاد بفرحةِ المَطر وكأنه في شهر الجفاف،
ولكن الأقدار ذهبت بِنا للبعيد
جعلت من الفؤاد وحيدََا لا يفقهُ شيئََا يحاول النهوض بمفردهِ، لا يدٌ تحتويه ولا كتفٌ يشيل الحمل بما هوَ فيه..
تعِب القلب من الألم لا عائلةٌ ولا صديق، لا أخٌ يمسح الدمع ولا أختٌ تشيل.

وجوهٌ غريبة وملامحُ مشمئزة، الانتقادات تلحقك والتنمر لا يتركُكَ
أُناسٌ لا رحمة فيها..
وأظن أن الغربة بلا قلبٍ كي تُحب المهاجرين.

آهٍ يا وطني.. اشتاق الفؤاد لك بحجم السماء،
والأرض لم تعد تسعُ هجراني إليك.. أريد الرحيل منهم إليك فأنت أنا
وأنا منك..

صُنع قلبي بحبٌ إليك، لكن الغربة
المتوحشة أخذتك مني جعَلتني بلا وطنٍ أبكي عليه ولا مدينةََ أضع العمر في حِمايتها، فهي وحشٌ يأكلك وأنتَ حي، يدعكَ تنظر له وهوَ يجعلك وحيدٌ بائس، والحُزن دربٌ لكَ..

كانت الفرحة لا تسعنا عندما كنا في الديار نضحك فرحين، ونبكي من فِرط السعادة..
الشوارع والمقاهي، الدكاكين والبقالات، أطفالٌ في كل مكان صراخ العجائز وعِراك العائلات، سرِقاتُ الأطفال من البقالة
وخروج العجوز صارِخََا عليهم، و يالها من ذكريات.. ذكرياتٍ تُهاجم القلب بحنينٍ يجعلك حزينََا بائسََا..

إقرأ أيضا:طريق إلى الله، بقلم: بتول حسين أبوعرابي

أرجوكَ يا وحش الغربة ابتعد عني ارحل مني.. أرجو منكَ أن تذهب عن حياتي
اذهب وتتطفل عن أشخاصٍ آخرين، فإن فؤادي منك تعب، والعيش على وطنٍ الرجوع مازال قائماََ لم نفقد الأمل رغم ضآلة حجمهِ.

يا غُربتي إلى متى.. إلى متى سيبكي ذلك الذي يسكن الضلوع، تقطع في الغياب وعشعشت عناكب الحزن فؤادي وجعلت من نبضهِ ضعيفََا خاويََا بلا وطنٍ يحميه.

وحش الغربةِ هم أشخاصٌ لا يعرفون قيمة الوطن، هم أُناسٌ باعُ الوطن على أموالٍ لا تنفعُ آخرته ولا دُنياه، جعلُنا بلا ملاذٍ نحتمي بهِ، وفي العراء سكنا تحت السماء ننام لا سقفٌ نأتمنُ بهِ ولا بابٌ نغلقِه علينا.

سحقََا لأُناس لا يعرفونك يا مأوى الدفء لنا لا يعرفون كم كنت ملاذََ لنا..

تعيش في مُحيطٌ خانق، كنتُ أتمنى عندما أذهب إلا أي مكان لا ينظرون لي بشفقة ودونية، نظرةََ تبغضك وبمقتٍ شديد ؛ فقط لإنك غادرت بلدك مهزوم الوفاض.

إن الأماني إلى الآن لم تغادر الشفاه، ما زلتُ أشد الخِناق على الأمل لكي أرجع لبلدي رافعََا رأسي عاليََا باذخََا بك، ولكي أتلمس تربة مجثمي الذي حنيني بدأ إليه وكأنه شخصٌ عزيز توفي.

Leave your vote

-1 points
Upvote Downvote

Comments

0 comments

السابق
نص نثري بقلم تالا علي أصرف
التالي
نص نثري بقلم: منار هارون المراعيه

اترك تعليقاً