مقالات ونصوص متنوعة

مقالة بائعة الفؤاد (جحود) بقلم أسماء شعبان سالم

«وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا»

يا أُماه اقتحمي، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الأخرة، أي لا تخافي و اثبتي علي دينك، إن مصيرنا الجنة إن شاء الله.
هكذا كان رد فعل رضيع، أنطقه الله سبحانه وتعالي بهذه الكلمات بعد أن ألقي فرعون أخوته الأربعة في قِدر مملوء بالزيت المغلي، و كان الدور عليه.
خادمة فرعون المعروفة باسم الماشطة لإبنته قُتِل أبناؤها أمامها عقاباً لها؛ لأنها رفضت الكُفر بالله، رفضت أن ترتد عن دينها، صمتت، وتحملت ما حدث لكي لا تغضب ربها وتُشرك به، عِندما حل دور رضيعُها كادت أن تضعف حتي نطق الرضيع بكلماته ليقوي قلبها معجزة مهداه من فوق سبع سماوات، فثبتت علي دينها حتي أُلقيٰ الرضيع أمامها، و عندما حان دورها، طلبت من فرعون أن يجمع عظامها، وعظام أبناءها في ثوب واحد، ويدفنوا سوياً، وافق فرعون علي طلبها، ثم ألقي بها هي الأخري.
هكذا كانت أُمهات العصور القديمة يدافعون عن دينهم و عرضهم وأبناءهُم ، خادمة فرعون ماتت من أجل دين الله، وغيرها من ألاف الأمهات مُتن في سبيل إحياء ما هو أغلي من حياتهُن،
أمر الله في كتابة العزيز الأبناء و وصاهم علي الوالدين، لم أسمع أو اتذكر أن في آية او حديث وصىٰ أم علي أبنائها سوي في تلك الآية.
« وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا»
هذه الآية تنص علي من يجهضن أبنائهُن، نُزلت عليهن لتطمئن قلوبهن إن رزقهن من عِند الله، لأن بالفطرة هذا طبيعي بأن تحمي ألأم أبناءها من أي شيء يكاد أن يضر بهم،
أما الآن ما يحدث فهو مريب بالنسبة لي، أري الأم هي من تقتُل أبناءها، هناك من تقتُل ابنتها بتجريدها من أخلاقها تحت مسمي.
«هذا مطلوب لكي تتزوج»
ونسيت أن نصيبها سيأتي من عِند الله وليس بما تفعله بإبنتها من تزين ولباس يفصل جسدها و حرية مبالغة، و رغم كل ما تفعل، ابنتها لم تتزوج حتي الآن و هذه شخصية أعلم عنها الكثير و مثال سيء.
كانت صديقتي التي لم تبلغ من عمرها الخامسة عشر بعد
مصابة بمرض القلب، ذهبت لأطمئن عليها بعد علمي بأنها أجريت عملية جراحية الليلة الماضية، صُعقت مما رأيت حين وجدتها تجلس علي الأرض و تقوم بتنظيف سجادة كبيرة، وهي تتئن من الألم، وصُعقت أكثر عِندما علمت بأن والدتها هي من أمرتها بفعل هذا بحجة إنها تتكاسل اليوم عن أعمال المنزل. لم يمر سوي ساعات الليل الطويلة حتي سمعت بوفاتها.
هذه ليست أسطورة ولكنها حقاً مثال أخر تجرد من قلبها معني الأمومة.
و هناك الكثير والكثير من تلك الحكايات.
لقد علمت بأن قريبة لي تريد التخلص من أبناءها لتتزوج. و أخري ألقت بأطفالها في الشارع؛ لأنها لا تحمل قوت يومها. واخري تهمل صغيرها، و تهرب من عذاب زوجها، وأخيراً وليس بآخر من تخلصت من صغارها في النهر إنتقاماً من طليقها.
تجردت مشاعر الأمومة من قلوبهن، كنت أفتخر دائماً بالقصص القديمة التي أسمعها من أمي، تسردها علينا لكي نتعلم منها شيئاً، اليوم ماذا أحكي لأمي..!؟
ماذا أقول لها..!؟
فأصبحن أُمهات اليوم نسخة مصغرة من الشيطان، بل أحفاده.
لم يحملن في قلوبهن سوي الجحود، لماذا تتخصلن من أولادكن اليوم؟!
ما هو الشئ الثمين الذي ينتظرك بعد ما فعلتيه بأبناءك!؟
ما هو الشيء الثمين الذي أغلي من حياتهم..؟!
فأمهات زمان كانت لهن الجنة، أما اليوم فهن يدفعن ثمناً كبيراً من أجل الحصول علي مكاناً في قاع جُهنم و بئس المصير.

إقرأ أيضا:تاريخ بناء تمثال رودس

ف والله لم أجد الحنان و الوفاء والإخلاص اليوم سوي في الحيوانات فقط، يكفي بأن قطتي الصغيرة عِند إصابتها بمكروه تتحول أمها لذئب لتحميها.

ف إن لِله و إنا إليه راجعون

وانت يا صغيري الفؤاد منى ..
أبيع عمراً ولا أبيع فؤادى ولا شئ عنك يغنى

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
نص نثري : بعنوان حبيبي يا رسول الله بقلم أروى عبدالله اليتيمي ليبيا
التالي
نص نثري بقلم سارة حسن داوود

اترك تعليقاً