مقالات ونصوص متنوعة

نص نثري بقلم:- آرام نمر الحراسيس

الأبجدية في نصرة رسول الله ﷺ

شرف قلمي بذكره، و انثنت أوراقي لعظيم صفاته، و إن النفس لتسكن بنفحات من سيرته، و ذكراه تغشى القلب كأنما الورد و الرياحين، و إن فيه من الخصال ما يشد أريجها القاصي و الداني، و فضائل و مكارم أخلاق تحكي فيها الأجيال تلو الأجيال، و من تقصيرنا بحقه يندى الجبين و ينحني القلب خجلاً، فصلّى الله و سلم و بارك على معلم البشرية الصادق الأمين.
بعد عام كابد فيه ﷺ حزنه على رفيقة دربه خديجة رضي الله عنها و عمه الذي تعهد على نفسه حمايته و دفع الأذى عنه، يستوطن الحزن قلبه فيتوجه للطائف عازماً نشر الدعوة، و يخرج هناك خلفه مجانين و صغار الطائف بتحريض من أهلها يرمونه بحجارة تدمي قدميه الشريفتين ﷺ، يتألم من موقفهم و لا ألم كان يضاهي ألم قلبه آنذاك، فما يكون منه إلا أن يصفح الصفح الجميل و يدعو بالهداية لمن آذاه و أعرض، و كذا فعل مع جاره اليهودي فبرغم كل ما فعل إلا أن الحبيب ﷺ تفقده يوماً فَهَمّ بالسؤال و الاطمئنان عن حاله متجاوزاً كل ما فعله اليهودي معه.
في الغار مع صاحبه و الله ثالثهما، تفتديه الحمامة بِعُشِّ صغارها و العنكبوت ينسج درعاً لحمايته و نصرته ﷺ، يخشى رفيق دعوته عليه من الكفار فيرقق الحبيب خوفه و يقول:- (لا تحزن إن الله معنا).
من مكة أطهر البلاد و أحبها لقلب رسول الله ﷺ يخرجوه، و يودعها بحرقة قائلاً:-(و الله إنك لخير أرض الله، و أحب أرض الله إلي، و لولا أني أُخْرِجْتُ منكِ ما خرجت) ثم يفارق وطنه متألما و دعوته السلوان الأوحد لقلبه المكلوم.
ها هي الأرض تودع ذي الخلق العظيم و الهدي المحمدي، ينار المنبر به ﷺ للمرة الأخيرة في خطبة الوداع، يوصي أمته و يكرر عليهم أن يستوصوا بالنساء خيراً و يتقوا الله فيهنّ.
و بعد ثلاثة و عشرين عاماً من الدعوة الإسلامية و إيصال رسالة الإسلام لشتى بقاع الأرض و للناس كافة، ثلاثة و عشرون عاماً شاقّ فيهن ﷺ شتى أنواع المصائب و الأذى و عايش حزناً و هماً كبيرين فصبر و ثبت، و أتمم فيهن صاحب الخلق العظيم مكارم الأخلاق و حظيت الأرض بأقدس مواقف الرحمة على الإطلاق، و فاح عبير الرسالة الخالدة أرجاء العالم لتكون دستور البشرية إلى يوم يبعثون، ثم ليلقى رسول الله ﷺ بعدها الرفيق الأعلى، فبهذا يرحل المعلم و يبقى منهجه أبدياً مخلداً للبشرية جمعاء و لم يصلنا إلا بالكفاح و الصبر لأعوام، فأين نحن من هذا كله؟ و نحن من قال عنا:- (فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة) إنا و اللهِ لمقصرين و علينا حق نصرة رسول الله ﷺ، بل و إن لنا شرف أن ننصره و دعوته على من عاداه من المستهزئين، فويل لهم من يوم تبلغ فيه القلوب الحناجر، فكيف حينئذ أمام الله سيفعلون؟ و بإساءتهم لحبيبه المصطفى ﷺ ماذا سيبررون؟
و صلَّى و سلم على سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

إقرأ أيضا:الدنيا علمتني بقلم هبة وسام

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
نص نثري بقلم رغد أيمن المومني
التالي
شعر بقلم :آلاء قاسم الزعبي

اترك تعليقاً