مقالات ونصوص متنوعة

مغريات الدنيا، بقلم: تبارك مكي، ” قصة قصيرة”

“قصة قصيرة”

#مغريات_الدنيا

تريد إن تحارب الواقع الذي فرض عليها الملعقة كأداة لتناول الطعام بدل الشوكة التي تمنتها.
تريد إن تكون ضوء ساطع لا ظلام حالك.
ترغب بالمجازفة والتخلص من كل مايقيدها..لكن
أي قيود وطوق نجاتها والد يسقيها كزهرة بريئة،يحارب
كل مايجعلها ذابلة.

زينب أنا…
روح ورائحة جسد،ألتجأت للعزلة كإحتياط وجوبي.
حذر الأختلاط،مخافة أن يلوثني هذا العالم.
العالم الذي يأفك وهو يقابلك بوجه مبتسم.
تعايشت مع هذه الفكرة مذ غمرني والدي الدكتور فاضل عماد_الحاصل على دكتوراه في علم النفس_ بنقاشاته
المثمرة عن النظرية الكونية، غرس حب الإستكشاف في
داخلي. منه ورثت هوسي بالكتب ولكن بطفرة مغايرة وهي قدرتي على الكتابة بينما هو عجز عن ذلك.

حدثت في العام الذي تجاوزت به الواحد والعشرين من عمري صدفة لم تكن عابرة.
تمرغلت في الواقع الافتراضي لأجد نفسي ضمن مشروع
حاز على إهتمامي بسبب إنجازاته الباهرة.
لمع نجم الشهرة في عيني ضمن تلك المسابقةالمعلن عنها. ملئت إستمارة التسجيل دون إستشارة والدي.
يوم بعد يوم إنشغلت بما يلزم فعله ضمن المشروع.
لاحظ أبي إنشغالي وقلة جلسات نقاشنا المعتاد لكنه لم
يبدي رد فعل، هو يعلم أنا وسفينة افكاري نبحر نحو المستقبل في غرفتي المكتظة بالكتب وفوضى الاوراق.

إقرأ أيضا:فوائد بذرة القاطونة للتخسيس

زينب أنا…
صاحبة صوت رخيم،قصيرة القامة، داكنة البشرة ولكنني
سندريلا تحاول إرتكاب الحماقات ببرائة.
لايكتب إسمي ضمن لائحة الإلتباس.
كان من المفترض أن أقرأ مايقارب 230 كتاب فلسفي
عن حقيقة وجود الله وأين هو الله؟
إن فزت بالمسابقة سيتم نشر كتابي الخاص عن دار نشر
هو الاكثر شهرة عالميا في اوربا، وأنا لست سوى فتاة
عراقية تتمنى ذلك.

بعد ثلاثة أشهر غرقت في إدمان القهوة، السهر،العقاقير
المنشطة وترك الصلاة والعبادة.بل حتى عدم التصديق
بوجود الله!
خرجت من رحم تلك الأيام بكتاب،هو شقيقي المأساوي
يتبنى فكرة الإلحاد.تم إختيار إسمي كفائزة سينشر
كتابها الجوهري!
أنا سعيدة باب الشهرة يناديني.
يوم الثاني من شهر مارس_المصادف لميلاد والدي (أساس وجودي السابق)_حزمت أمتعتي وأنا أرتدي بنطال وقميص مزركش الالوان بدون أكمام مع شعري
المصفف بطريقة مغرية.
تنازلت عن الحجاب.
أتذكر دموع والدتي وصراخها حين غادرت.
ركبت الطائرة المتوجهة الى لندن ونظرات أبي الصامت
تتخمر في مخيلتي.

الثاني من شهر مارس بعد عامين تخلى عن صاحبه.
أشتهر إسمي زينوبيا على أغلفة كتب عدة تنكر صفة
العبودية،الانسان حر والتعبد يقيد حريته.
زينوبيا في هذا اليوم بالتحديد تسترجع زينب ووالدها.
تكاد تذوب كقطعة سكر في الصمت القاتل لأبيها الذي
لم يردعها ذاك اليوم بحكم كونها ليست قاصر.
تسير مترنحة وكأنها تناولت مسكرات الكون كافة.
بينما هي هائمة نزل أمر الرب في الرقعة المتواجدة فيها
هزة أرضية عنيفة لايستطيع الإنسان التصدي لها بمحدوديته. زينوبيا لم تمت خلال تلك الهزة لكنها فقدت
قدرتها على المشي بعدما تهدم المكان وأعمدته على
جسدها النحيل.
ترقد على سريرها بلا حركة وبيدها كتاب إختارته عشوائيا.قرأت كلماتها الاخيرة_قبل أن تكون ضمن قائمة
المجانين_بنبرة والدها المعتادة في تأنيب الضمير..
يقول فرانسيس بايكون:( قليل من الفلسفة تجعل الإنسان يميل الى الإلحاد،لكن التعمق في الفلسفة تقرب
عقول الإنسان من الدين).

إقرأ أيضا:طريقة طهي السفرجل

*في هذه الدنيا الفانية الايمان بالخالق أعظم دواء.

تمت
#تبارك_مكي
#العراق

Leave your vote

-1 points
Upvote Downvote

Comments

0 comments

السابق
حروف مبعثرة، بقلم:إسراء عبد اللطيف الفزاني، “نصوص نثرية”
التالي
رجل من زمن الرجال، بقلم: فاطمة عبدالجليل باريش، “قصة قصيرة”

اترك تعليقاً