مقالات ونصوص متنوعة

طبولُ الحربِ تُقرَع، بقلم: جواهر إدريس”خاطرة”

كيف حالُكِ يا آب هل تسمعينني.. كيف لصدى صوتي أن يصلكِ وانتي أُنتشلتي من الوجود.. ذهبتي دون عودة.. الم؟! تشتاقي إلي.. كيف تمكنت الحربُ بكُل فظاظتُها أن تسلُبكِ مني.. مهلاً قليلاً كلا الحرب لن تسلُبكِ أنتِ فقط بل سلبت وياكِ روحي.. لقد ذهبتِ يا آب ذهبتِ بعيداً عني.. لم يتبقى عِندي منك سوى الذكريات.. الذكريات التي هي الهواء الوحيد الذي أتنفسهُ الآن.. لقد كان مُخطء جبران عندما قال أننا يجب أن ننسى كي نعيش.. مُخطء حقاً فذكرياتُكِ هي الشي الوحيد الذي بتُ أستيقظ كُل صباحٍ لمُداونتهُ.. لقد تعدى الموت عليّ أيضا لا تقلقي ليس عليكِ فقط.. ها أنا أصبحتُ ميتاً وأنا حيّ.. صدقيني يا آب الأموات لا يتعذبون وإنما العذاب هو للأحياء.. لِما يكونوا قد خلفوه ورائهم الأموات من ذكريات.. لم أعد أُنتَهشُ غيظا من الحرب الآن لم تعد تُحرك ساكناً بي بتُ أرها كأي شيء.. أنظرُ لها نظرت أستحقار.. كيف تستطيعُ الحربُ أن تسلب منا أحبتنا هكذا دون تحريكِ طرف رمقٍ لها.. ألم تُروى؟! بعد الأرض بكل تلك الدماء التي سُكبت عليها.. الم تُروى بعد.. لم تكتفِ الأرضُ بشربِ دماء أبنائها.. بل حاولت جاهدة سلب قلوب أبنائها الطيبين أيضاً من خلال مُفارقتهم لأحبتهم.. لم أعد أخشى الحربُ ابداً يا آب لم أعُد أطلُبُ الموتَ لان الأنسان لا يموت مرتين.. وأنا المرة الأولى ولأخيرى التي أصبحتُ بها جسداً “حيّاً ميّت ” هي لحظة وفاتُكِ يا آب.. وما أقسى هذه الكلمة.. ننطِقُها بكل بلادة دون مشاعر.. وكيف سيتبقى بي مشاعر بعدما أفرغتُها كُلها بقلبُكِ وكأنني كنتُ أعلم أنني لن أحيا بعدكِ ولن أطيبَ لغيركِ هكذا سأبقى.. وهكذا ستستمر حياتي الخاوية من كُل الحياة.. من دونكِ…
لن أُطيل الغياب عليكِ يا آب لن أُطيلَهُ… سآتِ إليكِ.. فَمذُ هذه اللحظة لقد قُرِعت طبول الحَرب داخلي.. الحرب التي سأخُوضها هذه المرة ليس حِفاظاً عليكِ ولحمايتكِ كل بل كي تَسرُقني من الحياة كما فعلت وسرقتكٍ مني.. كي آتي إليكِ بعدَ كُل هذا البُعد…
أنتظريني يا آب لن أُطيل المُكوث هُنا لقد سئِمتُ من كل شيءٍ خالٍ منكِ ومن رائحتكِ التي باتت عالقة بثنايا قلبي ومن صدى ضحكتك التي تُرافقُ نبضَ قلبي.. يا نبضَ قلبي أنتِ أنتظريني فإنني قادِمٌ دونَ الحرب..

إقرأ أيضا:طريقة أكيدة لمعرفة نوع الجنين

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
فِي مَكان أخِر بقلم:هداية الوريث”قصة قصيرة “
التالي
أحبك ولكن الكورونا بقلم:نسرين مُراد”قصة قصيرة “

اترك تعليقاً