مقالات ونصوص متنوعة

بحث جاهز عن مخاطر العولمة

 

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ

­تحديات العولمة التربوية المتعلقة بالمدرسة وسبل مواجهتها

 

بحث مقدم إلى مؤتمر

“الإسلام والتحديات المعاصرة”

 

المنعقد بكلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية

في الفترة: 2-3/4/2007م

 

إعداد:

د. مصطفى يوسف منصور

ماجستير تربية – قسم أصول التربية في التربية الإسلامية – الجامعة الإسلامية

 

أبريل/ 2007

 

ملخص:

هدفت الدراسة إلى إلقاء الضوء على تحديات العولمة التربوية للمدرسة، وبيان سبل مواجهتها وقد استخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، ولتحقيق أهداف الدراسة اعتمد الباحث على الأدب التربوي ذي العلاقة بموضوع الدراسة، وقد أكدت الدراسة على أهم التحديات التي تواجه المدرسة وهي ذات بعدين خارجية مثل التدخل في تغيير المناهج واستهداف الهوية واستدماج القيم العالمية، وتحديات داخلية كتدني نوعية التعليم والعجز التربوي، وغياب المعلم القدوة، ووضحت أن من سبل العلاج التحصين الثقافي والتربية على الانفتاح الواعي والناقد وإصلاح المناهج وتحقيق التربية المستدامة والاهتمام بالموهوبين.

 

Challenges of educational globalization concerned with school and ways to face them

إقرأ أيضا:خواطر عن الغرور والكبرياء

The study aimed at highlighting the challenges of educational globalization which face school and ways to face them. The study used the analytical descriptive method. To achieve aims of the study, the researcher depended on the educational literature relating to the subject.

The study reached to the conclusion that there are educational challenges of globalization with tow dimensions: external challenges as the trial of changing curricula, exposure to identity, insertion of international values and internal challenges as the drop of education quality, the absence of the teacher the model. The study illustrated that from the ways of modification are the cultural vaccination, education for the mindful and critic openness, the repair of curricula, achievement of sustainable education and taking care of talented students.

 

مقدمة:

تواجه الأمة الإسلامية اليوم وأكثر من أي وقت مضى الكثير من التحديات والعقبات التي تحاول أن تدفع بها بعيدا عن أداء دورها في العطاء القيمي والثقافي، وتحول دون تحقيق رسالتها الخالدة ومشروعها الحضاري ذي الأبعاد الإنسانية والإسلامية والعربية، وتزداد هذه التحديات في ظل الهيمنة الأمريكية والقطب الواحد الذي ما انفك يحاول النيل من الإسلام حضارة ودولة وتربية وتعليما في ظل مفهوم العولمة (الأمركة) على جميع أنواعها.

إقرأ أيضا:عدد غزوات الرسول

وتشتد الحملات وتعلو الأصوات بكل صلف وغرور لتغيير المناهج الإسلامية، وقد أخذت أشكالا صريحة متغطرسة في تقرير الكونجرس، خصوصا بعد الحادي عشر من سبتمبر تبعث القوة في مقولات زويمر وجلادستون، ويتركز التحدي في مواجهة الأمة الإسلامية بالهجوم الشرس على مدارسها التي أعدتها لتنشئة أجيالها وأبنائها؛ محاولة زلزلة أركانها واقتلاعها من جذورها وذلك في محاولات تغيير مناهجها وتغييب فلسفتها وتحريف أهدافها وتدجين طلابها.

ومعلوم أن المدرسة هي حاملة رسالة الأمة وحامية حضارتها وصانعة أجيالها والأمينة على هذه الأجيال، فهي أداة الإسلام المنظمة لتحقيق رسالته وأهدافه وتحويلها إلى نماذج حية، وهي أهم ثغور هذه الأمة التي تحافظ على هويتها بما تصنعه وما تعده من أجيال، فإما أن تكون المدرسة قلعة الأمة وحصنها الحصين والصخرة التي تتحطم عليها أحلام الغزاة، وإما أن تكون الثغر الذي يؤتى الإسلام من قبله، مما يحتم على الأمة الإسلامية أن تعضد من دور المدرسة، وأن تعمل على تقوية جذورها وأسسها، لكي تقف على أرض راسخة ثابتة من القيم والمثل والمبادئ لأداء رسالتها في إعداد الأجيال المؤمنة العابدة المبدعة.

وإن المتأمل في واقعنا التربوي يجد أن التحديات التي تواجه المدرسة التي يريدها الإسلام لأبنائه في ظل تداعيات العولمة، راجعة إلى نوعين من التحديات؛ خارجية وداخلية، فالخارجية ما يتمثل في الضغوط والتدخلات الخارجية التي تحاول طمس الهوية الإسلامية وتذويبها وتشويه الشخصية الإسلامية بوصمها بالإرهاب والتطرف تارة، وبوصفها بالجمود والتخلف تارة أخرى، أو التدخل السافر في صياغة أهداف ومناهج إعداد هذه الشخصية بحذف الكثير من النصوص من القرآن الكريم أو السنة المطهرة أو السيرة للزج بها بعيدا عن مسارها الصحيح، إلى جانب استهدافها قيم الأمة حين تتخذ من وثيقة كوثيقة الأمم المتحدة عن السكان والتنمية المنعقد في القاهرة (1994) وغيره مرتكزا لها باعتبار الجنس حق تقدم له النصائح وتستهجن الزواج المبكر ولا تدين الإجهاض وتبيح الشذوذ الجنسي وتعترف به، إضافة إلى مؤتمرات حقوق الإنسان وبموافقة الأمم المتحدة لهز منظومة القيم والأخلاق التي تقدم ببنائها وتعزيزها المدرسة.

إقرأ أيضا:حرب البقاء، بقلم : مرام بدر الدين حماده

مما دعا التربويين إلى دق نواقيس الخطر والدعوة إلى مؤتمرات تربوية أهلية عامة لمناقشة هذه التدخلات والتقارير من أجل مواجهة تداعيات واقتضاءات هذا الخطر حاضرا ومستقبلا (عمار، 2004، ص114).

ومنها ما يتمثل بالتحديات الداخلية التي تتعلق بالعملية التعلمية التعليمية نفسها لمواجهة تداعيات العولمة وانعكاساتها، مثل جودة التعليم الذي تقدمه المدرسة والمعلم القدوة الذي لا تقوم المدرسة الفاعلة إلا به، ومنها غياب دور المجتمع المساند للمدرسة أو عزوف الطلاب عن التعليم أو انعدام الدافعية بالإضافة إلى التسرب، ومنها ما يتعلق بنوعية التعليم، وأزمة المدرسة الحديثة بربط الطالب بعالمه المعاصر أكثر من عالم الفضيلة والقيم، ومنها تخلف النظم التعليمية وطرق التقويم.

كل ذلك يدفع بإلحاح إلى تناول هذه التحديات بالدراسة بالإضافة لإحساس الباحث الذي يعمل في حقل التدريس بأبعاد هذه المشكلة، ولذلك فإن مشكلة الدراسة تتبلور بالسؤال الرئيس التالي:

ما تحديات العولمة التربوية وما سبل مواجهتها؟

وينبثق عن هذا السؤال الرئيس الأسئلة الفرعية التالية:

  • 1- ما الدور التربوي للمدرسة كما يريده الإسلام؟
  • 2- ما تحديات العولمة التربوية الخارجية للمدرسة؟
  • 3- ما تحديات العولمة التربوية الداخلية للمدرسة؟
  • 4- ما سبل مواجهة تحديات العولمة التربوية؟

أهداف الدراسة:

  • 1- التعرف إلى الدور التربوي للمدرسة كما يريده الإسلام.
  • 2- إلقاء الضوء على تحديا ت العولمة التربوية الخارجية للمدرسة.
  • 3- الكشف عن تحديات العولمة التربوية الداخلية للمدرسة.
  • 4- إبراز سبل مواجهة تحديات العولمة التربوية.

 

أهمية الدراسة:

  • 1- الحاجة لمثل هذه الدراسات باعتبار العولمة ظاهرة مفروضة لابد من مواجهتها وعدم الفرار منها.
  • 2- تشكل رافدا لتوجيه الأنظار نحو التحديات التربوية للعولمة.
  • 3- المساهمة في تشكيل معالم برنامج لتحصين الأجيال إزاء هذه الظاهرة والتأثير فيها.
  • 4- تعد خطوة في مشروع مواجهة أخطار العولمة التربوية.

 

منهج الدراسة:

المنهج الوصف التحليلي، لأهميته وملاءمته لمثل هذا النوع من الدراسات.

 

مصطلحات الدراسة:

– العولمة التربوية:

ويقصد بها هيمنة الثقافات الأقوى على ثقافات ومناهج النظم التربوية الأخرى لإزالة الفوارق والخصوصيات التي تحكم السلوك والقيم وتؤدي إلى اهتزاز المنظومة القيمية.

 

 

– تحديات العولمة التربوية:

ويقصد بها الصعوبات والمشكلات التي تواجه المدرسة في ظل العولمة عند القيام بالدور التربوي المنوط بها وتسعى المدرسة للتغلب عليها من أجل تحقيق أهدافها ورؤيتها ورسالتها.

 

بعض الدراسات السابقة:

لقد تعددت وتنوعت الدراسات المتعلقة بموضوع العولمة، ولعل الدراسات السابقة المذكورة من أكثرها ارتباطًا بموضوع الدراسة.

  • 1- دراسة حساني (2004) بعنوان: “معالم المشروع التربوي العربي في مسار العولمة“.

هدفت الدراسة إلى تشخيص الواقع العربي من أجل مواجهة التحديات الكبرى، وحاولت الدراسة الإجابة عن كيفية التعامل مع المد التربوي للعولمة وكيفية توظيف المرتكزات الفاعلة في نظامنا التربوي لترقية المشروع التربوي العربي العالمي.

  • 2- دراسة الشرقاوي (2002) بعنوان: “أساليب تعزيز الهوية في مواجهة الهيمنة الثقافية“.

هدفت الدراسة إلى الكشف عن آليات وأساليب تعزيز الهوية العربية والإسلامية لمواجهة الهيمنة الثقافية في ضوء الرئوية المعاصرة للتعليم في زمن العولمة، وتوصلت الباحثة إلى أن الثقافة والهوية الثقافية جزء أساس من الهوية القومية، وأن تفاعل الأصالة والمعاصرة ضروري لحركة التنمية.

  • 3- دراسة مجاهد (2001) بعنوان: “بعض مخاطر العولمة التي تهدد الهوية الثقافية للمجتمع ودور التربية في مواجهتها

هدفت الدراسة إلى محاولة فهم ظاهرة العولمة ثم تقديم تصور مقترح لدور التربية في مواجهة مخاطرها الثقافية، وتوصلت الدراسة إلى أن العولمة لها أبعادها ومظاهرها المختلفة، وهناك شعور بالاغتراب جراء استيراد نماذج ثقافية غربية إلى جانب ضعف الانتماء، وأكدت على ضرورة بلورة إستراتيجية تربوية للاستفادة من إيجابيات العولمة وتحجيم سلبياتها.

  • 4- دراسة الخميسي (2001) بعنوان: “التجديد في فلسفة التربية العربية لمواجهة تحديات العولمة

هدفت الدراسة إلى التعرف على كيفية مراجعة تربيتنا العربية لفلسفتها وأهدافها لتواجه تحديات العولمة، وأكدت الدراسة على ضرورة وفاء التربية بعدد من الغايات مثل إكساب المعرفة وتنمية الذات وضرورة إعداد إنسان العصر لمواجهة هذه التحديات ومطالب الحياة.

  • 5- دراسة كنعان (2001) بعنوان: “دور التربية في مواجهة العولمة وتحديات القرن الحادي والعشرين وتعزيز الهوية الحضارية والانتماء للأمة

هدفت الدراسة إلى تسليط الضوء على التحديات المعيقة للتربية العربية وكيفية مواجهتها مثل الاستلاب الثقافي وهيمنة القطب الواحد مع بيان التصدي لهذه التحديات من خلال بعض المقترحات مثل تعزيز الهوية الحضارية والانتماء القومي.

  • 6- دراسة البلوي (2000) بعنوان: “دور المعلم في عصر الإنترنت

هدفت الدراسة إلى إلقاء الضوء على دور المعلم في عصر الإنترنت وما طرأ على هذا الدور من تغير، وتوصلت الدراسة إلى أن دور المعلم ينبغي أن يكون فاعلاً وشاملاً ليؤدي إلى تكامل في شخصية الطالب من خلال تعريفه بوسائل الاتصال والتقنية الحديثة وإجادة استعمالها في العملية التعليمية، إلى جانب تنمية شخصية المتعلم ليكون قادرًا على الإبداع والابتكار.

 

تعليق على الدراسات السابقة:

أكدت الدراسات السابقة مع تنوعها باستثناء دراسة (البلوي) على خطورة العولمة وخاصة الثقافية، ولكن الدراسة الحالية تختلف مع الدراسات السابقة في كون الأخيرة تتناول التحديات التربوية للعولمة التي تواجه المدرسة كمؤسسة تربوية دون غيرها كالأسرة أو الإعلام أو النظام التربوي ككل، وقد أفاد الباحث من الدراسات السابقة وغيرها من الدراسات في تحديد التحديات وسبل مواجهتها.

 

محاور الدراسة:

جاءت الإجابة عن أسئلة الدراسة في المحاور التالية:

  • 1- الدور لتربوي للمدرسة كما يريده الإسلام.
  • 2- مفهوم العولمة والتحديات الخارجية للعولمة التربوية.
  • 3- التحديات الداخلية للعولمة التربوية.
  • 4- سبل مواجهة تحديات العولمة التربوية.

المحور الأول: الدور التربوي للمدرسة كما يريده الإسلام:

التربية أداة الأمة ووسيلتها لتحقيق خطابها التربوي، الذي يعكس رسالتها وأهدافها وغاياتها، لتكوين أفرادها والحفاظ على تميزها واستمرارها، عن طريق نقل تراثها الثقافي إلى جانب دورها في مواجهة التحديات الحضارية والتكنولوجية مما يزيد من أعبائها ومسئولياتها.

ويتضح دور التربية جليا في الإسلام، فمنذ بدا الوجود البشري حمل الخطاب التربوي المنهج الخالص لتحقيق الهدف من وجود الإنسان على الأرض )وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ( (الذاريات، الآية: 56)، كما جاءت التوجيهات الإلهية للحفاظ على الحاجات البشرية المتمثلة في الأصول الخمسة وهي الدين والنفس والعقل والعرض والمال (خلاف، 1980، ص200).

فالإنسان هو موضوع العملية التربوية ونقطة البداية والغاية منها، ولهذه المهمة الجليلة تتابعت رسالات الله كافة، فكانت إعلاما وبيانا وتربية وتوجيها للبشرية من لدن آدم عليه السلام إلى النبي الخاتم محمد r.

فالتربية عملية ملازمة للإنسان بدأت في السماء قبل الأرض وهي مستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهي محكومة بالهدى الإلهي والسنة المطهرة، لذلك فالإسلام لا يقبل أن يتلقى المسلم تصوراته ولا أفكاره من غير مصادره الأصلية، ولهذا فمن الطبيعي أن يكون للتربية وللمدرسة المفهوم المتميز الواسع النابع من منظور الإسلام في تربية هذا الإنسان لما خلق له وإعداده للدنيا والآخرة، فالتربية في الإسلام أشمل وأعمق لا تقف عند حدود تربية العقل وتنمية الجسم، لكنها إلى جانب التعليم توجه وتعلم القيم وهي ليست أية قيم بل تلك التي يترتب عليها إعداد الإنسان الصالح للدنيا والآخرة، فالدور التربوي للمدرسة بناء على ذلك لا يقتصر على المعارف وتنمية المهارات بل هو توجيه للمعارف والمهارات والقدرات والمواهب من أجل تنشئة وتربية الإنسان الرباني، الإنسان العابد الصالح المستخلف وتوجيهه نحو أسباب السعادة في الدارين في ضوء عقيدة الإسلام، فالتربية تستوعب الحياة كلها وتستمر باستمرارها، وهي عملية واسعة لا تقتصر على المدرسين بل تشمل الآباء والمربين والإعلاميين، لذلك فدور المدرسة ينطلق من أن دورها هو رسالة تربية وتوجيه وإصلاح، وهو نابع من رسالات الأنبياء عليهم السلام ويرتجى من وراءها التصحيح لمسار الإنسانية ولحركة الحياة وفقا لمهمة الخلافة عن الله في الأرض من خلال التربية الإسلامية.

والتربية الإسلامية تمثل “النظام التربوي الذي فرضه الله على المسلمين، أن يربوا أنفسهم وأولادهم عليه ويوجهوا أهاليهم ويرعوهم في ضوئه دون غيره من الأنظمة التربوية الكافرة الملحدة، أو العلمانية اللادينية المنحرفة، وهو النظام التربوي الذي افترضه الله على حكام المسلمين والقائمين على شئون التربية والتعليم ومؤسساته المباشرة وغير المباشرة، وأن يعملوا على تحقيق غاياته وأهدافه من خلال تلك المؤسسات التربوية ومناهجها وأنظمتها وتطبيقاتها” (النقيب، 1997، ص184).

وتهدف المدرسة إلى إيجاد الاتجاه العقلي والعاطفي الصحيح نحو الله سبحانه ونحو رسوله وتكوين الفكر الإسلامي الواضح في ذهن الأفراد، وتحقيق الوحدة الفكرية القائمة على وحدة العقيدة، وتحقيق التوازن بين الجانبين الدنيا والآخرة، وتكوين ما يسمى بالضمير الديني أو السلطة الذاتية، وإمداد المتعلم بالقيم الموجهة للسلوك، وحماية الناشئة من زيغ العقيدة والفلسفات المادية الإلحادية وتنقية الأفكار الدينية من الشعوذة والخرافة والأفكار الخاطئة والبدع المستحدثة وإمداد المتعلم بالمعرفة الدينية والتعريف بالإسلام عقيدة وسلوكا وبث الاعتزاز به إلى جانب تهذيب النفس وتربيتها على الكمالات والمثل (مجاور، 1990، ص44-50).

“فالمدرسة التي هي المؤسسة التربوية الأولى تعرض على الطالب سلوكا معينا يناسب وظيفتها ودورها في المجتمع، وهو يذهب إليها من منطلق احترامه لها وتقديره للدور الذي تؤديه في بناء شخصيته العلمية والأدبية، ولا يتفق سلوك الطلبة مع الدور الذي يفترض أن تقوم به المدرسة، فالطالب يتعامل مع رفاقه بأسلوب يتنافى مع ما هو مطلوب من سلوك مدرسي، فهو يستخدم ألفاظا نابية ويعتدي على زملائه” (عودة، 1991، ص410)، وربما يرجع السبب إلى أن “المدرسة بوضعها الراهن أعطت معلومات ومعارف ربما كانت عصرية حديثة ولكنها لم تفلح في صقل السلوك وتهذيب الخلق عند من تعلمهم” (مجاور، 1990، ص329).

فلقد أدت التغيرات الثقافية إلى اختلال في كثير من القيم والمفاهيم الاجتماعية فبعد أن كان الشباب يتشرب قيمه من قنوات شرعية كالأسرة والمدرسة، أصبح يتشربها من قنوات غربية وأقران السوء لذلك “فالمدرسة ركيزة أساسية في دعم الشخصية التي كونتها الأسرة ودفعت بها إلى ميدان التعليم” (الزواوي، 2003، ص167).

كل ذلك يؤكد على أهمية دور المدرسة وصلاحها في التربية والتوجيه والتعليم، فهناك حقيقة لا يمكن إنكارها وهي أنه لا يجري شيء في الإطار المدرسي بدون أن تكون له عواقب وآثار على المجتمع والأمة.

ويؤكد ما سبق أن هدف العملية التربوية هو تأهيل هذا الإنسان المستخلف للقيام بدوره بكل أبعاده، ضمن المتغيرات المحيطة المفروضة بالعولمة وسرعة ظهور النظريات العلمية التي تتحول إلى أجهزة ومواد، وهيمنة التكنولوجيا على المعرفة وعالم الاتصال.

المحور الثاني: مفهوم العولمة والتحديات الخارجية للعولمة التربوية:

لم تحظ ظاهرة معاصرة باهتمام الباحثين كظاهرة العولمة من حيث مفهومها وآثارها، فالعولمة مصطلح حديث ويعود أصل العولمة إلى الكلمة الانجليزية “Global” وتعني عالمي أو دولي أو كروي، أما المصطلح الانجليزي “Globalization” فيترجم إلى الكوكبة أو الكونية أو العولمة. (مركز دراسات الوحدة العربية، 2003، ص12).

لكن المتأمل في مفهوم هذا المصطلح يجد أنه يحمل معنى الهيمنة والسيطرة على مقدرات الشعوب، وعلى ثقافتها وأصالتها فكريا ونفسيا وتربويا، بل هو مرادف لمفهوم الأمركة الذي يجسد النموذج البرجماتي النفعي.

فالعولمة ظاهرة مركبة وأيديولوجية قديمة يسعى الغرب من خلالها للسيطرة على العالم وفرض ثقافته، فهي ليست ظاهرة اقتصادية أو سياسية أو تقنية أو معلوماتية فحسب، بل هي ظاهرة تاريخية، وهي “ليست ظاهرة جديدة بل قديمة قدم التاريخ عندما كانت تتصدر حضارة ما كباقي الحضارات وتقود العالم” (حنفي والعظم، 2002، ص17)، وفرق بين العولمة وعالمية الإسلام التي هي رسالة قيمية ودعوة أخلاقية.

ومن أجواء العولمة “تولدت مصطلحات النظام العالم الجديد، والقرية الإلكترونية، واقتصاد السوق، وحرية التجارة والاستثمار والشركات المتعددة الجنسيات، والعرض والطلب، ونهاية التاريخ وصراع الحضارات، وما بعد الحداثة، والهوية الثقافية وغير ذلك” (شحاتة، 2004، ص191).

ويوضح (البنا) أن العولمة التي يدعون إليها اليوم ليست إلا الصورة الأخيرة لعولمة الإمبراطورية الرومانية ذات السيف العريض ثم الأسطول البريطاني العتيد والآن سلاحها هو التكنولوجيا والأقمار الصناعية فالسماوات مفتوحة أمامها كما غرف النوم. (مبروك وآخرون، 1999، ص147).

والعولمة كما يبين (المسيري) تذويب للخصوصيات القومية والخصوصيات الدينية، أي أنه اتجاه يعادي أي نوع من القيم سواء كانت قيما قومية إثنية أو قيما إنسانية دينية، فهي “تستند إلى مجموعة من القيم وهي في الواقع قيم مادية تنفي الخصوصية الإنسانية، تنفي الإنسانية كإنسانية، وتحاول في ذات الوقت أن تطرح رؤى تدور حول السوق، تدور حول الكباريه، تدور حول السوبر ماركت، تدور حول السياحة وهكذا، أي أنها تدور حول القيم التي جوهرها الإنسان الاقتصادي والإنساني الجسماني (مبروك وآخرون، 1999، ص89)، فهي تستغل المعلومات الكونية لتعميم وترويج وتسييد القيم والثقافة الأمريكية.

وأيًا كان الأمر فالعولمة حقيقة قائمة لا يجوز الهرب منها أو تجاهلها أو الاستسلام لها، وهي من ظواهر العصر المتسارع تحمل في أثنائها الكثير من التحولات، ويتولد عنها تحديات تقليدية وغير تقليدية ناتجة عما تمتلكه من تكنولوجيا اتصال، وتعتبر العولمة من التحديات المصيرية التي تهدد ثقافة الأمة، لما لها من آثار سلبية ضاغطة ذات أبعاد عمودية وأفقية (عمقا واتساعا).

ورغم النقد اللاذع الذي يوجهه (الجميل، 2000، ص199) لمن يقول أن العولمة أيدلوجية، فإنه يرى أن العولمة “تستحوذ على كل مرافق الحياة المعاصرة والقادمة في كل جزء من الأرض كافة اقتصادا ومجتمعا وسياسة ومعرفة وثقافة وإعلاما وتعليما”، كما يؤكد (الجميل، 2000، ص85) أن العولمة لها مخاطر متناهية الحصول ليس لإعادة إنتاج نظام الهيمنة القديم بل لإنتاج نظام مهيمن جديد واسع في متغيراته القيمية على امتداد القرن المقبل.

“فالعولمة لها ثقافتها وهي ثقافة غير مكتوبة، قيمها مبثوثة عبر الأقمار الصناعية والقنوات الفضائية وعبر أساليب الحياة اليومية في الطعام والشراب والكساء والمواصلات والهاتف والتلفاز ونظم التعليم وفرص العمل والمعرفة باللغات الأجنبية وطوابير الهجرة على أبواب السفارات الأجنبية للدول الصناعية أي ثقافة التدويل” (حنفي والعظم، 2002، ص29).

وتشكل العولمة التربوية والثقافية أخطر أنواع العولمة إذ يمكن اعتبارها عملية اغتصاب ثقافي تربوي للفرد والأمة والمجتمع وقهر لهم جميعا، ويتضح ذلك من التدخلات الخارجية بتغيير المناهج وعملية التعليم، واستخدام وسائل الدعاية والإعلام وشبكات الاتصال الحديثة كالأقمار الصناعية والقنوات الفضائية وشاشات الحاسوب لتنفيذ ذلك حتى يمكن هدم المنظومة القيمية واهتزاز النظم التربوية.

ويبين (الجميل، 2000، 99) أن “التأثير سيكون كبيرا وعليه فلا بد من أن تحكم العملية تربويا، ولا بد من التشديد على التربية أي تربية الجيل القادم فلا خوف من حدوث تشرذم لأن الجيل الذي يتربى متماسكا على أسس حضارية متينة لا يخيفنا مصيره كونه سيتحمل المسئولية من بعدنا، لكن إذا لم يكن هناك تطوير في المناهج التعليمية، كيف يتربى الأطفال في البيوت وكيف يتدربون في المدارس وكيف يتلقون العلم في الجامعات؟”.

ويمكن إجمال التحديات الخارجية للعولمة التربوية بما يلي:

1- التدخلات الخارجية في نظم التربية والتعليم:

فمنذ 11 سبتمبر “تزايدت الهجمة على وطننا العربي متهمة دينه وتقاليده ونظم تعليمه بأنها مصدر للإرهاب، وأنها بيئات تولد نوازع العنف والاعتداء على الغير وأصدرت التقارير والإشارات لتغيير مناهجنا العربية” (شحاتة، 2004، ص178).

وتشير خطة واشنطن لتغيير المناهج التعليمية في مصر والعالم العربي والتي صاغتها مجموعة من السياسيين الأمريكيين ووافق عليها بوش، إلى هذا التدخل السافر في المناهج، ومما جاء فيها لن نستطيع أن نغير من محتوى القرآن، ولكن علينا التدخل لإفراغه من مضمونه وتغيير التربية الدينية إلى مسمى الثقافة الدينية، وأن تكون اللغة الدينية مبنية على العقل والمنطق، لا على النقل والتبعية للكتاب المقدس (القرآن) دون تفكير، وأننا سوف نحذف كل ما يثار من موضوعات هدفها بث الكراهية تجاه الغرب وكل ما هو أمريكي وأوروبي أو حتى ما يخص دول الجوار، وكذلك ما جاء في المذكرة التفصيلية لمبادرة (كولن باول) والتي تعتبر التعليم البيئة الرئيسية لتوليد الإرهاب وتشير إلى أن 82% من الإرهابيين ينتمون إلى الدول العربية، وتعتبر أن إصلاح التعليم بالمفهوم الأمريكي هو الدعامة الأولى لوأد الإرهاب لذلك حدد التقرير ما يلي:

  • إنشاء مدارس أمريكية في مختلف البلاد العربية لجميع مراحل التعليم وأن تكون مؤهلة للالتحاق بالجامعات الأمريكية.
  • الاعتماد على الخبراء والأكاديميين الأمريكيين في إدارتها مع تطعيمها بأكبر عدد من خبراء التعليم العرب.
  • تنظيم دورات تدريبية وتأهيلية مشتركة للمعنيين بالعملية التعليمية في البلاد العربية أو في أمريكا تتضمن برامج تؤكد الصورة المثلى الأمريكية.
  • ألا تكون تكاليف الالتحاق بهذه المدارس عالية لتشجيع الانخراط فيها.
  • لا تقتصر المناهج على المقررات الدراسية وإنما سيتم تخصيص جزء كبير منها لتشجيع المشاركة السياسية والديمقراطية.
  • إنشاء نوادٍ داخل المدارس يطلق عليها نوادي الحرية الأمريكية لممارسة تطبيقات الديمقراطية الأمريكية.
  • دعم إنشاء المدارس من خلال سلسلة من المصالح والمشروعات والمؤسسات الاقتصادية الأمريكية وهذه المشروعات ستضمن فرص عمل لخريجي المدارس والجامعات الأمريكية برواتب مغرية.
  • تخصص المذكرة فقرات حول تشجيع تعليم البنات وهناك خطط جاهزة لتدريب المرأة العربية لقيادة حركة تطوير المرأة.
  • يتم البدء في هذا المشروع من عام 2003 وتبدأ الدراسة الفعلية 2005.
  • دعم وتقوية اللامركزية السياسية وبرامج الحكم المحلي خاصة في مجالات التعليم.
  • وجود برنامج منفصل للترجمة إلى العربية من خلال كتب تعالج الاقتصاد والتربية وتشكل مراجع توزع على المؤسسات.
  • ترجمة كتب مبسطة حول أنماط الحياة الأمريكية، مع قصص رمزية ترسخ أهدافا وقيما معينة توزع على طلبة المدارس، وإدخالها في صلب المناهج التعليمية وتشرف على حركة الترجمة وزارة الخارجية الأمريكية
    (عمار، 2004، ص107-109).

ويتضح مما سبق أن هدف البرنامج الأمريكي كما يعلن بوضوح تكوين ناشئة عربية مسلوبة الهوية والانتماءات الوطنية والقومية، كي تؤمن بنموذج الحياة الأمريكي وتدعم مصالحه وأساليب هيمنته.

2- استهداف الهوية الثقافية:

وذلك من خلال التحديات القديمة والمتجددة (التبشير والاستشراق والاستغراب) والتي تتجدد باستمرار في صورها وأثوابها ووسائلها، وما يتولد عنها من تحديات مثل:

– زحف المدارس التبشيرية:

يبين (خالدي وفروخ، 1970، ص 71) أنه جاء في كتاب اليسوعيين في سوريا “أن المبشر الأول هو المدرسة”، وجاء أيضا في مقررات المؤتمر التبشيري المنعقد في القدس 1935 أنه يجب استخدام جميع الوسائط كالمدرسة وغيرها لجذب الطلاب إلى مملكة المسيح (خالدي وفروخ، 1970، ص 214).

ويلاحظ ازدياد قيام هذه المدارس والتوسع في إنشائها في ظل العولمة، مما يشكل تحديا خطيرا حيث يختطف فيه أبناء المسلمين ويحولون من المدرسة الإسلامية إلى المدرسة الكافرة في صمت وتشجيع رسمي، مما يؤدي إلى تذبذب الطلاب أو إخراجهم من دينهم.

– التسلل المتواصل للمفاهيم المغلوطة:

لم يخفت صوت الاستشراق يوما من الأيام في بث المفاهيم المغلوطة والتشكيك في العقيدة، بل تزايد في ظل هيمنة العولمة وأدوات الاتصال المتاحة، وما زال يشكل تحديا كبيرا للبلاد الإسلامية فهو من التحديات القديمة الجديدة، والاستشراق كما يبين (حسنة، 1992، ص 19-29) هو المصنع الفكري للتنصير والاستعمار، ولقد تغيرت وتطورت وسائله تطورا مذهلا، ففي القارة الأمريكية وحدها عشرة آلاف مركز للبحث والدراسة تتابع وترصد كل ما يجري وتناقش مع صناع القرار لبناء الخطط ووضع الاستراتيجيات وتحديد وسائل التنفيذ لإعادة تشكيل العقل المسلم وإنجاب تلامذة مسلمين لممارسة دوره، والتقدم نحو الجامعات ومراكز الدراسات والإعلام والتربية، لذلك فعلماء الاجتماع والنفس والتربية هم الصورة الأحدث للمستشرقين.

وقد بلغت مؤلفاتهم في النصف الأخير من القرن العشرين ستين ألف كتاب ألفت في العقيدة وتاريخ الأدب العربي والتصوف والأخلاق وعلوم القرآن وغير ذلك وهي مشحونة بالكذب والطعن في الإسلام ومنها الموسوعات والمعاجم كدائرة المعارف الإسلامية والمعجم العربي اللاتيني وتاريخ الأدب العربي والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث، إلى جانب إلقاء المحاضرات وعقد الندوات وإصدار المجلات الخاصة بالعالم الإسلامي ونشر المخطوطات التي تحمل الأفكار الضالة وعقد المؤتمرات الاستشراقية وتخريج المسلمين الذين يحملون الأفكار المعادية واستخدامهم كمعاول هدم (الرقب، 2004، ص55-56)، وقد سهلت العولمة الرجوع إلى هذه المؤلفات والموسوعات عبر شبكات الإنترنت والبحث فيها، ورجوع الطلاب إلى مثل هذه الموسوعات والمراجع يؤدي إلى تسلل المفاهيم المنحرفة والمغلوطة، إلى جانب الطعن في القرآن ورسالة النبي الكريم والتشكيك في مكانة المرأة في الإسلام وإحياء النعرات والقوميات، مما يشكل تحديا للمدرسة ومعلميها وتلامذتها.

– الانبهار والاستلاب الثقافي:

يعتبر التعليم البوابة الأخطر والتربة المستهدفة التي تنبت فيها جذور المؤامرة على الأمة، يوضح ذلك ما يقوله المستشرق البريطاني (جيب) بأن التعليم أكبر العوامل التي تعمل للاستغراب والحق أنه العامل الوحيد إن فهمنا من كلمة التعليم ما تدل عليه ولا نستطيع الحكم على مدى الاستغراب في العالم الإسلامي إلا بمقدار دراسة الفكر الغربي والمبادئ النظم الغربية، إن إدخال طرائق جديدة في الفكر في البلاد الإسلامية كان يتطلب نظاما جديدا في التربية من عهد الطفولة والمدارس الابتدائية والثانوية قبل الانتقال إلى الدراسات العليا. (جريشة، 1988، ص105-106).

وقد يأخذ الاستغراب صورا جميلة مثل المدنية والحضارة أو التغيير الاجتماعي أو التحديث أو التطوير وتقع خطورته في أن رسله من بني جلدتنا مما تربوا على فكر الغرب وثقافته، فالتغيير الاجتماعي يبدأ بالأكل والشرب واستخدام المصطلحات الأجنبية وآداب التحية والوداع وانتهاءً بمسابقات العري وملكات الجمال، كما تشمل الإعمار والتربية والأخلاق (الرقب، 2004، ص67،68).

فقد أخذت المجتمعات الإسلامية بنظم التعليم الغربية؛ ففي مصر فرض اللورد كرومر المعتمد البريطاني وبمساعدة من القس (دنلوب) منهج التعليم والتربية الغربي على الدارسين ولقد بقي هذا المنهج سائدا حتى يومنا يعمل على إلغاء الشخصية والخصوصية.

ومن وسائل الاستغراب دس الأفكار والنظريات والفلسفات التربوية ذات التوجه اللاديني واللاأخلاقي المنافية للعقيدة في المناهج كنظريات داروين وفرويد ودوركايم عبر أساليب التربية والفلسفة والسلوك كالتمثيل والرقص والفنون المختلفة ومناهج التعليم وكلها قائم على إعلاء مفهوم الغرب واستنقاص القيم العربية الإسلامية.

وفي فلسطين على سبيل المثال تبث قيم الاستغراب داخل المناهج استجابة للضغوط وبفعل الاستلاب المنهجي، ويتضح ذلك مما يبث من قيم ومفاهيم وأفكار في كتب التربية المدنية عن الزواج المبكر والاختلاط وفصل الدين عن الدولة والمجتمع المدني وحقوق المرأة والحريات الأربع؛ العقيدة والتملك والرأي والحرية الشخصية، وما يترتب على ذلك من الزواج بكافر أو غيره وحق الرجل والمرأة متى أدركا سن البلوغ من التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين.

وإذا كان هناك من مخاطر وجدل حول ما يقرره العصر من أبحاث بالاستنساخ وغيره، فإن مجال تغريب التربية هو الاستنساخ الحقيقي لإخراج نسخ غربية متطابقة في المضمون وإن اختلفت في الشكل.

3- الابتزاز التربوي بالمنح والمعونات الخارجية:

تمثل المنح والمعونات الخارجية المقدمة للجهات الحكومية أو الأهلية عامل ابتزاز وضغط وتوجيه لإنفاذ كثير من المخططات المشبوهة مما يجعل كثيرًا من الجمعيات الأهلية المدعومة من الغرب أداة لمحاربة التربية الإسلامية والعمل على طمس الهوية، فماذا تفعل المدرسة في جو تكثر فيه المنظمات والجمعيات والمؤسسات الخدمية والأهلية ذات الأهداف اللادينية.

وهناك الكثير من المبادرات التي تعد بالمنح والمعونات في بناء المدارس ويتساءل (عمار، 2004، ص24) أي نوع من المدارس هل هي مدارس تركز على مهارات العولمة والسوق متجاهلة قيم المواطنة وهل هي مدارس الصفوة القادرة على دفع مصروفات باهظة لتكون عملاء وسماسرة لتوجهات العولمة ومشروعاتها فيكفينا ما أخذ ينتشر من مدارس أجنبية تحت ستار تحسين التعليم العربي وتطويره.

4- استدماج القيم العالمية في مناهج التعليم (التربية الشمولية):

تحاول منظمتا اليونسكو واليونيسيف استدماج القيم العالمية في مناهج التعليم وترسيخ الأفكار الداعية للنظام العالمي الجديد في اتجاهين، الأول يتمثل في الجهود لوضع برنامج للشرق الأوسط في مجال التربية الشمولية، والثاني في برنامج للتنمية التربوية لدول حوض البحر المتوسط، والمشروع الأول تحت اسم “Global education” وتتضمن التربية الشمولية أربعة أبعاد:

البعد المكاني: ويركز على تعزيز الوعي بعلاقة الاعتماد المتبادل بين البشر في نظام عالمي يكون فيه المحلي ضمن الكوني، والكون ضمن المحلي.

البعد الزمني: إن عنصر مواجهة المستقبل في المناهج الدراسية يعتبر شرط مهم ومسبق لتنمية قدرات ومهارات التلاميذ ليصبحوا في وضع يمكنهم من التحكم في اتجاه التغيير وأكثر قدرة على التكيف مع مجتمع سريع التغير.

بعد القضايا الكونية الشاملة: فالقضايا الكونية متداخلة كتلوث البيئة والاعتداء على حقوق الإنسان وعدم المساواة.

البعد الداخلي: ويقوم على أن يتعلم الأطفال أن حياتهم متداخلة مع مشكلات الناس وطموحاتهم ومع البيئات التي تبعد عنهم آلاف الأميال، وقد تم تنفيذ مشروعين تجريبيين في لبنان والأردن بالتعاون مع المعهد الدولي للتربية الشمولية ومنظمة اليونيسيف في عمان، حول تطوير وتدريس موضوعات تدرس منفصلة أو ملحقة ببعض المواد الدراسية مثل العيش المشترك وتفهم الاختلافات وتجنب الصراعات وحل النزاعات ونظرتنا لذواتنا والآخرين، ورفض العصبية والعرقية والآراء المسبقة، والمستقبل.

ويتضح مما سبق أن التربية الشمولية مفهوم ومحتوى تتفق مع الإطار العام والاتجاه نحو عولمة القيم، من خلال التركيز على التسامح والسلام وحسن الجوار وإلغاء الأبعاد المكانية، وإلغاء عامل الزمان بالتحرر من قيود الماضي (نصار، 2005، ص201-203)، وفي مضمونها أيضا قبول إسرائيل، ويلاحظ تغليف المفاهيم بغطاء تربوي.

وكذلك ما تحاول اليونسكو من ترسيخ لثقافة السلام، ويصب هذه الأيام في التيار الداعي لعولمة القيم وتجريدها من خلفيتها القومية والثقافية، وقد غيرت اليونسكو كثيرا من برامج عملها لتسير في هذا الاتجاه وتشكل عنصر ضغط على النظم التعليمية العربية لتبني القيم التي تطرحها هذه المنظمات من خلال المشروعات المشتركة لتطوير مناهج التعليم، ومن خلال المؤتمرات والندوات وورش العمل وغيرها، فإلى أي مدى تستطيع نظم التعليم العربية مواجهة هذه التحديات؟ (نصار، 2005، ص206-208).

5- الدور الإعلامي المناقض للدور التربوي المدرسي:

الإعلام وسيلة للتعبير والتوجيه، وظيفته التثقيف والتعليم والإرشاد، وتتضح خطورة الإعلام ولاسيما في عصر الفضائيات بتحوله إلى أداة لهدم القيم والنيل من الرموز، فهو إعلام مربٍ وذو رسالة قيمية، وإذا كان غير ذلك فهو خطر على العملية التربوية ذاتها، فإما أن يدعمها ويتكامل معها أو يضادها ويعيقها، وتحاول العولمة مسخرة الإعلام لدفع الإنسان وتنحيته بعيدا عن التربية والأخلاق بإشاعة أدب الجنس والجريمة والتمرد لدى الأجيال وقتل أوقات الشباب وقد “أثبتت الدراسات الحديثة خطورة القنوات الفضائية بما تبثه من أفلام ومسلسلات جنسية فاضحة على النظام التعليمي والحياة الثقافية والعلاقات الاجتماعية ونمط الحياة الاقتصادية في العالم الإسلامي” (أمين، 1998، ص126-128).

فماذا تفعل المدرسة أمام الإعلام الذي يشيع الفاحشة ما ظهر منها وما بطن من نشر للأفكار الغربية المنحلة من خلال ما يطرحه من مفاهيم حول الحرية الشخصية والزواج المبكر والعلاقة بين الجنسين وما يعرضه من صور تخدش الحياء وتقدح في الرجولة وترخى العنان للرغبات والشهوات وتؤدي إلى التخنث والميوعة والانحلال والإباحية والتحلل الخلقي، وإشاعة أدب الجنس والعنف والجريمة، وماذا تفعل أمام ما يرتديه الطلاب وما يحملونه من أشرطة في جيوبهم، وأمام الجريمة التي يشارك فيها كثير من الكتاب ورجال الفكر والأدب السياسة.

إلى جانب المجلات والصحف الخليعة التي تمجد أهل الهوى والفن وتنتقص من حملة المبادئ والقيم وأصحاب المثل والعلماء والدعاة أو الذين يشكلون القدوة التي يبحث عنها النشء، وتشوه الرموز الإسلامية من خلفاء وأمراء وقادة حتى حولوهم إلى عاشقين ومحبين، ولا يقل خطورة عن ذلك تنظيم المهرجانات الفنية والموسيقية واللقاءات الشبابية بين دول العالم.

ويحذر (مبروك وآخرون، 1999، ص139) من خطورة الإعلام مبينا أن “الإعلام يحمل غسيلا للأدمغة ويسعون من خلاله لمحو تراثنا وكل يوم يفتتحون محطات جديدة للسيطرة الإعلامية الكاملة فهم يوجهون المعلومات ويشوهون التحليلات وينشرون الفجور ويسعون لطمس ديننا وهويتنا، واليهود يركزون تركيزا خاصا على الإعلام والسينما ووسائل التثقيف، فهذا الإعلام العالمي الذي تمثله العولمة تحكمه أمريكيا وإسرائيل في النهاية وهو لا يجلب خيرا لنا وإنما دمارا لشعوبنا”.

فالإعلام من أشد وسائل التربية خطرا لسهولة تقبله فبدلا من أن يساهم مع المدرسة ويأخذ دوره الحقيقي في بناء الأجيال وغرس القيم الأصيلة، تراه ينشئ جيلا فارغا من العقيدة محطم الشخصية مزعزع الثقة بتاريخه وأصالته.

6- مادية ثقافة العولمة وخطرها على البناء الروحي:

إن ثقافة العولمة ثقافة مادية بحتة لا مجال فيها للروحانيات والعواطف، مما يجعل تحدي المدرسة في هذا المجال هو الحفاظ على ديمومة المجال الروحي الصحي السليم للطلبة ببث مفاهيم التكافل والتعاطف والتواد والإيثار وكل القيم النبيلة.

“ولقد قامت المدرسة في صورتها الحديثة بربط التلميذ بعالمه المعاصر أكثر من ارتباطه بعالم الفضيلة والقيم، فركزت على العلم والتكنولوجيا وانغمست بمناهج تعليمها في عصر المادة، ولم تعط أهمية تذكر لما يجب أن يكون عليه السلوك” (مجاور، 1990، ص328).

فماذا تفعل المدرسة أمام ثقافة الهامبورجر والمكدونلد والكوكاكولا وحلقات المارينز وأغاني مايكل جاكسون، وأفلام رامبو وسينما دالاس، وأمام الأزياء التي تثير الشهوات أو تحمل عبارات تمس العقيدة والمروءة والدين وتروج للإباحية والفوضى.

7- تهديد واكتساح الخصوصية الثقافية عبر الانترنت:

تعد شبكة الإنترنت من أهم وسائل العولمة الثقافية التي تسعى إلى الاكتساح الثقافي وإلى إحلال التبعية لثقافة الغرب محل الأصالة النابعة من عقيدة الأمة، فما تنقله من أفكار يمثل حروب أدمغة لا أسلحة، بالإضافة إلى ما تمثله من تحدٍ معلوماتي.

ويعتبر اختراع الانترنت من أهم الاكتشافات البشرية منذ اكتشاف الآلة الطابعة، حيث يتمكن التلاميذ وبضغطة زر واحدة للوصول إلى مكتبة الكونجرس والاتصال بالمدارس والجامعات،

ويلخص (الصوفي، 2004، ص959) أخطار شبكة الإنترنت بالتبعية الثقافية والعنف والجريمة وانحسار اللغة العربية وإهمال مصادر المعلومات الأخرى وإدمان ازدياد المواقع الإباحية والاغتراب والعزلة والتشكيك العقائدي والتردي السلوكي إلى جانب الأخطار الصحية.

المحور الثالث: التحديات الداخلية للعولمة التربوية:

في ظل هيمنة العولمة، تبرز إلى السطح كثير من التحديات الداخلية، وتصبح مواجهتها أكثر إلحاحا وعلى قائمة الأولويات، فالضعف الداخلي ينعكس حتما على قدرة النظام التربوي على المواجهة بفعل الإصابات الداخلية، كما أن جذور العولمة تتمدد في التربة الرخوة للتربية، بالإضافة إلى كون العولمة تكريسًا للأزمات المتلاحقة، لذلك يشكل الاستقرار التربوي القائم على فلسفة واضحة الضمان الحقيقي والطريق الآمن للخروج من متاهات العولمة وهيمنتها.

ولقد تغير مفهوم التعليم تغيرا جذريا وشاملا في هذه الحقبة الزمنية التي تظللها العولمة وتسيطر عليها آثار الثورة التكنولوجية والنفوذ الإلكتروني، فمع سيادة نظام العولمة أصبح هذا التعليم ضرورة بقاء وضرورة للأمن القومي وما يرتبط به من الجودة الشاملة (الزواوي، 2003، ص42،43).

وإن أمتنا العربية والإسلامية تواجه اليوم ولسنوات قادمة تحديات جساما وأخطرها التحديات التربوية يتبلور في ضوئها مصير الأمة قوة أو ضعفا، وتمثل في أحد جوانبها صراعا ومقاومة دفاعا عن الاستقلال ضد التبعية.

ويمثل واقع العولمة صدمة لإيقاظ الأمة ودفعها إلى التجديد والنهوض واضطلاعها بمسئولياتها في مواجهة مخاطر العولمة والدفاع عن هويتها من التماهي والضياع.

فالتعليم هو المدخل الفعلي لمواجهة التداعيات السلبية للعولمة وامتلاك رؤية واضحة لبناء إنسان جديد ومتجدد قادر على فهم العولمة ومواجهتها، فنحن أمة في خطر، ولا سبيل لمواجهة العولمة إلا بالتربية التي تعطي إجابات واضحة على معرفة من نحن، وما هويتنا، وماذا نريد وما هو الإنسان الذي نسعى إلى إيجاده وإعداده، ويبين (الزواوي، 2003، ص77-78) بأن النظام التربوي يعاني أساسا من أزمة تربوية تختلف حدتها من بلد إلى آخر، منها ما يتعلق بالتعليم وسوق العمل فنحن نتعلم وفقا لطاقة التعليم المتاحة لا وفقا لحاجاتنا الفعلية، وفي ظل فلسفة تربوية تضع حواجز بين المعارف النظرية والمهارات العملية، ومنها عدم تكافؤ فرص التعليم وأسبابها الدروس الخصوصية، وتعدد مسارات التعليم فهناك ازدواجية تربوية بين تعليم النخبة وتعليم العامة، والعزوف عن مداومة التعليم وسلبية المعلمين، فمنهم قادة الثورة التربوية وعدم فاعلية البحث العلمي وانفصاله عن المشاكل العملية وتدني مستوى الخريجين والهادر التعليمي الضخم، وفقدان المجتمع ثقته بمؤسساته التعليمية، وعدم تعريب العلوم، وتخلف المناهج وطرق التدريس وضعف الإدارة التعليمية.

ويشير في موضع آخر إلى أن “التعليم في هذا العصر ليس مجرد تنشئة للفرد المسلح بالعلم والقادر على الإنتاج وإنما هو قضية أمن قومي فالمجتمع الذي تتفشى فيه الأمية ويسوده الجهل يسهل اختراقه والسيطرة عليه، أمية ما يدور حولنا في العالم بعد انفجار الثورة المعلوماتية والغزو الفكري والثقافي والعقائدي عن طريق شبكة المعلومات الدولية ووسائل الاتصال الحديثة فائقة السرعة والذي يحمل أفكارا ومبادئ لا تتناسب مع عقائدنا ومبادئنا” (الزواوي، 2003، ص51)، وتشير (يونس) إلى أن المدارس قد تحولت إلى ساحات للوأد، فقد “أثبتت نظم التعليم في دولنا العربية قيامها البارع بدور السفاح لأي عقل مفكر أو فكرة مبدعة وقيامها بدور الشرطي الملاحق لأي محاولة تفكير منطقي أو علمي أو نقدي” (الحسني وآخرون، 2004، ص348)، ويلاحظ أن النظام التعليمي والتربوي في العالم العربي ابتداءً بالحضانة وانتهاءً بالجامعة يرسخ وبإصرار القيم المناقضة لتفتح الملكات والمواهب مما يضعف المناعة أمام تحديات العولمة.

1- افتقاد الفلسفة التربوية الإسلامية:

يؤكد التربويون أن التعليم منذ نشأته وحتى اليوم يفتقد إلى وجود فلسفة تربوية إسلامية توجهه، فقد ربط نفسه بفلسفات تربوية وافدة تأخذ من الغرب تارة ومن الشرق تارة أخرى، فانعكس ذلك على التعليم من حيث المناهج والأهداف وطرق التدريس والأنشطة التربوية، فجاء قاصرا غير واضح الأهداف والغايات، وبدلا من أن ينطلق من فلسفة تستمد توجيهاتها من القرآن والسنة توضح تصورها عن الكون والإنسان والحياة، إذ بفلسفة هذا التعليم تقنع في الغالب بمجرد التقليد والتبعية الثقافية والتربوية، لذا فقد “فشلت معظم تلك المؤسسات التعليمية في إيجاد الأجيال المعاصرة التي يمكن أن تواجه التحدي العالمي الذي فرض عليها، أو تحقق المطالب التاريخية الكبرى لأمتها العربية والإسلامية” (النقيب، 1997، ص16،17).

2- غياب المعلم القدوة:

ومن التحديات الداخلية الحاجة إلى المعلم الجيد الفاعل القدوة الذي يحمل مهمة التغييرات الجذرية “وإذا كانت الإنجازات العلمية الآن تتم من خلال انتقال كيفي وقفزات جذرية فإن المعلم التربوي مطالب أكثر من غيره بتحقيق تلك الفجائية الكيفية في ظل التحولات المتسارعة في شتى المجالات” (عبدالحميد، 2004، ص119).

فالمعلم القدوة غدا حاجة ومطلبا ضروريا كما يشير تقرير (اليونسكو، 1996، ص127) الذي يؤكد بأنه قد ترتب على “التزايد المطرد لعدد الملتحقين بالمدارس في العالم حشد مكثف للمعلمين جرى في كثير من الأحيان بموارد مالية محدودة ودون أن يتسنى دائما العثور على المعلمين الأكفاء وأفضى الافتقار إلى الموارد المالية وإلى الوسائل التعليمية فضلا عن اكتظاظ الصفوف إلى التردي الخطير لظروف عمل المعلمين”.

ويلخص (عبدالحميد، 2004، ص10) أسباب غياب المعلم الفاعل:

  • 1- أن إعداده لا تتم فيه عملية التوأمة والتكامل بين الإعداد للمادة الأكاديمية والتأهيل التربوي.
  • 2- يتم التدريب أثناء الخدمة على شكل محاضرات بدلا من ورش عمل.
  • 3- عزوف الشباب عن هذه المهنة فالملتحقون بدور إعداد المعلمين من ذوي المؤهلات المنخفضة.
  • 4- أصبحت مهنة التعليم مهنة من لا مهنة له، لذا يجب أن يكون الإذن أو الترخيص بالتعليم مشروطا بحصول المعلم على عدد من الوحدات الدراسية ويعطى الترخيص كل مدة زمنية محددة.

وبالنسبة لكفاية برامج التعليم ظلت الكفاية الداخلية والكفاية الخارجية دون المستوى المطلوب عالميا ومحليا لمدة طويلة ملحوظة بنواتج هذا التخلف وانعكاساته على الظاهرات الاجتماعية والخدمات.

“ولا تقتصر أهمية المعلم على دوره المباشر في تنمية الإبداع وإنما يتعداه إلى ما يتبنى المعلم من اتجاهات إيجابية نحو الابتكارية وهذا الأمر يتطلب إعادة النظر في تكوين المعلمين قبل الخدمة وتدريبهم أثناء الخدمة بأن يمتلك المعلم صفات المعلم المبدع، وهي: مرونة شخصيته، والثقة غير المشروطة في قدرات الطالب والإقلال من التقييم والنقد الخارجي، وإشعار الطالب بالأمان وعدم الخوف واستخدام التشجيع والإثابة، وإدراك الفروق الفردية بين المتعلمين وإثراء الموقف التعليمي بالأنشطة الإبداعية، وإظهار قيمة أفكار الطلاب، والإلمام بسمات الطلاب المبدعين، أو تشجيع الطلاب للتعبير عن أفكارهم الشخصية ومشاعرهم الذاتية وامتلاك القدرة على التسامح والبهجة والحرية” (شحاتة، 2004، ص107).

ويؤكد (بدران) في المؤتمر الدولي الثاني المنعقد في دبي (2002) أن مواجهة تحديات العولمة تستدعي إصلاحات كثيرة للنظام التعليمي، وأنه ينبغي على المعلمين أن يتعاملوا مع البرامج الحاسوبية التعليمية والتعلم بالوسائط المتعددة والتعلم التفاعلي والتمدرس الافتراضي والتعليم بالاتصال المباشر من أجل تحفيز عملية التعلم، تلك العملية التي تؤدي إلى الوصول إلى الأعمدة الأربعة للتربية وهي تعلم لتكون وتعلم لتعرف وتعلم لتعمل وتعلم لتعيش (سعادة والسرطاوي، 2003، ص128).

كما يؤكد (البيلاوي) في المؤتمر نفسه أن التكنولوجيا وضعتنا أمام خطرين:

الأول: أن تنكفئ مدارسنا لحماية هويتها مما يغزوها وبالتالي نصبح خارج التاريخ ونتجمد.

والثاني: أن تفقد مدارسنا المناعة كحصن ثقافي والنتيجة أن نذوب في كم المعلوماتية الهائل لذلك لا بد من التعامل مع التكنولوجيا الحديثة ونعد معلمينا للتعامل معها ونعمل على تنمية مهاراتهم تنمية مستمرة مستديمة (سعادة والسرطاوي، 2003، ص131).

3- جمود النظام التعليمي:

لم تعد نظم التقويم الحالية المتمثلة في الامتحانات موائمة لعصر العولمة والمعلوماتية فهي معيقة لاستمرار الفرد في التعلم، ويؤكد (عمار، 1996، ص42،43) أن قاعدة عمليات التعليم تقوم على أساس معايير جامدة تقليدية تؤدي إلى الغربلة والتصفية بناء على نتائج الامتحانات، وما يترتب عليها من إبعاد الفرد عن فرص التعليم بمجرد قصوره عن بلوغ ما تتطلبه تلك المعايير المعرفية، فليس المقصود من الامتحانات أن تكون مجرد أداة لإبراء الذمة، وإنما وسيلة لتوفير فرص ومستويات لكي يتابع الطالب مسيرة التعليم.

4- نقص الميزانيات:

ومن التحديات التي يتطلبها التعليم نقص التمويل المتاح، حيث إن الميزانيات المخصصة للتعليم لا تفي بالاحتياجات، فلا يزال ما ينفق على المتعلم سنويا 130 دولارا تقريبا في رحلة التعليم الأساسي في مصر بالمقارنة بما ينفق في اليابان 6960 وفي أمريكا 4764، وفي السعودية 1338 وفي تونس 290 دولارا سنويا (شحاتة، 2004، ص130).

5- نظام الترفيع دون إنجاز أكاديمي:

إن نسب النجاح المرتفعة ليست هي الغرض النهائي من التعليم ولكنها مؤشر من عديد من المؤشرات، فليس الهدف كميا فأسلوب الترفيع الآلي الذي يتبع في مدارسنا العربية والذي بموجبه ينتقل الطالب من فصل لآخر، تكون محصلته النهائية طالبا لا يستطيع أن يقرأ قراءة جيدة ولا يكتب كتابة صحيحة.

“ففي اليابان يتم الترفيع بناء على التحصيل والإنجاز الأكاديمي أما نحن فقد أخذنا هذا النظام ولم نفهم منه إلا شكله أما مضمونه فقد ترك جانبا” (العاجز، 2000، ص190).

“ولما كان النجاح في الامتحانات يولي أهمية كبرى في كثير من الحالات يتعين على السلطات التأكد من أن هذه الامتحانات تتيح بصورة مناسبة التحقق من المعارف والقدرات المطلوب من التلاميذ اكتسابها” (اليونسكو، 1996، ص106).

6- تدني نوعية التعليم:

ومن التحديات التي تواجه المدرسة كما تبين (المفتى) “الطلب المتزايد على التعليم المدرسي دون إدراج نوعية التعليم المقدم في عداد الأولويات ومن هنا كان اكتظاظ المدارس واتباع أساليب بالية للتدريس تقوم على الاستظهار والاعتماد على معلمين عاجزين عن التكيف مع أساليب التعليم الحديثة مثل المشاركة الديمقراطية في أنشطة الصف والتعلم التعاوني وحل المشكلات التي تتطلب قوة إبداعية وهذه المشكلات جميعها أصبحت تشكل الآن عقبات كبرى أمام توفير تعليم أفضل” (اليونسكو، 1996، ص170).

إلى جانب التحدي المزدوج وهو الارتقاء بمستويات التعليم وتحقيق التكافؤ في توفيره، وهو يثير تساؤلات على نهج التعليم وأساليبه ومضامينه والشروط اللازمة لضمان فعاليته (اليونسكو، 1996، ص24).

وليست الأزمة في معرفة كيف تتم صناعة المناهج كحل لتدني نوعية التعليم، “ولكن الأزمة في كيفية توفير مناخ التنفيذ، وهذا المناخ يتمثل في المدرسة التي لا تستطيع أن توفر جميع الإمكانات لتحقيق جودة منهج عالمي من خلال المعامل والفصول الأقل عددا والوسائط المتعددة وكذلك المعلم نفسه” (الزواوي، 2003، ص103).

7- الانقطاع عن الدراسة:

ومن جملة التحديات الانقطاع عن الدراسة، إذ أن من أهم العوامل المساعدة على التعلم بعد توافر الكتب هو “الوقت الذي يقضيه المرء في وسط يجري فيه التعلم وكل انقطاع وكل عارض يؤدي إلى تقليص الوقت المتاح للتعلم من شأنه النيل من نوعية النتائج وينبغي أن يحرص المسئولون عن السياسات التربوية على أن تكون السنة الدراسية المقررة رسميا هي حقا في معظم الحالات السنة الدراسية الفعلية” (اليونسكو،1996، ص106).

8- العجز التربوي:

إن عجز النظام التربوي عن إخراج المبدعين له أكثر من دلالة خطيرة، ولعل أبرزها اهتزاز الثقة بهذا النظام، فأمريكا التي تنفرد بقيادة العالم عندما سبقها الاتحاد السوفييتي إلى غزو الفضاء، اعتبرت أن السبب هو عجز في النظام التربوي التعليمي، فشكلت اللجان لإنقاذ ما أسمته (أمة في خطر)، بل إن جورج بوش قال في حملته الانتخابية أنه سيكون رئيس التربية والتعليم، ويلاحظ أن نظامنا التربوي قد غابت عنه عقلية التخطيط وعقلية التخصص وعقلية النقد والمراجعة ووجود الفراغ والقابلية للغزو الثقافي والاستلاب الحضاري والاغتراب التاريخي، وهذا معناه أن العطب قد لحق بأجهزة العملية التربوية والتعليمية (حسنة، 1992، ص56).

المحور الرابع: ­سبل مواجهة تحديات العولمة التربوية

إن التحديات والمخاطر التي تنجم عن العولمة كبيرة وخطيرة، ولهذا فإن سبل مواجهتها يجب أن تكون بحجم تلك التحديات ومكافئة لها فالاستجابة تكون على قدر التحدي، ولذلك فإن سبل مواجهتها تأتي على أسس متنوعة كما يلي:

أ- سبل مواجهة التحديات الخارجية:

1- تبني موقف تربوي وسياسي موحد ضد التدخلات والضغوط:

إن مواجهة التدخلات الخارجية يستدعي أن يستشعر القائمون على أمور الأمة الخطر الذي يتهدد كيان الأمة وشخصيتها وأجيالها لقرون قادمة، واعتبار أن مقاومة هذه التدخلات وعدم الانصياع لها هو واجب وطني وإسلامي، ودين يدين به المسئولون والتربويون، لذلك فإن تبني مفهوم النظام الأمني العربي الإسلامي هو الطريق للتصدي لمحاولات الاختراق الثقافي والتربوي والنفسي (الصوفي وقاسم، 1996، ص159)، وذلك بتوحيد الصف في مواجهة الضغوط والتحديات من خلال منظومة عربية إسلامية واحدة، ومن خلال تكامل تربوي واقتصادي وسياسي، ربما يبدو ذلك صعبا إلا أنه ليس مستحيلا.

إلى جانب توعية الأجيال بخطر الاستسلام للهيمنة الامبريالية على العالم الإسلامي من خلال العولمة، وعقد المؤتمرات الرسمية والأهلية لمناقشة التقارير والخطط التي تستهدف الأمة من الداخل باستهداف صروحها التربوية، ويؤكد (عمار، 2004، ص114) أن مواجهة هذه التدخلات يتطلب عملا جماعيًا للوعي بتداعياته واقتضاءاته حاضرًا ومستقبلا ولا بد من الدعوة العاجلة إلى مؤتمر تربوي أهلي عام تناقش فيه هذه التقارير ذات الصلة بالتعليم، ويشترك فيه المنظمات المهنية ونقابة المعلمين ورابطة التربية ومختلف الجمعيات التربوية والنفسية وممثلون عن جميع كليات التربية وأهل الفكر والرأي، ويكون هدف المؤتمر إصدار إعلان لمواجهة برامج هذه المخاطر الأمريكية.

2- التحصين الثقافي:

تسعى العولمة التربوية والثقافية إلى فرض النموذج الغربي في التفكير وطرائق الحياة، مستخدمة التدخل السافر في المناهج لتغيير عقول الناشئة وطمس هويتها العقدية، ليسهل بث القيم الأمريكية البديلة، لذلك فلا بد من تأكيد الهوية العربية الإسلامية المحافظة على أصالتها والجمع بين الأصالة والمعاصرة، الأصالة التي تخلو من الانكفاء والجمود، والمعاصرة التي لا تدفع إلى الانسلاخ عن الثوابت.

ومعلوم أن الثقافة في الفكر التربوي الإسلامي تتخذ من العقيدة مصدرا لها وموجها لمضامينها، لذلك فالثقافة الإسلامية تستند إلى أصول ثابتة لكنها متجددة في وسائلها وأساليبها، ومن نافلة القول أن نؤكد على أن الثقافة أسلوب حياة ونمط للعيش وطريقة للتفكير ووعاء للعلم.

لذلك فلا بد من تعزيز البناء العقدي في النفوس لحماية النموذج الاجتماعي والثقافي ومن أجل امتلاك التفوق الإيماني، والإيمان المطلوب لا يكون مجرد معرفة ذهنية، ولا مجرد حشو للذاكرة بعبارات ومصطلحات عن الرب والدين والعبادة والتوحيد بأقسامه والطاغوت والجاهلية (القرضاوي، 1992، ص73).

فالثقافة المطلوبة هي التي توجه العقول وتوظف الطاقات وتشكل حصنًا في مواجهة الثقافات الوافدة، وذلك بأن تعمل المناهج على تحصين الإنسان بالعقلية الناقدة لكل ما تبثه الفضائيات التي تعج بها سماوات الكرة الأرضية لمواجهة التيارات الصريحة والمستترة التي تسعى لوأد مقومات هويتنا وثقافتنا وتربيتنا، وأن تعمل على توسيع وترسيخ مقومات الثقافة الإسلامية بالاهتمام بالقرآن الكريم والسنة المشرفة حفظا وفهما ونظرا وتدبرا ومدارسة وممارسة.

3- العناية باللغة العربية:

إن اللغة العربية ليست أداة للتخاطب فقط بل هي وعاء ثقافي وهوية إسلامية، والحفاظ عليها هو حفاظ على هذه الهوية وعلى هذه الثقافة، فهي فكر وذات وعنوان ولغة تفكير وتعبير، ويشكل امتلاكنا للمعارف والتكنولوجيا بهذه اللغة الطريق لتمثل هذه التكنولوجيا وإنتاجها.

ويبين (مدكور، 2000، ص28) أهمية تعريب المعرفة حيث “أننا نملك ناحية المعرفة عندما ننقلها إلى لساننا، أما عندما ننتقل نحن إلى ألسنة الآخرين فسنكون عالة عليهم وسنبقى أتباعا ضائعي الهوية”، لذلك فحماية الأجيال من الأخطار ومنها شبكة الانترنت يقتضي إيجاد مجموعة من المواقع العلمية والثقافية والتاريخية والدينية على صفحات الشبكة باللغة العربية كبديل ناجع عن المواقع الأجنبية.

كما يجب عدم الالتفات إلى ما يثيره المغرضون من شبه حول قدرة اللغة العربية على استيعاب العلم، فقد أجريت دراسة في اليابان حول الحاسوب الآلي والمعلوماتية على اللغات العالمية تستهدف معرفة أكثر اللغات وضوحًا صوتيا في استخدامات الحاسب الآلي، أثبتت أن اللغة العربية تتصدر هذه اللغات في هذه الناحية، بينما تأتي اللغة الصينية في آخر القائمة.

كما أصدرت الكثير من البرامج الآلية مثل دليل المسلم الالكتروني وقاموس المورد، مما يدل على استيعاب اللغة العربية لهذه المعلوماتية (الصوفي، 2004، ص970).

 

4- إصلاح مناهج التربية والتعليم:

إن التربية من أهم القوى الفعالة في التغيير والإصلاح، فهي التي تؤسس المفاهيم وتحولها إلى أفكار وممارسات، فكيف إذا عمل المنهاج على التخريب من خلال طمس صحة العقيدة وتغيير الانتماء والهوية باستبدال رابطة العقيدة، والدعوة إلى الديمقراطية الغربية والعمل على هدم النظام الاجتماعي باستبدال نظام علماني، وترسيخ مقياس النفعية والدعوة إلى الحريات العلمانية.

لذلك لا بد أن تنطلق عملية الإصلاح من خلال إصلاح المناهج وفق فلسفة تربوية إسلامية مستمدة من مصادر التشريع والاجتهاد، “فمناهجنا الدراسية حصن لهويتنا العربية والإسلامية في عالم يموج بتيارات العولمة، ومحاولتها تنميط الحياة وقولبتها في صور ونماذج حياة القطب الواحد المهيمن، وهي التي تمد الأبناء بمقومات هويتنا الثقافية وخصوصيتنا الحضارية، وكلما ازدادت الضغوط العولمية، يتنامى في مناهجنا الوعي ويحتدم بتلك المقومات، ويظهر جليا السعي إلى مقاومة كل ما تهدف إليه العولمة من أمركة في المصالح والعقول، حيث أن مناهجنا تقف بصلابة ضد مواجهة تهميش الثقافات الوطنية الإقليمية، آخذة بمقولة المهاتما غاندي: (إنني على استعداد لأفتح نوافذ بيتي على كل التيارات من حولي ولكنني أرفض أن ينتزعني أي منها من جذوري)، وشعارنا في بناء مناهجنا الدراسية ليكن كل ما هو عالمي في خدمة كل ما هو عربي” (شحاتة، 2004، ص178).

ويجب أن تؤكد مناهجنا على خصوصية حضارتنا العربية الإسلامية وأهمية التعاون والتكامل التعليمي والثقافي بين أقطار الوطن العربي (عمار، 2004، ص92)، وإعادة صياغة برامج إعداد المعلمين في ضوء تحديات العولمة لجعلهم قادرين على أداء أفضل، والأخذ بمبدأ النمو المهني المستمر للمعلم وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمعلمين حتى يشعروا بالأمن الوظيفي ويتنافسوا في أداء رسالتهم وترسيخ مبدأ التعبد بالعلم (أبو دف، 2004، ص203).

ويتم كل ذلك بالتمسك بأصول التربية الإسلامية وتثبيت أركانها من خلال بناء منهاج تربوي متكامل يحافظ على الثوابت والأصول مع المرونة في الأساليب والوسائل وذلك في إطار قطب عربي إسلامي لمواجهة الهيمنة التربوية.

5- تنمية ثقة الأمة بنفسها واعتزازها بعقيدتها وهويتها:

يشكل الانهزام النفسي عاملا خطيرا لفناء الأمة، فالتربة الرخوة المشبعة بالهزيمة وفقدان الثقة هي التربة المناسبة لكي تضرب العولمة بجذورها فيها وتتمدد مما يزيد من تأثيرها وفتكها، لذلك لا بد من تربية الأمة والمجتمع والفرد على مقاومة روح اليأس والسلبية بتعزيز ثقة الإنسان بعقيدته التي تميزه عن الأمم الأخرى، وتحريره من المجال المغناطيسي للانبهار بالغرب وتربيته والتخلص من مركّب النقص والتبعية، فهو مخلوق مكرم ومستخلف ويجب أن يبدي رأيه ولا يحقر نفسه.

ويؤكد (الدجاني) أن ظاهرة العولمة موجودة ولكن يجب التعامل معها من منطلق “الثقة بقدرتنا على المواجهة، فعملية محاولة إنهاء الثقافات وتنميط البشر على ثقافة غربية واحدة، يقينا سيفشل، إذن علينا أن نثق بأن هويتنا الحضارية ستكون راسخة خصوصا أن الهوية الإسلامية دائما جماع ثلاثة عناصر: العقيدة التي توفر رؤية كونية، واللسان الذي يجري التعبير به، والتراث الثقافي الطويل المدى” (مبروك وآخرون، 1999، ص31).

ويجب الالتفات إلى ما تفرضه العولمة من “محاولة تنميط الثقافات في قالب التحديث والتقنية، بينما محتواه الخفي أمركة التعليم من خلال إطفاء أية جذوة للاعتزاز بالتراث الحي أو تاريخ النضالات الوطنية أو الوشائج أو الروابط الوطنية العربية” (عمار، 2004، ص23).

6- التربية على مبدأ الانفتاح الواعي والتفكير الناقد:

وهذا لا يتأتى إلا بالثقافة الإسلامية الشاملة مع عدم التبعية لثقافة الآخرين، ولا يتم إلا بالحفاظ على التربية وعلى المدرسة من الانغلاق على الذات فالحكمة ضالة المؤمن، ولكن بالانفتاح الواعي المتوازن على كل ما لا يتعارض مع الأصول ومع التخير والانتقاء، وذلك من خلال تنمية مهارات التفكير الناقد والهدف منها هو إعداد مواطن يقظ وواعي لا يتقبل كل ما يسمع ويقرأ بل يتأمل ويناقش ويفهم.

وليس من قبيل التعصب أو الانغلاق أن يكون هذا هو موقع التربية التي نريدها لأبنائها، “فمنذ القرن التاسع عشر كان اليابانيون يدركون تماما أن الحفاظ على بقائهم كأمة يقتضي استيعاب رياضيات الغرب وعلومه وتكنولوجياته مع نبذ ثقافته وقيمه الاجتماعية” (اليونسكو، 1996، ص182).

7- استقلالية مصادر التمويل:

من الضرورة بمكان أن تعمل المؤسسات والجمعيات المخلصة التي تحمل مسئولياتها بعزة وأمانة أن تبحث عن موارد بديلة ومستقلة أو ذاتية تتكامل فيها الموارد والمصادر، والتحرر من وصاية الدول المانحة، حتى لا تقع فريسة الابتزاز وتمرير مخططات مشبوهة.

وهذا ما ينطبق أيضًا على المدارس فإن أول خطوة في اتجاه سياسة تعليمية صحيحة ونشيطة هي حل مشكلة التمويل التي هي شرط ضروري وإن كان غير كافٍ للبدء في طريق الإصلاح (عمار، 1996، ص58).

8- تبني قيم الإسلام العالمية في مواجهة قيم التربية الشمولية:

يجب أن يتحمل التربويون مسئولياتهم في التنبيه لما تحاوله المنظمات الدولية المهتمة بشئون التعليم من تضمين المناهج لقيم العولمة، والتفريق بين قيم الإسلام العالمية وقيم العولمة التي تعمل على إزالة الفوارق والحواجز بهدف اختراق النظم التربوية وتدجين الأفراد وتغييبهم عن وعيهم بتاريخهم وهويتهم، فلا تشابه بين تربية الإسلام القائمة على قيمه الإنسانية العالمية، وبين العولمة وتربيتها الشمولية التي تغلف قيمها الزائفة عن السلام والعيش المشترك وحسن الجوار، والتي تعمل عن تذويب القيم الأخرى وسحق هويتها واستنزاف خيراتها، فقيمها تكرس الأنانية وتعزز المصلحة الشخصية وتنمي الحرية الفردية دون مصلحة الجماعة، ويؤكد (العلواني، 2004، ص51) “أن الفرق بين عالميتنا وعالميتهم كبير جدا، فليس كل من ادعى العالمية أو تكلم على بعض الأزمات من منطلق (Universal) أو (Global) أو (International) هو مناد بالعالمية كما نفهمها وندركها بل معظم تلك النداءات أو كلها صادرة عن إيمان بمركزية الغرب ومركزية الرجل الأبيض صانع الحضارة والثقافة وحامل مشاعل التنوير والخلاص”.

لذلك فالمطلوب هو التربية الإسلامية التي تقوم على قيم مشتركة جامعة، والتي يجسدها الإنسان الصالح المصلح ذو البناء التربوي المتكامل، المتحرر من كل ألوان العبودية، الذي يحمل قيم العدل والسلام والحرية الحقيقية، والكرامة الإنسانية والقيم المطلقة، مع احترامه لخصوصيات الآخرين، لذلك يجب أن تضطلع العملية التربوية بمسئولية إنتاج نماذج المثل الأعلى التي تبرهن على خلود قيم التربية الإسلامية الصالحة لكل زمان ومكان، والقادرة على تشكيل الإرادات واكتشاف الطاقات.

9- تهيئة الاستخدام الآمن لشبكة الإنترنت:

لقد آثار مفهوم الانترنت الآمن جدلا كبيرا بين التربويين وأولياء الأمور والسياسيين وخبراء برمجيات الانترنت وذلك بسبب المشاهدات والنتائج التي انعكست على الطلبة نتيجة اتصالهم بالشبكة ودخولهم على مواقع غير لائقة أحيانا، وتأثير ذلك على شخصياتهم وأنماط تفكيرهم مما دعا بعض التربويين إلى المطالبة بالعودة إلى الطرق التقليدية للحصول على المعلومات بدلا من الاستخدام غير الآمن للإنترنت من جانب الطلبة. ولقد وعدت بعض الشركات بإضافة ضوابط أكثر أمنا في اصداراتها الجديدة وهذه الضوابط على شكل مصافي أو منقيات لحجب المواد غير الصالحة (سعادة والسرطاوي، 2003، ص249،250).

وإن من ضوابط استخدام شبكة الإنترنت حجب المواقع التي تبث الأفكار الهدامة والمواد الإباحية، مع تزويد المستخدمين بعناوين المواقع الدينية والثقافية المفيدة وتحذيرهم من المواقع الهدامة، وإلزام مقاهي الإنترنت باستخدام برامج الترشيح والفلترة.

10- تفعيل المسرح المدرسي:

ومن التحديات التي تعمل المدرسة على مواجهتها؛ تشويه التاريخ والطعن فيه لفصل المسلمين عن تاريخهم، حتى لا يمثل هذا التاريخ قوى حافزة إلى بعث روح الانتماء والنهوض في الأمة.

لذلك يمكن توظيف الدراما والمسرح المدرسي لتقديم التاريخ النقي بعيدا عن دسائس وتشويه المستغربين والمستشرقين، وبعث التاريخ الإسلامي المشرق وبث قيم الأمة وعزتها وعطائها الحضاري، حيث تعمل الدراما على استدعاء التاريخ والوعي به وليس مجرد القراءة فقط، فالتاريخ الإسلامي جزء من هوية الأمة واللغة والعقيدة والتاريخ وهذه الهوية بعناصرها تشكل خطوط دفاع في مواجهة العولمة، مع ضرورة استعمال اللغة الفصحى الميسرة والابتعاد عن العامية المبتذلة في الأداء المسرحي.

11- تطوير البرامج الإعلامية:

إن الإعلام الممتع والنافع والمشوق يعتبر وسيلة من وسائل مواجهة الإعلام الهابط الذي يعمل على نقل ثقافة الغرب استجابة لسلطان العولمة، لذلك يجب أن ينطلق الإعلام من القيم الأصيلة لخير أمة أخرجت للناس، مما يتطلب إعداد الإعلاميين إيمانيا ومهنيا وثقافيا.

ولا يقصد إيجاد قنوات بث ديني منفرد لنقل المعرفة الدينية، بل أن تتحول كل قنوات البث إلى قنوات تكون روح الدين هي الروح السارية فيها وفي كل برامجها، مما يجعل من الوعي الديني المنبثق عن هذه الروح الرادع والضابط لكل حركة أو مشهد أو كلمة تقدم للناس.

ب- سبل مواجهة التحديات الداخلية:

إن العولمة إخطبوط متعدد الأرجل حيث إن مخاطر العولمة على المدرسة ومناهجها هي مقدمة لمخاطر أشد على الإسلام والهوية والثقافة، لذا لا بد من علاج الضعف الداخلي للأنظمة التربوية (وخاصة بعد تراجع دور الأسرة) من أجل مواجهة الخطر الخارجي إذ أن الضعف الداخلي منفذ للخطر الخارجي، ويمكن إجمال سبل مواجهة التحديات الداخلية على النحو التالي:

1- بلورة فلسفة تربوية متكاملة:

إن الجهود التربوية ستظل عرضة للتناقض وعدم الفاعلية التربوية ما لم توجد فلسفة واضحة ومحددة توجه العمل التربوي وترشده، ويوضح (الأسمر، 1997، ص485-493) أهم ما تحققه فلسفة التربية الإسلامية لسياسة تربوية حديثة بما يلي:

  • سلامة المنطلق: فاتباع مجموعة متناقضة من الأيدلوجيات أدى إلى ضبابية المنطلق، مما جعل السياسة التربوية في ضياع مستمر، أما اتباع فلسفة التربية في الإسلام فيعني ضبط حزمة المسارات في اتجاه واحد، لذلك فإن أي سياسة تربوية يجب أن تؤكد على أن المنطلق الأساس للعملية التربوية هو المنطلق الإسلامي.
  • احترام ذاتية الفرد: الفرد في الإسلام مخلوق مكرم وهو إنسان رسالة، والاستناد إلى فلسفة التربية في الإسلام يعني أن يكون الحرم التربوي منبرا لحرية الرأي وحرية الفكر وحرية الكلمة وحرية النقد وحرية التعبير داخل إطار موضوعي من الحوار والنقاش والدراسة والبحث ومقارعة الحجة بالحجة، ومن خلال أدب الحوار وأدب الخلاف وتحكيم الحق والعدل.
  • إقرار الحقوق التربوية: وهي تتضام في خمس مجموعات رئيسة، وأصبحت تعرف بالمبادئ التربوية الخمسة في العصر الحديث وهي مبدأ التعليم للجميع، ومبدأ استمرارية التعلم، ومبدأ إلزامية التعليم، ومبدأ تكافؤ الفرص، ومبدأ مجانية التعليم.
  • ترسيخ الواجبات التربوية: ويعني ترتيب المسئوليات وتحديد أدوار وزارة التربية والتعليم والإعلام والإرشاد والثقافة والأوقاف ورعاية الشباب ودور المؤسسات الحكومية والأهلية والقائمين على التربية والمنتفعين بالتربية، حيث أن السياسة التربوية لا تتعرض لها إلا بصفة عامة.

2- إعداد المعلم:

تتطلب طبيعة العصر وتحديات العولمة نوعيات جديدة من المعلمين عالية الكفاءة ورفيعة المستوى الأكاديمي والمهني والثقافي والأخلاقي، نوعيات فعالة في عملية التغيير الاجتماعي تحتاج لمعلمين قادرين على تعليم مهارات التفكير الإبداعي ومهارات البحث والاستكشاف الذاتي للطلاب، والملاحظ على المدرسين أنهم “موظفون يؤدون عملا روتينيا جامدا هدفه ملء أذهان التلاميذ وليس تكوين وإثراء خطوات حب الاستطلاع عندهم وتنمية حساسيتهم ووعيهم وقدرتهم على الاكتشاف ولن يستطيع المدرسون فعل ذلك إلا بقربهم من أفكار وتخمينات وطهارة وحصانة تلاميذهم” (فريري، 2004، ص62-64).

إن تعليمنا يعاني كما وكيفا من مشكلات عديدة، ومخرجاته من حيث الكيف متدنية، ومع ذلك فالخطاب التربوي الرسمي يعلن العكس، وعملية الإصلاح التعليمي تبدأ من المعلم المتدبر القادر على كشف التناقض بين الخطاب السياسي وبين الواقع حتى يبدأ التغيير، لذلك فإن العالم العربي كما يؤكد (نصار، 2005، ص135) يحتاج إلى إدخال عناصر التعليم التدبري في برامج إعداد المعلم، والمعلم المتدبر هو الذي يتدبر ما يقال له وما يقال عنه وما يقوم به من أعمال وما ينتج عنها من نتائج، أي أن يكون معلمًا متدبرًا في عالم شديد التغير، ويبين (نصار، 2005، ص126،127) أيضًا أن التعليم التدبري يتضمن استراتيجيات وأساليب، وهو موقف بحثي شامل، وهو يقوم على عملية تدبر شاملة لتكوين رؤية إشكالية لعمليتي التعليم والتعلم وهو عملية هادفة لإنتاج المعرفة حول تحسين وتطوير العملية التعليمية، ويسعى برنامج إعداد المعلم المتدبر إلى إكساب الطلاب المعلمين بالمعرفة والأساليب النظرية التي تمكنهم من إدراك ما وراء الطبيعة المادية.

كذلك تربية المعلم على ديمقراطية التعليم داخل الفصل الدراسي هي سفينة الأمان نحو الوصول بالمتعلم إلى أهداف الدرس بفاعلية وكفاءة، إنها تتطلب من المعلمين معرفة أسماء المتعلمين واحترامهم وتقدير أسئلتهم وإعطائهم مساحات أوسع من الحرية في المشاركة داخل الدرس وإبداء الرأي والتفسير والتعليل والنقد والتطبيق والربط والموازنة والتذوق وإصدار الأحكام واحترام الرأي الآخر بل والمشاركة في إدارة الفصل عن طريق مجلس الفصل وعقد المسابقات وإقامة الحفلات والرحلات والزيارات والأنشطة اللاصفية وأصدقاء المكتبة وجماعة الصحافة والتمثيل والخطابة والمناظرات، وكلها أنشطة مدرسية توفرها القيادات التعليمية للممارسات الطلابية لتفعيل العملية التعليمية.

ورعاية الطلاب حسب قدراتهم ومهاراتهم واحتياجاتهم وميولهم وتنمية الخبرات أكثر من تنمية المعلومات، فدرهم خبرة خير من قنطار معلومات وربط المتعلمين بالبيئة وربط المدرسة بالحياة حتى يصبح التعليم من أجل الحياة لا من أجل الامتحانات (شحاتة، 2004، ص62).

3- إيجاد نظام تعليمي مرن:

يوضح (عمار) أن جمود النظام التعليمي يرجعه البعض إلى مفهوم السلم التعليمي الذي يحدد سنوات التمدرس وآليات محددة للانتقال عبر هذا السلم، وبالتالي فإن مفهوما جديدا يتيح تنوع المسارات ويفتح القنوات من التعلم النظامي وغير النظامي، وييسر الحركة داخل بنية التعليم النظامي في نفس الوقت، وهو مفهوم الشجرة التعليمية الذي اعتمده نداء عمان في أوائل التسعينات حيث يمتد الجذع إلى 11 عاما تبدأ من السنة الرابعة من حياة الطفل وتهتم جذع الشجرة بحاجات الطفل وتمكنه من مهارات القراءة والكتابة من أجل أن يتعلم، والاعتناء بنموه المتكامل، وتكسبه مقومات ثقافة المواطنة أساسيات للمنظومة المعرفة في الرياضيات والعلوم الاجتماعية وقواعد الدين والأخلاق، أما الفروع فهي متشعبة تستوعب التشعيب الحالي وتضيف إليه وفقا للتغيرات المعرفية والمجتمعية، وتمكن المتعلم من التنقل بمرونة تتيح له الالتحاق بالتعليم العالي والانخراط في سوق العمل وفقا للمجال الذي اختاره في التعليم الثانوي، والتعليم العالي أيضا يتميز بالمرونة في الاختيار، ويزاوج بين التعليم والعمل (عبدالحميد، 2004، ص47-48).

4- الأخذ بالمفاهيم الحديثة للتقويم:

يشير التربويون إلى أنه من المناسب الأخذ بالمفهوم التربوي الحديث للتقويم الذي مؤداه إلغاء امتحانات نهاية العام الدراسي لجميع صفوف النقل، مع الإبقاء على امتحانات شهادات الصفين الثالث والسادس الابتدائيين والشهادة الإعدادية والثانوية العامة، حيث أن فكرة التخفيف من الامتحانات ستوفر 20% من الوقت المخصص للتعليم كما أنها تخفف من التوتر والقلق وتقضي على فكرة التعليم للامتحانات وليس للحياة.

ويمكن الاهتمام بالامتحانات الشهرية بما يحقق استمرارية التقدم وذلك في ظل متابعة مستمرة من القيادات التعليمية وأولياء الأمور حتى لا تقود إلى النتائج السلبية للنقل الآلي (شحاتة، 2004، ص62-62).

إن تطوير التقويم ضرورة بقاء، فالتقويم هو أحد عناصر المنظومة التعليمية والموجه الرئيس لنموها وتطويرها، والتشخيص لمواطن القوة ونواحي القصور بها، لما يوفره من المعلومات والبيانات التي تعتمد عليها عمليات التغذية الراجعة اصلاحا وتطويرا لمواطن القوة وعلاجا لنواحي القصور وشمولا لكل عناصرها من حيث الأهداف العامة ومدى ارتباطها بأهداف المجتمع واحتياجاته والمناهج المدرسية وأدوات التدريس المختلفة والأنشطة التربوية والمعلم وكفايته إلى غير ذلك من مكونات المنظومة التربوية، لذا فإننا بحاجة إلى تقويم يهدف إلى التحقق من مدى اكتساب المعارف والمعلومات، وكيفية الحصول عليها من مصادرها المختلفة؛ تقويم يقيس قدرات الطالب ومهاراته المتعددة وأدائه في المواقف الحياتية وسلوكياته في التعامل مع الآخرين وكذلك قدرته على تحقيق ذاته ومدى إسهاماته في تنمية مجتمعه المحلي، لذلك ينبغي التركيز على التقويم بدلا من الامتحان لأنه يتسم بالشمول لتقييم جميع نواتج التعليم، كما أنه يتسم بالاستمرارية لقياس ما حققه الطالب يبدأ من بداية التعليم وينتهي معه ويتسم كذلك، بتنوع الأدوات والأساليب المستخدمة منه وتعدد القائمين عليه سواء من المعلمين أو الزملاء أو الأخصائي الاجتماعي أو مدير المدرسة أما الامتحان فهو يركز على جانب واحد من الشخصية ولا يقيس الذكاءات المتعددة والقدرات والمهارات المتنوعة فهي تقاس بأساليب أخرى متعددة، وهناك تجربة للتقويم الذاتي في فرنسا تركز على ملاحظة الطالب ومتابعته طوال فترة تعليمه بحيث يكون له ملف أو بطاقة منذ بداية مرحلة التعليم حتى النهاية، يرصد هذا الملف بيانات الطالب وقدرته على التحصيل والتحليل والفهم وما يملكه من قدرات ومواهب وما يستطيع أن يحققه من انجازات ومهام صعبة ومدى ارتباطه بالمجتمع وميوله، مما يساعد المعلم في توجيه الطالب (الزواوي، 2003، ص62-64).

لذلك لا بد أن تتاح الفرصة أمام الطلاب للامتحان غير مرة وتنفذ جميع الدول هذا النظام مثل نظام التعليم الأمريكي (الدبلوم الأمريكي) الذي يتيح للطالب دخول الامتحان 8 مرات.

 

5- المشاركة المجتمعية الفاعلة:

تمثل المشاركة الفاعلة بين وسائط التربية عامل أمان للعملية التربوية، من خلال تدعيم وتعزيز مربع الأمن التربوي المتمثل في البيت والمدرسة والإعلام والمسجد، فهي ثغور رباط وحصون ممانعة وقلاع تربية مقاومة، فالشراكة بين البيت والمدرسة والإعلام والمسجد توفر ثقافة انضباط عالية لخلق بيئة تعليمية ثرية.

ومن صور الشراكة مساهمة مجالس الآباء والمعلمين في العمل على انتظام الدراسة ومعالجة المشكلات التي تواجه المدرسة وتحد من كفاءتها الداخلية، ودعم مرافقها اعتمادا على الجهود الذاتية لتحقيق النظام التربوي (شحاتة، 2004، ص64).

ويمكن توسيع قاعدة المشاركة المجتمعية في العملية التعليمية لممارسة التشاركية في التعليم كأسلوب للحياة في المجتمع وتشمل توجهين هما التوجه نحو اللامركزية ثم دور المجتمع المحلي والقطاع الخاص في التعليم.

6- تحقيق الجودة في التعليم:

إن أهم ما يسعى إليه التعليم هو توفير نظام تعليمي يحقق الجودة ويرتبط بثورة المناهج الدراسية، ونظام التقويم، وتطوير ودعم المعلمين الواقفين أمام خطوط الإنتاج البشري، وطبيعة نظام الإدارة والهيكل، ثم ثورة الأبنية المدرسية وتوفير الإمكانات اللازمة.

ويتم تحقيق مبدأ الجودة الشاملة في التعليم عن طريق هيئة اعتماد وضمان جودة تعليم وطنية، ووضع معايير قومية لقياس منتج التعليم وتطوير أسلوب وضع المناهج التعليمية وتفعيل وتعزيز مؤسسات التقويم الوطنية، مع استكمال البنية الأساسية للمعرفة وتوفير الموارد المالية اللازمة (شحاتة، 2004، ص130-131)، والإفادة من الثورات العلمية والتكنولوجية استيعابا وتوظيفا في التعليم والتعلم وأن تكون المنطلقات الأساسية لتجديد المناهج تنمية الطاقات الكامنة والمهدرة والمهمشة.

7- الاستفادة من التقنيات الحديثة في التعليم:

من التحديات التي تواجه المدرسة توفير مجتمع التعلم القائم على اكتساب المعارف وتحديثها، واستخدامها وأن تتيح لكل فرد استخدام المعلومات، واستقائها واختيارها وتنظيمها وإدارتها والانتفاع بها، وذلك بالاستفادة من التقنيات الحديثة كالحاسوب وشبكة الانترنت وغيرها.

وتشير بعض الدراسات إلى أن ترتيب إسرائيل هو الخامس على دول العالم في استخدام الكمبيوتر في مدارسها الابتدائية، حيث أن معدل استخدام الكمبيوتر في المدارس يصل إلى 62%، وأن عدد الطلاب لكل جهاز كمبيوتر 17 طالبا، وفي الثانوي كان ترتيبها التاسع في استخدام الكمبيوتر في المدارس الثانوية وعدد الطلاب يبلغ 26 لكل جهاز كمبيوتر (عبدالحميد، 2004، ص17).

إن الأخذ بالتقنيات الحديثة في التعليم يفتح أمام الفرد آفاقًا واسعة للحصول على المعرفة، فلم “تعد المدارس محتكرة للمعرفة، فهناك وسائط أخرى متعددة مثل الإنترنت يمكن أن تزودنا بالمعرفة، مع تنامي الدعوات التي توجهها أيديولوجيات ما بعد الحداثة أو ما بعد الصناعة التي تدعو إلى هدم وتفكيك مؤسسات الحداثة التي كانت سائدة في عصر الصناعة مثل المدرسة التي يدعي البعض أنها فقدت وظيفتها الأساسية في عصر المعلوماتية باعتبارها المحتكرة للمعرفة والقادرة على نقلها للطلاب وخاصة بعد انتشار الشبكات والوسائط التكنولوجية الفائقة التي تستطيع القيام بعمليات النقل للمعارف بطرائق تتميز بالدقة والسرعة غير المتوفرة في المؤسسات التعليمية النظامية التي تحتكرها الدولة ومن هنا جاءت الدعوات لإنقاذ تلك المؤسسات من خلال تكاملها مع مؤسسات التعليم غير النظامي والعرضي” (عبدالحميد، 2004، ص20).

8- مكافحة التسرب الدراسي:

يشكل التسرب الدراسي تبديدًا لجهود العملية التربوية، لذلك يجب العمل على إعادة المتسربين من خلال برامج علاجية متنوعة، بالإضافة إلى علاج أسباب التسرب وتوفير البيئة التعليمية المناسبة بأن يجمع التعليم بين الدراسة النظرية والعملية، وإعادة النظر في المواد التعليمية والمحتوى، والتركيز على التعلم المرتكز حول المتعلم، واعتماد التعليم الموازي وهو التعليم الذي يقدم الفرصة الثانية من خلال مؤسسات التعليم المفتوح مثل التعليم المسائي أو الليلي (برامج صباحية أو مسائية).

 

9- تحقيق مفهوم التربية المستدامة:

لقد “تغير مفهوم التعليم تغيرا جذريا وشاملا في هذه الحقبة الزمنية التي تظللها العولمة وتسيطر عليها آثار الثورة التكنولوجية والنفوذ الإلكتروني، وأصبح التعليم لا يرتبط بالمدرسة ولكنه تعليم مستمر” (الزواوي، 2003، ص43)، فالتعليم النظامي الذي تقدمه المدرسة منظومة فرعية لنظام أشمل هو التعليم المستمر.

والوظيفة الأساسية للمدرسة تنصب حول تعليم الطلاب وتطوير وتحسين واكتشاف قدراتهم، ويظل محور التعليم النظامي إنتاج مخرجات متمكنة من مهارات التعلم الذاتي، إلى جانب اكتساب المعرفة والتكيف مع المجتمع وتنمية الذات والقدرات الشخصية من أجل إعداد إنسان العصر.

“فالمؤسسات التعليمية لا تشكل سوى 40% من الإطار المعرفي للإنسان والباقي يتكون من جهد ذاتي للفرد تضيفه خبراته وتعلمه” (الزواوي، 2003، ص64)، لذلك يقع على المدرسة عبء تعليم الفرد كيف يتعلم مدى الحياة، والذي يشكل أحد مفاتيح القرن الحادي والعشرين ويستجيب للتحدي الذي يطرحه عالم سريع متغير، وتمثل دعائم التربية الثلاث في أن يتعلم المرء كيف يتعلم وأن يتعلم المرء كيف يعمل وأن يتعلم المرء ليكون (اليونسكو، 1996، ص12-23).

ولقد أكد إعلان دمشق حول مدرسة المستقبل في الوطن العربي في يوليو 2000 على “ضرورة بناء النظام التربوي المرن في أبنيته ومراحله وأنواعه وسنوات الدراسة فيه وأعمار المنتسبين إليه ومناهجه وتقنياته وسائر مقوماته وهو ما يتطلب تجديد التربية تجديدا دائما عن طريق التربية المستمرة وتأكيد أهمية العناية بالتعلم الذاتي وإجادة أساليبه وتقنياته، والعناية بتربية الإبداع في مؤسساتنا والتركيز على كيفية التفكير ومن الملامح الأساسية لتلك المدرسة إقامة الجسور بين حلقات التعليم المختلفة وتطوير برامج التعليم غير النظامي مما يحقق مفهوم التربية المستدامة” (عبدالحميد، 2004، ص49).

 

 

10- إيجاد المدرسة الفاعلة:

تمثل المدرسة الفاعلة مطلبا تربويا وشرعيا في إطار مواجهة العجز التربوي، وذلك لوضوح رؤيتها ورسالتها التي تدور حول إعداد الإنسان الصالح العابد المصلح، وهي تقوم بتربية عالمية تعد فيها الإنسان للدنيا والآخرة، وتربي فيها الأسرة والفرد والمجتمع في آن واحد، ويلخص (منصور، 2007، ص4-9) مقومات المدرسة الفاعلة بأنها: ذات فلسفة ورؤية واضحة، أهداف ورسالة متميزة، منهج فعال، أساليب فاعلة، استمرارية طلب العلم، تقويم شامل مستمر، إدارة فعالة، مدرسون فعالون، مواكبة للتطور، ذات مناخ مدرسي صحي، ثقافة انضباط عالية، تقوم على التوجيه والإرشاد والترغيب قبل الترهيب.

11- الاهتمام بالموهوبين:

الإبداع أحد مقومات التقدم الحضاري وجسر تقدم الإنسان وعدته لمواجهة مشكلات الحياة وتحديات المستقبل ويرجع الفضل في إبراز الإنتاج الإبداعي إلى التربية، والملاحظ أن السعي كما تشير (المفتي) وراء توفير التعليم للجميع ينتج عنه إغفال احتياجات الموهوبين وتطبيق معاملة واحدة على تلاميذ ذوي قدرات متباينة، وحسب (جيفرسن) فأن أشد أنواع اللامساواة تتمثل في تطبيق معاملة متساوية على أشخاص غير متساويين وهذا يؤدي إلى حرمان المجتمع من هذه المواهب وتنميتها تنمية حقيقة (اليونسكو، 1996، ص170).

لذلك لا بد من توفير بيئات تعليمية ثرية مشوقة يترعرع فيها التعلم بالاكتشاف والتعلم بالعمل، وتنمي القدرة على الإبداع والابتكار والتقويم وتراعي الفروق الفردية، وإعادة تنظيم وبناء التربية ومناهجها من أجل إعداد الإنسان العالمي الذي يواجه التحديات في عالم سريع التغير.

فالإنسان المبدع هو الثروة الحقيقية المؤكدة في هذا الوطن، والنظام السياسي والدولة هي المسئولة عن إطلاق العقول المهمومة بمسيرة التقدم، فعلى سبيل المثال صادرات التكنولوجيا الراقية في مصر هي صفر على حين أنها في إسرائيل 19% من الصادرات (شحاتة، 2004، ص175)، ويجدر الإشارة إلى ما ورد في (تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003) أن الاختراعات المسجلة لدى الولايات المتحدة الأمريكية بين عامي 1980 إلى 2000 كالتالي: الدول العربية (370)، إسرائيل (7652)، كوريا (16382) (عمار، 2004، ص12).

ومما يوفر البيئة التعليمية المناسبة للإبداع تجنيب التلاميذ الثلاث المهلكات وهي:

  • التهديد: فالبيئة التعليمية المتصفة بالتهديد تضعف قدرة الدماغ على عمل الارتباطات والإدراك الواسع ويكتفي الطلاب بالحفظ والتذكر.
  • الإجهاد: إنّ تعرض الطلاب لإجهاد متكرر يضعف قدرتهم على تمييز المهم من الأهم.
  • تعلم العجز والناتج عن تعرض الطفل لصدمة تشعره بعجزه أو فقدان السيطرة أو بعض التفاعلات الذاتية (الحسني وآخرون، 2004، ص436).

لذلك يجب أن يشكل المنهاج أحد ركائز البيئة المبدعة وذلك بأن يتسم بجملة أمور:

  • الاستجابة للمتغيرات المعاصرة والتحديات المستقبلية والسرعة الدائمة في تغيير المعلومات والمعارف.
  • الاعتماد على المهارات المتجددة في التفكير والبحث والإطلاع ومهارات الحياة لتخريج إنسان قادر على التعامل مع متطلبات العصر.
  • ربط المناهج بالبيئات المحلية.
  • التخفيف من كم المقررات الدراسية دون الإخلال بالمستوى العالمي.
  • إضافة جوانب إثرائية إلى كل مقرر ومراعاة الموهوبين من الطلاب، واتباع طرق التقويم الشامل والمستمر من أجل إنسان جديد للألفية الثالثة (شحاتة، 2004، ص176).

فالإبداع ومفهومه التربوي صنعي لا طبيعي بمعنى أن المؤسسة التعليمية هي المنوطة بصياغة العقول المبدعة في شتى المجالات ويلخص (شحاتة، 2004، ص108) مميزات البيئة المبدعة والسياق التعليمي المبدع كما يلي:

  • الحرية والأمان الدراسي ويتحقق من خلال الحرية الممنوحة للطالب وإثارة الرغبة في التعبير والمشاركة من خلال مواقف تمس أهدافهم وحاجاتهم وميولهم.
  • التسامح والديمقراطية في قاعات الدرس فتتفجر طاقات الطالب من خلال الإثابة والتشجيع.
  • المرونة التي تسود سياق التعليم والتعلم والاعتماد على الحوار والتنافس.
  • العناية بأفكار وتخيلات الطلاب خاصة تلك التي تخالف آراء المعلمين وأفكارهم.
  • غرس الثقة في إحساس الطالب وتقدير آرائه وما أبدعه ومناقشته فيه.
  • توفير بيئة تدريس مفتوحة وفصول بلا جدران.
  • التدريس العملي المستمر المقترن بالحوافز.
  • خلق جو صحي من العلاقات الإنسانية المناسبة في قاعات الدرس وفي البيئة التعليمية والمؤسسة ككل.
  • توفير وسائط ومصادر تعلم متعددة مثل المكتبة والشبكة العنكبوتية.
  • تقديم مقررات دراسية على شكل مشكلات تعليمية تفتح أمامهم أبواب التأمل والنظر والتحليل والتركيب والاكتشاف الموجه والأنشطة الابتكارية والعصف الذهني والتخيل والتحويل والنهايات المفتوحة.

 

نتائج وتوصيات

النتائج:

خلصت الدراسة إلى العديد من النتائج التي يمكن إجمالها في النقاط التالية:

  • 1- أن دور المدرسة التربوي لا يقتصر على التعليم، فهو تربية وتعليم وإعداد للفرد العابد المستخلف للحياة الدنيا والآخرة، من خلال تربية شاملة لا تعرف فصلا بين العقل والروح والجسد، تغرس في طلابها مبدأ التعبد بالعلم فهو أسمى صور العبادة.
  • 2- أن العولمة التربوية تعني الهيمنة والسيطرة على المناهج وتذويبا للخصوصية والهوية، تستغل المعلوماتية الكونية لتعميم وتسييد القيم الغربية.
  • 3- لقد مدت العولمة فرصا كبيرة لتفعيل التحديات القديمة الجديدة، وهي التبشير والاستشراق والاستغراب.
  • 4- كشفت الدراسة عن تحديات خارجية تواجه المدرسة، تتمثل في التدخلات في نظم التعليم والمناهج لتغييرها عبر خطط صريحة وقرارات كخطة واشنطن لتغيير المناهج التعليمية، تحت ستار إصلاح التعليم بالمفهوم الأمريكي، وذلك بإنشاء المدارس الأمريكية في مختلف البلاد العربية، إلى جانب استهداف الهوية الثقافية والمرجعية، الذي يتم عبر وسائل قديمة ومتجددة للتبشير والاستشراق والاستغراب، كذلك الاستلاب الثقافي والانبهار بقيم الغرب، كفصل الدين عن الدولة والمجتمع المدني وحقوق المرأة والحريات الدينية والشخصية، وأيضًا استدماج القيم العالمية في مناهج التعليم عبر ما يسمى بالتربية الشمولية، إضافة إلى الابتزاز التربوي بالمنح والمعونات الخارجية، للجمعيات الأهلية، والدور الإعلامي المناهض لدور المدرسة إلى جانب اكتساح الخصوصية وتهديدها، والثقافة المادية للعولمة.
  • 5- كشفت الدراسة عن تحديات وأزمات داخلية للمدرسة، كرستها العولمة التربوية وزادتها حدة وأبرزت الكثير منها وجعلتها على قائمة الأولويات، ومن هذه التحديات غياب المعلم القدوة الذي أصبح مطلبا تربويا وشرعيا من الدرجة الأولى، لذا تبرز الحاجة إلى إعداد هذا المعلم من جميع جوانبه حتى يكون معلما فعالا وفق المنظور التربوي الإسلامي، والتأكيد على دوره في غرس القيم وتنمية المواهب والإبداع، ومن التحديات كذلك جمود النظام التعليمي، إضافة إلى تدني نوعية التعليم المقدم للطلاب، ومشاكل الترفيع الآلي، والانقطاع عن الدراسة، ونقص الميزانيات.
  • 6- كشفت هذه الدراسة عن سبل مواجهة العولمة التربوية، مثل التحصين الثقافي بتعزيز البناء العقدي، والاهتمام باللغة العربية كوعاء للثقافة والهوية، وإصلاح مناهج التعليم وفق رؤية إسلامية، وتنمية ثقة الأمة بنفسها وعقيدتها، والاستخدام الآمن لشبكة الانترنت، وتفعيل المسرح المدرسي لمواجهة تشويه التاريخ وبعث روح النهوض بالأمة، بالإضافة إلى تطوير الإعلام ليأخذ دوره الصحيح، إلى جانب الاستفادة من التقنيات الحديثة للتعليم، وإشراك المجتمع في العملية التربوية، ومكافحة التسرب الدراسي، والأخذ بمفهوم التربية المستدامة، وتحقيق الجودة في التعليم، وإعداد المعلم القدوة (الفعال)، والأخذ بالمفاهيم الحديثة للتقويم.

 

التوصيات:

في ضوء النتائج السابقة توصي الدراسة بما يلي:

  • 1- إعادة الدور التربوي للمدرسة وفق المفهوم الإسلامي (فالتربية أولا)، وذلك بمراجعة المدرسة لفلسفتها وأهدافها لمواجهة تحديات العولمة.
  • 2- إعداد المعلم الذي يجسد القدوة المرئية والمثل الأعلى الذي يسعى على الأرض، والذي يترجم فلسفة المدرسة وأهدافها ومناهجها، روحا وضميرا وخلقا، فلا يكفي وجود منهاج مثالي.
  • 3- تأكيد الهوية العربية الإسلامية المحافظة على أصالتها وانتمائها ونشر الثقافة الإسلامية الصحيحة.
  • 4- أن تكون أولويات كل مدرسة إعداد برامج تربوية وتعليمية لتنمية جميع جوانب الطالب وتحقيق الامتياز.
  • 5- إعادة النظر في عملية إعداد برامج المعلمين بحيث تؤكد على الجمع بين الأصالة والمعاصرة والانفتاح الواعي والناقد.
  • 6- توفير بيئة تربوية مشوقة وثرية وسليمة وآمنة، فالأمن التربوي هو ضمان حقيقي في مواجهة العولمة.
  • 7- تنمية الإبداع لدى التلاميذ مع ربطه بالإيمان، إذ أن الهدف من الإبداع تعميق الإيمان.
  • 8- إيجاد توافق واتساق وتكامل بين المؤسسات التربوية والثقافية وفق رسالة قيمية وتربوية واحدة حتى لا يكون هناك تناقض بين الأدوار.
  • 9- إشراك المجتمع المحلي وأولياء الأمور في تسيير العملية التعليمية، وأن يتحمل المجتمع مسئولياته في مواجهة أخطار العولمة.
  • 10- عدم الاستجابة للضغوط الخارجية بالتدخل، وإيجاد مصادر بديلة للمساعدات والمنح المشروطة والمشبوهة.
  • 11- تفعيل المسرح المدرسي والتزامه باللغة الفصحى، مع توظيف التاريخ لبعث روح النهوض بالأمة.
  • 12- الحرص على اللسان الفصيح صوتيا وتصريفيا ونحويا وبلاغيا، وليكن مسئولية كل مربٍ وليس مقصورا على معلم اللغة العربية وحدها.
  • 13- تفعيل دور المكتبات المدرسية وتحديثها لتقديم المعلومات الصحيحة والحديثة.
  • 14- إحياء دور الأسرة المؤمنة والمثقفة والمسجد لتعزيز البناء الإيماني والأخلاقي والروحي لمساندة دور المدرسة.
  • 15- توجيه الطلاب إلى المواقع الآمنة على شبكة الانترنت للحصول على المعلومات الموثوقة.

 

مراجع الدراسة

القرآن الكريم.

  • 1- إبراهيم، يوسف كامل (2004): العولمة والعالمية مفاهيم وأبعاد الهيمنة والسيطرة الجغرافية، بحث مقدم إلى مؤتمر التربية في فلسطين ومتغيرات العصر المنعقد بالجامعة الإسلامية في الفترة 23-24/11/ 2004.
  • 2- أبو دف، محمد خليل (2002): مقدمة في التربية الإسلامية، مكتبة آفاق، غزة.
  • 3- الأسمر، أحمد رجب (1997): فلسفة التربية في الإسلام انتماء وارتقاء، دار الفرقان، عمان.
  • 4- أمين، جلال (1998): العولمة، دار المعارف، القاهرة.
  • 5- البلوي، نائلة (2000): دور المعلم في عصر الإنترنت. (15/2/2007)

http://www.najah.edu/arabic/articles/29.htm

  • 6- الجميل، سيار (2000): العولمة والمستقبل إستراتيجية تفكير، الأهلية للنشر والتوزيع، عمان.
  • 7- حساني، أحمد (2004) معالم المشروع التربوي العربي في مسار العولمة، بحث في فعالية التأصيل وآليات التفعيل، بحث مقدم إلى مؤتمر العولمة وأولويات التربية المنعقد بجامعة الملك سعود في الفترة 20-22/4/2004.
  • 8- حسنة، عمر عبيد (1992): مراجعات في الفكر والدعوة والحركة، الدار العالمية للكتاب الإسلامي، الرياض.
  • 9- الحسني، أحمد معاذ الخطيب وآخرون (2004): ما لا نعلمه لأولادنا، دار السلام للطباعة والنشر، القاهرة.
  • 10- حنفي، حسن والعظم، جلال صادق (2002): ما العولمة؟ حوارات لقرن جديد، ط2، دار الفكر المعاصر، دمشق.
  • 11- خالدي،مصطفى وفروخ،عمر(1970): التبشير والاستعمار في البلاد العربية، ط4.
  • 12- خلاف، عبدالوهاب (1980): علم أصول الفقه، ط8، د.ت
  • 13- الخميسي، السيد سلامة (2001): التجديد في فلسفة التربية العربية لمواجهة تحديات العولمة
    رؤية نقدية من منظور مستقبلي، بحث مقدم إلى مؤتمر العولمة وأولويات التربية المنعقد بجامعة الملك سعود في الفترة 20-22/4/2004.
  • 14- الرقب، صالح (2004): بين عالمية الإسلام والعولمة، بحث مقدم إلى مؤتمر التربية في فلسطين ومتغيرات العصر المنعقد بالجامعة الإسلامية في الفترة 23-24/11/ 2004.
  • 15- الرقب، صالح (2004): واقعنا المعاصر والغزو الفكري، ط6، الجامعة الإسلامية، مكتبة الطالب الجامعي، غزة.
  • 16- الزواوي، خالد محمد (2003): الجودة الشاملة في التعليم، مجموعة النيل العربية، القاهرة.
  • 17- زيد، سعيد عبدالحكيم (1996): قضايا تعليمية في العالم الإسلامي، مكتبة وهبة، القاهرة
  • 18- سعادة، جودت أحمد والسرطاوي، عادل فايز (2003): استخدام الحاسوب والانترنت في ميادين التربية والتعليم، دار الشروق، غزة.
  • 19- شحاتة، حسن (2004): مداخل إلى تعليم المستقبل في الوطن العربي، الدار المصرية للكتاب، القاهرة.
  • 20-الشرقاوي، مريم ابراهيم (2001): أساليب تعزيز الهوية في مواجهة الهيمنة الثقافية، رؤية معاصر لإدارة التعليم في عصر العولمة، بحث مقدم إلى مؤتمر التعليم وإدارته في مواجهة الهيمنة الثقافية المنعقد في الفترة 27-29/1/2001.
  • 21- الصوفي، حمدان عبدالله (2004): تصور تربوي مقترح لمواجهة أخطار استخدام شبكة الانترنت لدى فئة الشباب، بحث مقدم إلى مؤتمر التربية في فلسطين ومتغيرات العصر المنعقد بالجامعة الإسلامية في الفترة 23-24/11/ 2004.
  • 22- الصوفي، محمد عبدا لله وقاسم، عبدالغني (1996): أهم التحديات المستقبلية ودور التربية في حلها، مؤسسة الرسالة، بيروت.
  • 23- الطويل، السيد رزق (1986): اللسان العربي والإسلام معا في معركة المواجهة، إدارة الصحافة والنشر برابطة العالم الإسلامي، مكة المكرمة.
  • 24- العاجز، فؤاد علي (2000): تطور التعليم العام في قطاع غزة، مطبقة المقداد، غزة.
  • 25- العاجز، فؤاد علي وعساف، محمود عبدالمجيد (2005): متطلبات تربية الطفل الفلسطيني في ظل تداعيات العولمة والعمل على مواجهة مخاطرها، بحث مقدم إلى مؤتمر الطفل الفلسطيني بين تحديات الواقع وطموحات المستقبل المنعقد بالجامعة الإسلامية في الفترة 20-22/11/ 2005.
  • 26- عبدالحميد، طلعت (2004): العولمة ومستقبل تعليم الكبار في الوطن العربي، فرحة للنشر والتوزيع، القاهرة.
  • 27- العلواني، طه جابر (2004): أبعاد غائبة عن فكر وممارسات الحركات الإسلامية المعاصرة، دار السلام، القاهرة.
  • 28- علي، نبيل (2001): الثقافة العربية وعصر المعلومات رؤية لمستقبل الخطاب الثقافي العربي، مطابع السياسة، الكويت.
  • 29- عمار، حامد (1996): دراسات في التربية والثقافة في التوظيف الاجتماعي للتعليم، مكتبة الدار العربية للكتاب، القاهرة.
  • 30- عمار، حامد (2004): الحادي عشر من سبتمبر 2001 وتداعياته التربوية والثقافية في الوطن العربي، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة.
  • 31- عودة، خليل (1991): السلوك اليومي لطلبة المدارس في قطاع غزة، وقائع المؤتمر الأول للتعليم الفلسطيني التعليم الفلسطيني إلى أين؟ المنعقد بجامعة بيت لحم في الفترة 2-3/10/1991.
  • 32- فريري، باولو (2004): المعلمون بناة ثقافة: رسائل إلى الذين يتجاسرون على اتخاذ التدريس مهنة، ترجمة حامد عمار وآخرون، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة.
  • 33- القرضاوي، يوسف (1992): أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة، مكتبة وهبة، القاهرة.
  • 34- كنعان، أحمد علي (2001): دور التربية في مواجهة العولمة وتحديات القرن الحادي والعشرين وتعزيز الهوية الحضارية والانتماء للأمة، بحث مقدم إلى مؤتمر العولمة وأولويات التربية المنعقد بجامعة الملك سعود في الفترة 20-22/4/2004.
  • 35- الكيلاني، ماجد عرسان (2000): مقومات الشخصيات المسلمة أو الإنسان الصالح، مؤسسة الريان، بيروت.
  • 36- مبروك، محمد إبراهيم وآخرون (1999): الإسلام والعولمة، الدار القومية العربية، القاهرة.
  • 37- مجاهد، محمد إبراهيم عطوة (2001): بعض مخاطر العولمة التي تهدد الهوية الثقافية للمجتمع ودور التربية في مواجهتها، مجلة مستقبل التربية العربية،مجلد 7 عدد 22، ص ص 157-206.
  • 38- مجاور، محمد صلاح الدين (1990): تدريس التربية الإسلامية أسسه وتطبيقاته التربوية، ط4، دار القلم، الكويت.
  • 39- مدكور، علي أحمد (2000): الشجرة التعليمية رؤية متكاملة للمنظومة التربوية، دار الفكر العربي، القاهرة.
  • 40- مركز القطان للبحث والتطوير التربوي (2006): مجلة رؤى تربوية، العدد20، كانون الثاني 2006.
  • 41- مركز دراسات الوحدة العربية (2003): العولمة وتداعياتها على الوطن العربي، سلسلة كتب المستقبل 24، بيروت.
  • 42- منصور، مصطفى يوسف (2007): مقومات المدرسة الفاعلة من منظور تربوي إسلامي، ورقة عمل مقدمة لليوم الدراسي المدرسة الفاعلة أسس وتطبيقات المنعقد في الجامعة الإسلامية في 28/1/2007.
  • 43- النجار، زغلول راغب (1990): أزمة التعليم المعاصر وحلولها الإسلامية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
  • 44- نصار، سامي محمد (2005): قضايا تربوية في عصر العولمة وما بعد الحداثة، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة.
  • 45- النقيب، عبدالرحمن (1997): أولوية الإصلاح التربوي، دار النشر للجامعات، القاهرة.
  • 46- النقيب، عبدالرحمن عبدالرحمن (1997): التربية الإسلامية في مواجهة النظام العالمي الجديد، دار الفكر العربي، القاهرة.
  • 47- اليونسكو (1996): التعلم ذلك الكنز المكنون، مركز الكتب الأردني، عمان.

 

 

وفي البحث القادم سنتكلم عن

مخاطر العولمة PDF
بحث كامل عن العولمة مع المراجع PDF
تأثير العولمة على المجتمع
مخاطر العولمة على الهوية
مخاطر العولمة على دول العالم الثالث
تأثير العولمة على الدول النامية pdf
مخاطر العولمة على الهوية الثقافية
إيجابيات العولمة في التعليم

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
لماذا سمي يوم التروية بهذا الاسم
التالي
بحث جاهز عن التعليم عن بعد بحث جاهز عن التعليم الالكتروني مع المراجع

اترك تعليقاً