مقالات ونصوص متنوعة

دُمية مُجرّدة بقلم:دانية ماهر راعي”قصة قصيرة “

في يومٍ قائِظ.. الشّمس تتحدّى الحمم بمُفردها وهي في وسطِ الزرقاء الواسِعة!
تنتفضُ من نشوةِ السُّهاد ثّم تسيرُ نحو المرآة برعونةٍ، فلم تذق مُقلتاها النوم منذُ يومين.
تحملُ قارورةَ عطرها المُحبّبة لتطيّب عنقها به، ثمّ تجلِس وأنظارها تحلّق في أرجاءِ الغرفة.
أخرجتِ الرّسالة الّتي وصلتها قبلَ ثلاث ساعاتٍ، تمعّنتها قليلًا ثمّ همّت لكتابةِ ردٍّ عليها:
-رسالتكَ هذه تسلم من أي صراحةٍ قط!
كانت أشدّ غموضًا من مقلتيكَ وهواجسكَ، حيثُ لم تدع للقارئ سبيلًا للوصول إلى المراد إيصاله له.
كما لو أنّ حروفها نُسّقت بمِدادٍ أدهم، فلم تدع للكلماتِ صدىً يُفهم، كانت قراءتها مُتاحة للمنفيين فقط!
أولئك الّذين جرّدوا أجسادهم من الأرواحِ الجاثمة عليها ومن عبء أسمائهم الّتي وُصِمت على جباههم برسوخٍ.
الّذين استطاعوا أن يضعوا لأحساسيهم نقطةً تبتر تمرّدها وتفتّت وشائجَ القلب باللا مبالاة، والّذين كانوا قادرين على السّير بثباتٍ تام حيثُ لا يستطيع أي شيء أن يهزّ كيانهم السّاكِن.
نعم، لهذهِ الدّرجة كانت رسالتكَ قاسية، مؤلمة، عصيّة على الفهم، وأنا مَن كانت كالدّمية المُجرّدة من الروحِ الشّاعرة حتّى استطعتُ إتمام قراءتها حتّى آخرِ حرفٍ فيها!
مذُ آخر لقاءٍ لنا تخلّصتُ بالفور من تلك الفتاة الساذجة الّتي كانت تتأثّرُ من كلمةٍ صغيرة وطرحتُ مشاعِري أرضًا، حتّى استحالت ملامحي إلى الشحوبِ واللّؤم، ودسستُ رقّتي والعطف في التُّراب.
أتذْكُر تلكَ الصّور الّتي التقطناها معًا بذاكَ الشّغف المُفرِط؟
_طرحتْ سؤالها في وسطِ بياضٍ رهيف، كادا حنقها وغيظها أن يمزّقا الورقة من بينِ يديها.
لاحَ شبحُ ابتسامةٍ على وجهِها الرزين المعالم، ثمّ سطعَ وميضُ صلابةٍ من مقلتيها البنيّة، الرّحيبة فأكملَت ما تنوي كتابته؛
لقد ذاقت ما تستحقّه من الإباد، فقد استعرت بما فيها حتى أحلتها رمادًا لا قيمة له!
أتتساءل لِماذا أصبحتُ عفريتة ماكِرة في هذا الشّكل؟
ربّما أنا شرّيرة كما تزعم لكنني لازلتُ أحتفظُ بشيءٍ من ذاتي ولو كانَ قليلًا، ولو كانَ غيرَ ذي معنى، يكفي أنه يعنيني!
أعترفُ أنني تجرّعت ما يكفي من الدُّجنة والحزن بما يجعلني مُختلفة عن ذي قبل.
ثمّ تأتي بغبائكَ هذا لتسألني كيفَ حالي في مطلعِ رسالتك!
كُن على يقينٍ أن حالي الآن هو ما يفترضُ به أن يكون مذُ مُدّة لكنّني أظنُ أنّهُ الآن حانَ الوقت لهذا.

إقرأ أيضا:كيفية علاج مرض السكر

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
مُحَمّد، بقلم: رند قنب”قصة نثرية”
التالي
ذكرى اللقاء الأول بقلم:محمد مصطفى حلاق “قصيدة”

اترك تعليقاً