مقالات ونصوص متنوعة

الموضوع عن الرسالة الأخيرة

فيروز سليمان
نوع النص :رسالة
بعنوان :الرسالة الأخيرة ..
صديقي الأوحد :
في جوف هذه الأيام الكئيبة لم يعد للغة طعمٌ، وحتى هذه الرسالة تبصقُ في وجهي ترفضني وتضاجعُ أحزاني بكل عينٍ وقحة.
كانَ الموتُ قد قضمَ أصابعي،فتسرّبَ منهاضبابٌ أسودٌ يعبأُ في المكان فركلني ورحل وتركني في ساعات الاحتضار الطويلة ،أشمُ رائحةَ جثثٍ متعفنةٍ تفوح في مخيلتي.
مضى يومٌ أو ربما أسبوع أو ربما عامٌ على هذا الحال.
يؤسفني أنّ أكتب لك هذه الرسالة في هذا الوقت لكنّها رغبتي منذ زمن .
كان لديّ رغباتٌ كثيرة لا أدري كيف صُلبت دون نبوةٍ على حبال الانتظار .
لم أكن أدري أيضاً أنّ الإنسان يمكنهُ الوقوع في مكان بين الموت والحياة لآ إلى هؤلاء ولآ إلى هؤلاء ..
غرقتُ في التعب من شدّة التقيّؤ حتى أننّي تقيأتُ مُعدتي ورأيتها ملئ عيني، وجدتها ككيس قمامة رائحته نتنة.
العفنُ بدأ يغزو المكان كلّه حتى وصل إلى أطرافي وأحشاء أحلامي وصورتك المتقدة أيسرَ صدري.
جرذان الخيبة تأكلُ قوت أيامي وتخرّبُ ملامحهاوجثمان الوعود الأولى يطوف حولي ويتقهقه وكأنّ حفلات الرعب تنقصني في هذه الآوانة،حتى عويل الريح الغاضبة قام بدوره بشكلٍ مقرف في هذه الأثناء.
أنتحبُ على ذنوبٍ اقترفتها بيدي هاتين المثقوبتين بصمتٍ قاتل لكنّ الندم لن يعودَ علينا بأي فائدة ولاحاجة لي بندوبِ ندمٍ جديدة .
قد قطعتُ عهداً على نفسي منذ تلك الليلة ألاّ أتوسل للأشياء أن تبقى بحوذتي كما توسلتُ إليكَ برجاءٍ مُدّمى فدفعتني عنك كما دفعني الموت الآن .
تجولُ في خاطري فكرة أنْ أساعدَ الموت لأتخلص مني..
يُبكيني حالُ الخرابِ من حولي وأنّك لن تجد سوى أشباح الذكريات ورسائل ملطخة بدماء جثث الكلام الطيبّ والمواساة.
كتبتُ رسالتي هذه أوصيك بها:
ألاّ تكتب لي أيّ قصيدة رثاء ولا تمشي في جنازتي ولا تترك الأزهار على قبري ولا تقرأ لي الأدعية وأركل العادات الحمقاء كعادتك ولا تكترث ..

إقرأ أيضا:بقلم ذكريات الصقور

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
(على قيدِ اللّقَاء ) بقلم أمل خليل
التالي
خاطرة(حقبة حب) بقلم أحمد قبيس

اترك تعليقاً