مقالات ونصوص متنوعة

جنونُ فتاة، بقلم:حسام السوارية”قصة قصيرة”


يا إلهي أعتقد أنّني أصبحتُ مضرَبة أستيقظُ بمنتصفِ الليلِ، أعتقدُ أنّني أشربُ الكحولَ، لكنّني لستُ على ما يُرام ،وفي نفسِ الوقت أشعرُ براحةٍ عقليّةٍ أو أنّني أصبحتُ منفصِمة ،هل أنا فاقدةٌ وعيي!
أنّني أرى نفسي ترقصُ مع الشبّانِ حتى صباحِ اليومِ التّالي وأنا أركضُ وأصرخُ بشوارعِ تكساس اللّعينةِ، مُرتدية ملابسٍ غيرُ لائقةٍ، مُمسكةٌ بيدي زجاجةِ الخمرِ، وبيدي الأخرى سيجارتي التي لا تُفارقني ، تركتُ جامعتي وزُملائي وعائلتي و أصدقائي و قمتُ بعزلِ نفسي بغرفةٍ ببنايةٍ معزولةٍ عن البلدة، أقومُ بتشغيلِ العديدِ من الموسيقى عند الساعةِ الواحدةِ صباحًا، وأبقى أرقصُ وأصرخُ حتى الخامسةُ فجراً، كنتُ كاتبةٌ رائعةٌ وكان لي كُتُب كثيرةٌ ،لكن اعتزلتُ الكتابةَ أيضًا، لدرجة أنّني كنتُ أعذّبُ نفسي، أضع السكاكينَ وأسيرُ عليها، كنتُ أريدُ أن أقتلُ نفسي لأجعلُها، تُدرِك أنّني لستُ مهتمّة إن بقيتُ على قيدِ الحياةِ وإن فارقتُها ،فمصيرُنا جميعًا هو الموت، لم أقنعُ نفسي بأكاذيبِ الحياة، ولم أدَع أحدًا يقولُ لي سأبقى معكِ يا فتاة حتى النهاية، لم أدَع الأملَ يدخلُ إلى حياتي، تروقُ لي الكآبة والممنوعات ويروقُ لي الأرقِ.
في اللّيلةِ العاشرةِ من أيلول، أتت عائلتي لأخذي، لكنّني كنتُ مُقفلةَ الأبوابِ بأحكام، صرختُ وقلتُ لهم: ارحلوا فأنا لا أنتمي لأحدٍ، أنا أنتمي إلى العُزلةِ ،أنا متعبةً حقًّا منكم جميعًا، لقد أهلكتموني لقد قتلتُم روحي و جعلتموني أخسرُ مكانتي بالمجتمعِ، نعم أنتم هم السبب الرئيسي بفشلي لا أريدُ أن أتحدّث أكثر ارحلوا رجاءًا.
عندما رحلوا سقطتُ على فراشي وعينايَ مُمتلئتان بالدموعِ بكيْتُ كثيرًا ثم نهضتُ بنفسِ اللّحظة وأخذتُ أضحكُ لم أتوقّف عن الضّحكِ ابدا ثم ضربتُ نفسي وقلتُ ما بكِ أيّتها المجنونة!قالت: يجب أن أموتَ لكي نكون أنا وأنتَ على  ما يُرام وضعتُ يدي على فمي وقلتُ يجب أن أدخّن وأشربُ الكحولَ لكي أُسيطر على قوايَ العقليّة، قمتُ بتشغيلِ الموسيقى من جديد وعندما قمت بالتّدخين أوّل سجارتي خرجتْ فتاة من داخلي وصرخت بوجهي وقالت لي سئمتُ منك أيتها القبيحة قمت بشنقي حتى الموت حتى انتهيت وفي اليوم التّالي وجدتُ نفسي مُقيّدة على سريرٍ، مرتدية ملابسٍ بيضاء متألّمة ،أُريد أن أخرج، لكنّني كنتُ عاجزةً قبل أخذي إلى قسمِ المرضى نفسيًّا ،رأيتُ عائلتي وقلتُ لهم :أنّني لستُ مجنونةٍ ،إنّني بخير، وقلتُ لأمّي: هل تتذكري عندما قرّرتِ قتلي وفررتُ منكِ وأخذتُ أضحكُ، وأمي كانت تبكي، رحلوا عني وقلتُ للطبيبِ عن الذي جرى لي قبل أن أدخلُ هذا المكان، قال لي: إنّ هذا من خيالِكِ، لقد كنتِ مُقيّدة بغرفتكِ واضعةً على جسدكِ أسلاكٌُ الكهرباءِ وقامَ بتعذيبي قلتُ يكفي، ولم يكن صوتي مسموعًا، حتى تمّ نقلي إلى الغرفة التي كنتُ مُقيّدة كالسّجينةِ أنظرُ إلى السماءِ، أنتظرُ التحريرَ من هذا العذاب بقيتُ في المَصحّ العقليّ ستّةِ سنواتٍ من العذابِ والألمِ، وفي بدايةِ شهرِ أغسطس تظاهرتُ بأنّني بخير،وأخبرني الطّبيبُ اختباراتٍ عديدةٍ، وبالصدفة نجحتُ بها ،وفي الخامسةِ عشرَ من أغسطس تمّ تحريري من هذا العناء، وأتتْ عائلتي لأخذي كانوا فرحين برؤيتي على ما يُرام ،عندما عُدنا إلى البيتِ تصرّفتُ أنّني على ما يُرام لمدّة شهرًا كاملًا، ثم هجرتُ بيتي ورحلتُ إلى تلك البناية وقلتُ أن كان يدعي ذلك الأحمق أنني كنت أكذب لنرى من الكاذب الآن قبل أن أقتلُ نفسي، كتبتُ على حائطِ الغرفةِ أنّني نادمة على ما فعلتهُ، وقبل أن أضع رأسي بحبلِ المشنقةِ أخذتُ أبكي وأضحكُ بنفس الوقت ثم قلت يكفي وكانت كلمة يكفي آخر كلمة نطقُها لساني..

إقرأ أيضا:رائحة بارود، بقلم :الكاتب: محمد أبو الهيجاء’ قصة قصيرة

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
“بَوْح” بقلم هشام يوسف الرّواشدة (خاطِرة)
التالي
” أكتبُ لكِ يا نبض ” بقلم آلاء ياسر (رسالة قصيرة)

اترك تعليقاً