مقالات ونصوص متنوعة

رائحة بارود، بقلم :الكاتب: محمد أبو الهيجاء’ قصة قصيرة

خراب الحلقة الثانية:
 الوجع الساكن في قلبي يجبرني على صنع تلك الأبتسامات البلاستيكية على وجعي اللعين .. بارود , هي رائحة عطري , تلك الرائحة التي تملئ عنقي .. بارود وبارود ثم ياسمين .. رائحة الياسمين المنبعثة من حاراتنا القديمه جعلتني أسكن في لامبالاة الحياة .. ثلاث و عشرون عاماً من الهناء و البناء .. هل أنت قريباً مني حقاً يا الله ؟ نعم لولا قُربك لما كان هذا العقل يحتمل تلك الصدمات المتكررة , ما كان هذا الجسد يحتمل تلك الصفعات المنهالة عليه , لكنها تؤلمني يا الله .. شتاء غريب على هذا الوطن المبعثر .. شتاء قد تشققت غيومه لتلتهم الرصاصات قطرات الماء المجتمعة في سمائها لتهطل علينا زخات من رصاص ملتهب يحرق أجسادنا .. ملايين الرصاصات التي أخترقت الغيوم و الهواء و أجساد البشر و الأطفال , ملايين الرصاصات التي أحدثت خراباً لا يُصلحه أحد , لا رجوع في الموت , و البناء الذي قد أصبح رُكام , لن يعود بتلك التفاصيل التي قد أعتدتُ أن أراه بها .. ملايين الرصاصات التي هطلت علينا , نجد أنفسنا عالقين في دائرة الجمود , أين المفر ..؟ ثلاث و عشرون عاماً من التفاصيل و الأحلام كان خرابهم رصاصة تحمل ملغرامات من البارود إخترقت جسدي لتعبر بجانب القلب و الرئتين تلامس الشرايين ولا تُحدث خرابها إلا في عامودي الذي فقد إستقامتهُ فألقى بي عاجزاً على كرسي بأقدام دائرية الشكل تحتاج أقداماً لتسير .. كم يمكتُ هذا الألم بداخلي ؟ كيف لكِ أن تمرين بجانب القلب ولا تصيبيه بأي كارثه تفقديه الصراخ ..؟ كيف لكِ أن تلامسي رئتين وتعبري بسلام دون أن يتوقف الشهيق و الزفير عن الوصول للشائ و الرجوع لمنتف البحر , أبقيتني على مد الشائء غريق .. عاجزاً اليوم على كرسي حديدي متحرك أشعر ببرودته على أطرافي , يصنعُ علاماته الدائعمة على جثتي الهامدة .. عاجزاً أمام كنيسة مسلمة تطرق أجراس ماَذنها و تُكبر الله , يأم بالصلاة قس يحفظ القراَن الكريم ينادي شيخاً إجتمعو .. اليوم يا وطني الجميع هنا .. الجميع أمام رصاصة إخترقت أجسادهم أحدثت خرابناً أوقفتهم عن الحياة .. أيتاماً يصرخون , أباءاً يُنادون , أمهات تبكي وجع الرحيل , وانا هنا أنظر لصورة لي في الماضي تحمل ما يكفي من أحلام كانت تصنع عالماً كاملاً مليء بالسعادة واليوم أجلس على هذا المقعد أراقب تلك الاحلام تسقط أمامي دون أي حراك .. رصاصة و القليل من البارود .. إستنشقوا البارود من عنقي و لتجلسوا جانبي نلعن حرباً أماتت خراب..

Leave your vote

Comments

0 comments

السابق
حكاية ميت، بقلم : وعد كامل إبراهيم ” قصة قصيرة “
التالي
هلوسة عاشق، بقلم: عبد الكريم زيدان

اترك تعليقاً